رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وصل الأمر فى ملف الخدمات العامة الأساسية، التى لا بديل عن أن تقدمها الدولة لرعاياها، بمستوى آدمى يليق بهم، إلى حد انشغالها فيه بالشكل دون الموضوع!

البداية كانت عندما عقدت مؤسسة حماية الدستور، التى يرأسها عمرو موسى، اجتماعها الثانى، هذا الشهر، ثم صدر عن المؤسسة ما يفيد، وبوضح، أن قلقاً عميقاً يساور أعضاءها، ورئيسها، لأن هناك مؤشرات على تجاوز مواد فى الدستور، وعدم تطبيقها كما يجب، أو تجاهلها، وكأنها غير موجودة!

وأعتقد أن موسى لو سُئل فسوف يحصى مادة، وراء مادة، يراها واجبة التطبيق فى دستورنا الذى يساوره القلق عليه، غير أنه سوف يخص مادة التعليم، والصحة، والبحث العلمى، بالقلق الأكبر!

ومبعث قلقه، الذى لابد أن يكون مبعث قلق الجميع، أن مادة بعينها فى الدستور تلزم الحكومة بأن تخصص «10%» من إجمالى الناتج القومى، للإنفاق على صحة الناس، وتعليمهم وبحثهم العلمى.. وحين توضع مادة بهذا الوضوح وحين يكون إقرارها، مع غيرها من المواد، فى يناير 2014، بإقبال فاق الـ90% من الذين كانوا مدعوين يومه للتصويت على الدستور، فليس لهذا من معنى، سوى أن عدم الأخذ بهذه المادة تحديداً، وعدم ترجمتها إلى واقع حى فى حياة الناس، ينطوى على كثير من عدم الاحترام لإرادة الشعب الذى أقر دستوره بعد ثورتين!

لا يقول عمرو موسى شيئاً، ولا تقول مؤسسته التى لابد أن يدعمها كل واحد منا، شيئاً، سوى أن الدساتير توضع، ليؤخذ بها، وسوى أن مادة التعليم، والصحة، والبحث العلمى، بالذات، تخاطب المستقبل، وتسعى نحوه، أكثر مما تخاطب وتسعى نحو أى شىء آخر!

وعندما يصادر الذين يعنيهم الأمر، فى الحكومة، وفى البرلمان، على مادة كهذه على وجه التحديد، عند أول اختبار للأخذ بالدستور ففى هذا مصادرة على المستقبل أكثر منه مصادرة لأى شىء سواه!

وأرجو ألا يؤخذ تحذير موسى، من عواقب عدم تطبيق هذه المادة، كما جاءت فى دستورنا، على أنه نوع من المشاغبة غير المحتملة منه، للحكومة، أو حتى للدولة كلها، فى وقت قد يراه مسئولون أنه لا يحتمل مشاغبات من هذا النوع.. أرجو هذا، وأتمناه.. لأن الحكاية من جانب مؤسسة حماية الدستور، ليست مجرد مشاغبة ولا حتى مجرد رغبة فى المشاغبة، ولا يحزنون، وإنما هى فى تقديرى، رغبة أصيلة فى التأسيس لدولة دستورية.. دولة تذهب إلى ما ينص عليه دستورها من أقصر طريق.. دولة تريد أن تكون مختلفة عن كل ما سبق الثورتين.. دولة إذا جاءت سيرة الدستور أمامها، فى أي ملف عام، انتبهت، ووقفت، وقالت بلا تردد: تعظيم سلام.

وقد كنت أتصور، أن هذا القلق المعلن، من مؤسسة حماية الدستور سوف يكون له رصيده المعتبر، إذا ما جاء البرلمان ليناقش مشروع الموازنة العامة للدولة الذى تقدمت به الحكومة إليه، دون اعتبار فيه من جانبها لمادة الصحة، والبحث العلمى، والتعليم.. وكنت أتخيل، أن البرلمان كله سوف ينتفض، وسوف يرد مشروع الموازنة إلى الحكومة، وسوف يطلب منها احترم الدستور بجميع مواده، دون استثناء، لأن موضوع احترام الدستور أمر لا مساومة فيه!

كنت أتصور هذا، وأتخيله وأتوقعه، ولكن ما جرى على أرض الواقع، كان مخيباً لكل آمال!

لقد انشغلوا فيه، بما إذا كانت مادة الدستور هذه، نقصد 10% من الدخل القومى، أم من الدخل المحلى؟!.. ثم انشغلوا بالتفرقة بينهما، من حيث المعنى، ثم انشغلوا ثالثاً بالتأكيد على أن دولاً كثيرة فى العالم، تأخذ فى مثل هذه الحالات، بالدخل المحلى، لا القومى وهكذا.. وهكذا!

فما المعنى؟!.. المعنى أننا فى الحكومة، وفى البرلمان، وفى غيرهما، نفتش عن أى تفسير يُعفينا من الإنفاق الواجب، على صحة المواطن، وتعليمه، أو بحثه العلمى.. أما الباقى فأنت تعرفه. وأما عواقب عدم الإنفاق الكافى، من قبل، فى هذه الميادين الثلاثة، دون غيرها، فأنت تراها فى كل ركن من أركان هذا البلد!.