رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

«نبل الغاية لا يبرر سوء الإدارة».. هذه هى النتيجة التى يمكن أن يخرج بها قارئ هذه السطور، وهى تعبر عن اجتهاد أتمنى أن يكون حظى منه أجرًا واحدًا وليس أجرين.. ذلك أن المتتبع لما يجرى على الساحة المصرية الآن من محاولات للقفز من أجل تحقيق حلم النهضة يلمس أن هناك بعض ما يمكن وصفه بالتخبطات التى قد تؤخر ولا تقدم، وقد تعيق لا أن تمهد الطريق أمام النجاح.. الأمثلة على ذلك عديدة، والمشكلة فى التعرض لها صعوبة تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود فى تحديد الموقف منها، ذلك أنها فى المطلق تعكس خير كل الخير.. وقد تمسك بخناق كل من يحاول أن يقول لك بغير ذلك حتى لو بدا لك صدقه وسلامة منطقه.. غير أن التأنى فى النظرة فى سياق الظروف العامة التى نمر بها تجعلك تتريث وتقرر أن الأمر يستحق بحق التفكير.

وحتى لا نتوه فى زحمة هذا التمهيد الذى قد يبدو طويلاً بعض الشىء أقول لك دعك من مشروع قناة السويس الجديدة الذى اختلفت فيه المشارب وتعددت وأضرب لك مثلاً بمشروع الإسكان الاجتماعى.. الذى لا يمكن سوى لجاحد سوى أن ينكر أنه يشهد طفرة لم تشهدها مصر على مدى عقود إن لم يكن على مدار تاريخها.. بلغة الأرقام فإن حجم المستهدف خلال عام من الآن يقدر بنحو 600 ألف وحدة سكنية تغطى تقريباً كل طلبات المتقدمين، وهو عدد ضخم بكل المقاييس، وحسب البيانات الرسمية فإن تكلفة الوحدة تقدر بنحو 154 ألف جنيه، أى أن إجمالى تكلفة المشروع حوالى 90 مليار جنيه، وهو رقم من عندياتى وليس اعتماداً على بيانات رسمية.

يأتى إنفاق هذا المبلغ فى الوقت الذى تعانى مصر فيه من أزمة اقتصادية طاحنة على خلفية تراجع مواردها المالية الأساسية ممثلة فى السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج وثبات عائد القناة تقريباً.. ويمكن إدراك حيوية هذا المبلغ إذا علمنا أنه يمثل حوالى 9 مليارات دولار بما يقترب من الرقم الذى تحاول مصر الحصول عليه من صندوق النقد بشروط صعبة.. ويعنى ذلك فى النهاية توجيه مصدر مالى بالغ الضخامة للإنفاق على مشروع خدمى لن يتيسر استخدامه من قبل منتفعيه سوى بعد أكثر من خمس سنوات من تسليمه، الأمر الذى يمثل فى التحليل النهائى استنزافًا وتجميدًا لمورد مالى كان يمكن توجيهه لمجال آخر أكثر نفعية عملاً بمنطق فقه الأولويات.

فى مقولة التجميد نعتمد على فرضية أن أغلب الحاجزين يلجأون إلى ما يسمى فى سوق العقارات بالتسقيع او الاتجار، وهى الظاهرة التى لا تقتصر ممارستها على الأفراد وإنما تمتد إلى الشركات بل وإلى الدولة.

من ناحية أخرى فإن المتأمل لوضع الإسكان وخاصة فى المدن الجديدة يمكن له أن يدرك ضخامة عدد الوحدات الخالية التى يمكن من خلال البحث عن طرق لشغلها أن تمثل بديلاً يوفر تلك المليارات المنفقة على مشروع الإسكان الاجتماعى.. إننى واحد من الناس أقيم فى واحد من أقدم الأحياء بمدينة أكتوبر ورغم ذلك فقد واجهنا مشكلة كبرى مثلاً فى إدخال الغاز للمنطقة على أساس أن عدد السكان غير كاف رغم أن قطع الأراضى بالحى كلها مبنية لا يسكن أغلبها سوى الفراغ!

هل هى الرغبة فى تسويق فكرة الإنجاز على حساب الجوهر؟.. هل هى الرغبة فى دغدغة مشاعر الجماهير فى مجال يداعب أحلامهم؟.. أياً كان الأمر.. فالقضية فى مجملها – فى تصورى – تستحق إعادة نظر!

[email protected]