رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

هل يكفى أن يعلن «راشد الغنوشى»، زعيم حركة النهضة فى تونس عن تقسيم الحركة إلى قسمين، أحدهما دعوى والآخر سياسى، كى نصدق أن حركة النهضة الإسلامية، باتت حزباً سياسياً مدنياً، كما هو الحال فى الأحزاب الديمقراطية المسيحية فى الدول الأوروبية؟ ألم يقل حلفاؤه فى جماعة الإخوان بمصر ما يشبه ذلك، وأنشأوا حزب الحرية والعدالة، وحين تولوا السلطة، أقصى مكتب الإرشاد الحزب والرئيس والوزارة والشعب وركنهم على الرف، وبات يتحكم فى كل صغيرة وكبيرة فى البلاد؟ أليس حليفه التركى رجب طيب أردوغان من كان يتباهى بعلمانية حزبه الحاكم العدالة والتنمية، وهو يمحو على المستوى التشريعى والمجتمعى والدستورى، الهوية الثقافية والوطنية التركية التى سادت منذ عام 1924، لينصب نفسه ديكتاتوراً؟ وهل يكفى أن يقول الغنوشى إن مصطلح الإسلام السياسى فضفاض وعائم ولا قيمة له، وإن حزبه اختار أن يعمل للمستقبل الذى لا يمكن الخلط فيه بين السياسة والدين، لكى نصدق أن ذلك هو ما سوف يحدث؟

لقد حكم الغنوشى ووزراء حزبه تونس على امتداد عامين ضمن ائتلاف حاكم، فى أعقاب سقوط «بن على» فشكل حكمهم أرضية خصبة لتصاعد التطرف الدينى والعنف والإرهاب، بعدما استولوا على المنابر الإعلامية والثقافية والتعليمية، وفتحوا الحدود لتدفق الأسلحة والإرهابيين من ليبيا، وإقامة معسكرات تدريب للتجنيد لداعش، لتصبح تونس أكبر دولة فى المنطقة تمد هذا التنظيم الإرهابى بشباب تم التغرير به، بزعم الجهاد فى سبيل الله. كما انتشرت فى كل مكان الميليشيات المسلحة خارج إطار الدولة والقانون، وتصاعدت أثناء العامين حوادث الاغتيال السياسى، التى طالت قادة أحزاب معارضين لحكم النهضة وسياساتها، ومسئولين عسكريين وأمنيين، وحوادث قتل غامضة لنساء وفتيات، فضلاً عن التفجيرات التى عطلت النشاط السياحى وطويلاً، ورفعت من نسبة العاطلين عن العمل.

وفضلاً عن العقلية البراجماتية للإخوان، فقد أحنى الغنوشى رأسه لعاصفة عاتية، تمثلت فى خسارة حركة النهضة لغالبيتها فى الانتخابات الأخيرة، وازدياد المعارضة المدنية فى الداخل التونسى الرافضة للأحزاب الدينية، التى يحظر نشاطها الدستور الذى أجازوه قبل عامين، بالإضافة للرفض الشعبى العارم وسط التونسيين للإسلام السياسى، الذى فشل بكل فصائله فى تقديم نموذج حكم واحد لا يخاصم فيه الدين الأسس العصرية لبناء المجتمعات، بل يتكامل معها بما يضمن نهوضها وتقدمها وتطورها، وسقوط حكم الجماعة الأم المدوى فى مصر، وبروز نقد خليجى مؤثر ضد جماعة الإخوان، وتنصل حليفه السودانى من انتمائه للجماعة ولتنظيمها الدولى، وإقصائه لرموز قادتها من المشاركة فى السلطة فى السودان، والوفاة المفاجئة لأستاذه وصديقه الحميم أحد المنظرين الكبار لحركة الإسلام السياسى الدكتور حسن الترابى.

الغنوشى - 75عاماً - بخطابه الجديد، يسعى لبناء قاعدة سياسية واسعة للحركة لا تعتمد فقط على الإسلاميين، لضمان أغلبية مريحة، تقوده بثبات للعودة إلى السلطة، بحيل تصطنع الحكمة وتتجمل بالتعقل دون أى اجتهاد فقهى، ودون إعلان تخليه عن عضوية مكتب إرشاد التنظيم الدولى للإخوان، والابقاء على المكانة التى يحظى بها التنظيم السرى للحركة، ولمن ليس لديه عقل عليه أن يصدق أن حركة النهضة غدت حزباً علمانياً؟!