رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

ما الذي يقصده الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، وهو يقول إن فقراء كل منطقة، أمانة في رقاب أهلها؟!

إنني للوهلة الأولي لم أصدق أن الوزير قال هذا الكلام، في خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان، التي ألقاها في مسجد الحسين، ولكني رجعت إلي المنشور عنها في مختلف الصحف، فوجدت أنه قالها، وأن المعني الذي صدر عنه، في كل الأحوال، معني  واحد!

المعني في حد ذاته جميل بالطبع، لأنه لا خلاف علي أن القادرين من أبناء أي منطقة في أي بلد، عليهم دور اجتماعي  مهم، لابد أن يمارسوه حولهم.. غير أن هذا شيء.. وكون أن يصبح الفقراء، في كل منطقة، أمانة في رقاب أهلها وحدهم، شيء آخر تماماً!

لقد ألقي الوزير خطبته، ثم قال فيها عبارته في حضور رئيس الوزراء المهندس شريف اسماعيل بما يعني أن الدولة كانت حاضرة في صورته، وبما يجعلنا نقول إن إعفاء الدولة، من المسئولية عن الفقراء، علي لسان وزير الأوقاف، وفي حضور  رئيس الحكومة  نفسه، أمر لا يجوز!

الأغنياء، والقادرون، والأثرياء، كلهم.. كلهم.. مسئولون بشكل، أو بآخر،  عن محو الفقر، أو تخفيفه علي الأقل، في محيط كل واحد فيهم، ولكن مثل هذه المسئولية من جانب كل قادر فيهم، تبقي مسئولية أقل بكثير من مسئولية الدولة ذاتها، كما أن مسئولية القادر في مجتمعه، تظل مسألة اختيارية، وتطوعية.. إذ من الجائز أن يمارسها، ومن الجائز في المقابل، ألا يفعل ذلك، وإذا لم يفعلها، فهو حر، لأن حسابه عند الله، عن نصيب الفقراء في ماله ولأنه لا أحد يملك أن يحاسبه في الدنيا، عن أنه تصدق ـ مثلاً ـ أو لم يتصدق..أو عن انه أخرج زكاة ماله، أو لم يخرجها.. أو انه أعطي من فلوسه، أو انه امتنع وأمسك.. وهكذا.. وهكذا.

أما مسئولية الدولة، عن الفقر فيها وعن فقرائها، فهي اجبارية، لأنها دولة أولاً، ولأن طرفاً سواها علي أرضها ليس مطلوباً منه أن يقوم بدورها هي!

لا تستطيع الدولة.. أي دولة.. أن  تتخلي عن مسئوليتها عن فقرائها، ولا يمكن أن نتصور أنها سوف يأتي عليها يوم، نقول فيه ـ ما قاله الوزير، عن أن فقراء كل منطقة أمانة في رقاب أهلها.. لا يمكن. لأن السؤال في هذه الحالة هو: وأين الدولة، إذن، وأين مسئوليتها؟ وما الذي سوف تقوم به، إزاء فقرائها، إذا جاز لها أن تتركهم لأهل كل منطقة!!

«الدولة» هنا تعبير مجازي يشار به إلي السلطة عموماً، لأن الصحيح أن نتكلم عن «الحكومة» إذا أردنا تحديد المسئولية بدقة ولأن الدولة في العلوم السياسية التي تتحدث عن  نشأة الدولة، هي عبارة عن أرض، وعن شعب، وعن سلطة تمارس واجبها فوق الأرض، وأمام الشعب!

وواجب الدولة، إذا فهمنا كلمة الدولة علي أنها السلطة الحاكمة، أو الحكومة، هو أن تأخذ هي من قادريها، ومن أغنيائها، وأثريائها، لتعطي فقراءها، بشرط أن تكون، وهي تأخذ منهم، تطبق قانوناً عادلاً، لا جائراً، ولا ظالماً وبلا شبهة انتقام فيه.. فالثروة في حد ذاتها، ليست تهمة في حق صاحبها مهما كان حجمها، ولكن التهمة أن تكون عندك ثروة، ثم لا تؤدي حق الدولة فيها، وليس حق الدولة إلا ضرائب مستحقة ينظمها القانون، وتذهب إلي الفقراء، عبر أكثر من قناة، وأكثر من طريق!

الفقراء يا دكتور جمعة، ليسوا أمانة في رقاب أهل منطقتهم.. إنهم أمانة في رقبة الدولة.. والدولة وحدها!