رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

غداً.. سوف تقرر بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبى، أو البقاء فيه.. وسوف يكون القرار من خلال استفتاء يشارك فيه كل بريطانى. وسوف يخضع رئيس الحكومة ديفيد كاميرون لرأى الغالبية، الذى سوف يمثل، عند إعلانه، نصف عدد البريطانيين زائد واحد!

يحدث هذا، رغم أن لندن تستمتع بمكان خاص جداً، بين  عواصم الاتحاد الثمانى والعشرين.. فالعاصمة البريطانية لاتزال لها تأشيرتها الخاصة.. ولا يمكن دخولها بتأشيرة «الشينجن» الشهيرة، التى يمكنك بها دخول 27 دولة، من دول الاتحاد، إلا بريطانيا تصمم منذ البداية على أن تكون لها تأشيرتها التى تخصها، وهى لم تحتفظ بتأشيرتها فقط، ولكنها أيضاً احتفظت بعملتها الوطنية، فلايزال كل زائر الى بريطانيا، يتعامل بالجنيه الإسترلينى، لا باليورو، الذى يجرى التعامل به فى 27 بلداً من بلاد الاتحاد.. إلا بريطانيا!

ولاتزال بريطانيا بالتالى، خارج منطقة اليورو التى نشأت داخل الاتحاد، والتى تضم الى الآن 16 دولة!

ولكن هذا  كله لم يكن كافياً، فيما يبدو، لإرضاء طموحات الإنجليز، بما أدى الى أن تدعو الحكومة الى استفتاء، يقرر فيه البريطانيون بأنفسهم، الخروج من الاتحاد، أو البقاء فيه.

ولو أنت كنت فى لندن، فسوف ترى إلى أى حد انشغل البريطانيون بهذه القضية، دون غيرها، حتى ملأت عليهم دنياهم، وحتى تكاد تظن وأنت تتابع انشغالهم بها، أنه لا قضية أخرى فى الدنيا، هذه الأيام، سوى مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، أو استكمال الطريق معه، ومن داخله، نحو المستقبل!

وقد بلغ الحماس للقضية، الى حد أن مجهولاً أطلق الرصاص قبل يومين، على سيدة من السيدات الأعضاء فى البرلمان الإنجليزى، فأرداها قتيلة فى مكانها، وعندما نشطت الشرطة فى مكان الحادث، وتمكنت من القبض على المتهم وجاءت به الى المحكمة، فإنه صاح فى وجه المحققين وقال: الموت للخونة.. والحرية لبريطانيا!

وكانت النائبة القتيلة من أنصار بقاء بلادها فى الاتحاد الأوروبى، بما يعنى أن القاتل ضد بقاء بلاده فى الاتحاد الأوروبى، وبما يعنى أنه ليس فقط ضد بقاء البلاد، فى الاتحاد، ولكنه يرى كل مؤيد للبقاء، على أنه خائن، وعلى أنه يستحق الموت!

وفى كل يوم تقريباً، يخرج استطلاع جديد، عن قياسات الرأى العام فى بريطانيا، وعما يموج به هذا الرأى العام، من تيارات، وأفكار، ورؤى، ووجهات نظر.

ولا تكاد استطلاعات الرأى، من حيث نتائجها، تستقر على حال.. ففى يوم يأتى فيها أن الغالبية مع بقاء البلاد فى الاتحاد، وفى يوم آخر يأتى العكس.. وفى يوم ثالث تعود مؤشرات النتيجة الى المربع الأول.. وهكذا وهكذا!

ولأن الأمر على هذا النحو، فإن كاميرون قد رهن بقاءه رئيساً للحكومة على مجىء نتيجة الاستفتاء، مؤيدة لرغبته فى البقاء ضمن دول الاتحاد.. وهو لم يرهن بقاءه رئيساً للحكومة على هذا.. ثم يكتفى بذلك، ويسكت، ولكنه راح يجند كل الذين يستطيع تجنيدهم فى سبل الدعاية لتحقيق رغبته، وفى سبيل دعمها، ومساندتها، والترويج لها فى الشارع البريطانى!

وكان تونى بلير.. وجون ميجور، باعتبارهما رئيسين سابقين للحكومة، من بين الذين جندهم كاميرون، فنشط الاثنان، بين قطاعات الرأى، وراح كل واحد منهما يدعو كل بريطانى، الى أن يُصوت لصالح البقاء، وضد الخروج، وفى كل وقت، كانت مبررات البقاء مذكورة، وكان كل رئيس وزراء سابق منهما، يحاول إقناع الرأى العام البريطانى، فى عمومه بأن البقاء فيه مزايا للبلاد، وأن المزايا كذا.. وكذا.. وأن الخروج سوف يضرها وأن الأضرار كيت.. وكيت!

هذه بلاد حية، والذين يعيشون فيها أحياء!