رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على الذين يتعرضون لما قاله الرئيس، عن أن آخر محاولة جادة للإصلاح الاقتصادى جرت عام 1077، أن ينتبهوا، إلى أن المتبقى فى أذهان عامة المصريين، عن تلك المحاولة، يقتضى الحذر الشديد، إذا ما قررنا إتخاذ خطوة مماثلة لها هذه الأيام.

ففى ذلك العام، كان الرئيس السادات قد قرر أن يبدأ طريق إصلاح اقتصاد البلد، وكانت مبادئ هذا الاصلاح تقول إن اقتصاد البلد الذى تباع فيه السلعة، بأقل من سعرها، هو اقتصاد مريض، ولابد بالتالى من علاجه.

وكان أن بدأ السادات، اعطاء الدواء للناس، دون أن ينتبه هو أو ينتبه اقتصاديوه، إلى أن للمسألة وجهًا آخر بالضرورة.

هذا الوجه الآخر، هو أن الحكومة.. أى حكومة.. إذا كان من حقها، بل من واجبها أن تصلح اقتصادها، أولاً بأول، وألا تتركه بمرضه..فمن الواجب عليها، فى الوقت نفسه أن تصل بمستويات دخول مواطنيها، إلى درجة يستطيعون معها أن يتحملوا شراء السلعة، أو قبول أداء الخدمة، على يد الحكومة، بسعرها الحقيقى.. أو بسعر قريب من سعرها الحقيقى.

إننا كثيرًا ما ندخل فى مقارنات بيننا هنا وبين دول أخرى، تباع فيها السلعة الفلانية، بسعر أكبر بكثير من مثيله عندنا، أو تؤدى فيها أجهزة الحكومة، الخدمات المختلفة للمواطنين، بمقابل أعلى بكثير أيضًا، مما هو حاصل لدينا!

وننسى دائمًا، ونحن ننهمك فى مقارنة كهذه، أن للمقارنة ذاتها وجهًا آخر، هو أن هؤلاء المواطنين، فى تلك الدول، يحصلون على دخول يستطيعون بها الحصول على السلعة أو الخدمة بسعرها الطبيعى، وأن واجب حكوماتنا المتتالية، هى أن ترى الصورة من الزاويتين، وألا ترى واحدة، ثم تتغافل عن الأخرى.

وهى إذا رأت الزاويتين معًا ثم توقفت عند الثانية منهما تحديدًا، فسوف يكون عليها أن تضع برنامجين للاصلاح لا برنامجًا واحدًا.

سوف يكون من حقها أن تضع برنامجًا يضمن بيع السلعة، أو الخدمة، بسرعها الحقيقى، لأن عدم بيعها بهذا السعر، يهدر مالاً عامًا كثيرًا.. وهذا حق.

وسوف يكون من واجبها، فى المقابل أن تضع برنامجًا يتوازى مع الأول، تضمن به لكل مواطن، أن يتحسن دخله تدريجيًا.. بحيث ينتقل من عام لعام، وقد شعر بأن تحسنًا من نوع ما، قد طرأ على دخله، وأنه فى نهاية برنامج الاصلاح الموضوع، سوف يكون فى إمكانه أن يحصل على سلع الحكومة وخدماتها بسعرها الطبيعى، ليمتنع الوسطاء عندئذ بجد، عن أن يكونوا حلقة بين الحكومة، وبين مواطنيها، وعن أن يكونوا كالفطر الذى يتغذى على طعام آخرين!

ولن يكون فى مقدور الحكومة.. أى حكومة أيضًا.. أن تنجح فى تنفيذ البرنامج الثانى الموازى، إلا إذا أيقنت، أن الأعباء لا يجوز أن يتحملها المواطن محدود الدخل وحده، وأن أعباء الاصلاح لابد أن تتوزع على كافة أفراد المجتمع.. أثرياؤه ومسئولوه.. قبل فقرائه، ومعدميه، ومتوسطى الحال فيه.. وعندها.. عندها فقط.. سوف يكون للإصلاح الذى تحدث عنه الرئيس، أن يصل إلى غايته دون مطبات تفاجئه فى الطريق.