رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

شيئان بارزان كشف عنهما مسلسل «جراند أوتيل»، الذى حظى فى رمضان هذا العام بمتابعة كبيرة واحتفاء إعلامى بالغ، مازال صداه قائما على شبكات التواصل الاجتماعى حتى الآن. الأول ترسيخه لفكرة العمل الجماعى والبطولة الجماعية، لفريق بارع من الممثلين الماهرين، كان كل منهم بطلا ونجما، أيا كان حجم الدور الذى قام به، ومساحته، وهى واحدة من القيم التى بتنا نفتقدها فى كافة مناحى الحياة، فى السياسة والاقتصاد والإدارة، وأضاع غيابها علينا كشعب ووطن ودولة أفرادا وجماعات، فرصا كثيرة، لتحسين أحوالنا.

أما الشىء الثانى، فهو تأكيده أن مصر مليئة بالمواهب المتنوعة فى كافة المجالات الفنية، ليس فى التمثيل والإخراج والكتابة فحسب، بل أيضا فى الديكور والإضاءة والملابس، والتصوير وغيرها من العناصر الفنية. وهاتان القيمتان الباهرتان تحفظان للدراما التليفزيونية تألقها وحيوتها، وتصدان عنها نزعات الاستسهال والتكرار والتفاهة.

كانت الفنانة أنوشكا بحق هى مفاجأة هذا المسلسل، إذ قدمت دور قسمت هانم صاحبة الفندق، بأناقة ورشاقة وشموخ وذوق رفيع، وهو واحد من أجمل أدوارها، وأكثرها اتقانا وتألقا وإبداعا، سواء فى الأداء الحركى أو الصوتى، أو فى لحظات الصمت الموحية، ونظرات العينين الغاضبة والفرحة واللامبالية، وإشارات اليدين الرافضة والمتكبرة والمنادية، يذكرنا بأسلوب أداء كبار نجمات السينما العالمية فى خمسينيات وستينيات القرن العشرين.

وقسمت هانم –أنوشكا- هى امرأة مهزومة تأبى الاعتراف بالهزيمة، بعدما اكتشفت أنها بدافع من الحب تنازلت عن ثروتها لزوجها، الذى لم يتورع عن منحها قبل موته لابنه من زواج سرى، برئيسة طاقم العمل فى الفندق. لم تترك قسمت هانم نفسها لمشاعر خيبة الأمل، والإحساس بالغبن. قررت أن تنتقم بطريقتها الخاصة. خزنت أحزانها فى أعماق مهجورة من نفسها لا تفصح عنها، سوى فى لحظات المكاشفة مع ابنتيها اللتين تشبه إحداهما الأم، فتقودها رغبة دائمة فى تحقيق ما تشاء بكل السبل، حتى لو كان عدوانا على حقوق آخرين، وتشبه الثانية الأب، الذى أضفى حنانه وعونه على كل من كان يحتاج إليه. ولأن الفتاتين لا تملكان تفسيرا لسلوك أمهما العدوانى والمتعالى والشرير الذى تسعى به الأم لترميم كرامتها المجروحة، والمحافظة على ثروتها المسلوبة، واسترداد أمومتها المعتدى عليها بمحبة ابنتها لزوجة أبيها التى دأبت على منادتها بكلمة «ماما» فقد ظلتا تحملان الأم كل الخيبات أو الفشل الذى لحق بحياة كل منهما.

مدرسة فى الأداء التمثيلى، قدمتها أنوشكا فى هذا الدور الخلاب، ساعدها على ذلك، العناية الفائقة التى أولتها لأدق التفاصيل، بالتكوين الشكلى للشخصية وملابسها وإكسسوارها، والتحكم بمنتهى اليسر والرشاقة فى قسمات الوجه، وحركة الجسد التى كانت إطلالتها تشكل فى كثير من المشاهد لوحات تشكيلية بديعة، غاية فى الإيحاء والجمال، ما دفع المشاهد فى كثير من الأحيان أن يتغاضى عن الشر الذى غلف نزوعها للملمة بقايا حياتها، وتضميد جروح نفسها المنكسرة، وتعاطف معها، ربما لأنها لم تحقق أيا من الهدفين، بل خسرت فى النهاية كل شىء.

حين سئلت أنوشكا عن معنى اسمها، قالت إنه يعنى باللغة الأرمينية الشىء المسكر، ويعنى باللغة الهيروغليفية، منبع الحياة فى مدينة الشمس، ولا تبعد عن تلك المعانى، موهبتها الفنية الحافلة بالتنوع، والطاغية الحضور.