عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

عشت فى الإمارات نحو عشر سنوات لم أعرف خلالها الطريق إلى قسم الشرطة، رغم أن سكنى كان يطل عليه وكنت أتريض يوميًا حوله.. المرة الوحيدة التى قادتنى قدماى إليه عندما دخلت فى مشكلة مالية مع مواطن سورى، بعدها تم القبض عليه، وأودع السجن بشكل فاق تخيلى فى حسم الأمر، ووافتنى إدارة القسم بتطورات القضية ودعتنى للإدلاء بإفادتى، ولم أتمكن بعدها من متابعة الموضوع لعودتى النهائية إلى مصر التى كانت مقررة قبل حدوث المشكلة من الأصل.

فى مصر لم أعرف الطريق إلى قسم الشرطة سوى لاستخراج البطاقة الشخصية أو جواز السفر، ولكن مع تعقّد الأحوال والدخول فى معاملات مع البشر، تكررت مشكلة مماثلة لتلك التى حدثت مع المواطن السورى.. كانت دهشتى عندما حذرنى خصمى من الذهاب إلى القسم، حيث إننى لن أجنى سوى ضياع وقتى هدراً.. لم أسايره وقررت اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.. فى القسم حررت محضرًا بالواقعة مع تقديم كافة الأوراق التى تؤكد صحة أقوالى.. وبعد شهور من الأمر لم يحدث شىء.. الشىء الوحيد الذى حدث هو أننى صادفت خصمى فى طريق عام، وبدا لى وكأنه يخرج لى لسانه، ويقول: ألم أقل لك.. لن تجنى شيئًا وأرح نفسك!

نصحنى البعض بأن «أرش» فى القسم، غير أن المشكلة -بعد أن فهمت مقصدهم- أن الرش ليس من مبادئى، وحتى لو قبلت المبدأ، فإننى يجب أن أستأجر شخصًا آخر للقيام بالمهمة، لأنى بليد فيها، حتى لا يفتضح أمر «الراش والمرشوش»!

نصحنى آخرون باستئجار بلطجية لإنهاء المهمة، فذلك السبيل الأمثل للتعامل فى مثل هذه الحالات.. رغم دهشتى، فإننى أعترف بأن الاقتراح قد لقى قدرًا من الوجاهة أمامى، فهو حيلة العاجز.. غير أنه ولأننى من جيل يفترض أنه انقرض، رحت أصيح بأعلى صوتى بينى وبين نفسى بما صاح به مصطفى النحاس ذات يوم: «تقطع يدى».. وتضيع كل حقوقى ولا ألجأ إلى هذه الطريقة!

ولأن من يخاف من العفريت بيطلع له، فقد وجدت نفسى فى موقف لا أحسد إليه، فكما يسوق إليك القدر على غير ترتيب اصطدام سيارتك بأخرى فى طريقك للعمل، أو تلقى خبر إصابة أحد أبنائك وهو فى المدرسة، فقد ساق لى القدر بلطجياً بشحمه ولحمه.. بلطجياً رسمياً برخصة.. لا أدرى كيف نفذت من براثنه؟ هل هى حكمة الشيوخ رغم أننى فى عز الشباب، حيث أعيش العقد السادس من العمر!.. أم هو الجبن سيد الأخلاق؟

بعيدًا عن الجدل السائد حول قضايا الحريات، ومن يوصفون بالمعتقلين القسريين، وقضايا أخرى على هذه الشاكلة.. وبعيدًا عن كون هذه مواقف شخصية قد تكون معلومة من الحياة بالضرورة، فإن النتيجة النهائية التى يمكن التأكيد عليها هى أنه ما لم يتم التعامل الصحيح مع مثل هذه المواقف، فإن الحديث عن دولة القانون يصبح عبثًاً لا معنى له! وتلك هى المهمة الأولى التى أحسب أن وزارة الداخلية فى ثوبها الجديد.. أقصد مقرها الجديد.. تضعها نصب أعينها.

 

 

[email protected] com