رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فين؟

ربما تعرفُ «مهنة المتاعب» يا صديقى العزيز، لكن هل تعرف «مهنة القلق»؟!.. لعلك قرأت من قديم أن الصحافة هى مهنة المتاعب، وأن رجالها أكثر تعرضاً للمشكلات بسبب الجرى وراء خبر أو معلومة.. وقد يتعرض بعضهم للسجن أحياناً، للحصول على سبق صحفى، أو تحقيق استقصائى.. هذا صحيح.. لكن مهنة القلق لا تسبب أى مشكلة ولا تودى بصاحبها إلى السجن، وربما تحقق اعلى عائد مادى له!

وأريد أن أشير ايضاً إلى أنها لا تحقق اعلى ربحية فقط، ولكنها قد تحقق أعلى مكانة ايضاً.. ودعنى أتحدث مباشرة عن أكبر وظيفتين فى العالم.. الأولى وظيفة صاحبنا اللى قاعد فى البيت الأبيض.. الثانية وظيفة صاحبنا أمين عام الأمم المتحدة.. كلاهما يشعر بالقلق طوال الوقت.. ويقال إن بان كى مون أعرب عن قلقه العام الماضى فقط أكثر من 100 مرة بمعدل مرتين اسبوعياً على أحداث وخروقات دولية!

واليوم اقرأ خبراً أن أوباما يشعر بالقلق من تضييق حرية الصحافة في تركيا.. ليس عنده غير القلق.. ينسى صاحبنا الساكن فى البيت الأبيض، أن أردوغان لم يكن «يتملعن» إلا لأن أوباما «صاحبه».. ومع ذلك يحاول أوباما ان يغسل يديه قبل أن يرحل من دعم اردوغان.. مرة يتهمه بتكميم الأفواه، ومرة يتهمه بالتضييق على الحريات، لكنه يلتقيه من وقت لآخر، كأن الحكاية مجرد تصريحات صحفية والسلام!

فما الذى يعانيه الرئيس الأمريكى، أو الأمين العام للأمم المتحدة؟.. الإجابة لا شىء.. مجرد التعبير عن القلق.. مع أن صاحبنا «القلقان» على نفسه، الذى يتقاضى ملايين الدولارات، لا يتحرك لنصرة الشعوب المقهورة.. يمارس الحياة ببساطة، لا تعكس حالة القلق التى يبديها فى التصريحات.. إنما «تسجيل القلق» يعنى أنه متابع ومش نايم و«صاحى» بدليل انه يعبر عن قلقه طبعاً، فور حدوث ما يدعو للقلق!

وأقول لأوباما: على مين يا بابا؟!.. إنت فاكر قصة «إحنا دفنينه سوا»؟.. لماذا تغسل يديك الآن منه؟.. لماذا تريد أن تخرج من البيت الأبيض بطلاً؟.. ألست من دعم أردوغان والإخوان؟.. ألست من أشاع الحروب والخراب وصنع تنظيم داعش؟.. هل كنت تنتظر من أردوغان أن يحقق الديمقراطية؟.. هل كنت تنتظرها من الإخوان؟.. ألم تراهن على الخليفة أردوغان صاحبك؟.. هل كنت تنتظر السمنة من النملة مثلاً؟!

أستغرب أن أوباما يشعر بالقلق.. أندهش أن «بان كى مون» لا يزهق من بيانات القلق المتكررة.. هل موصوف له أن يقلق قبل الأكل وبعده؟.. فما علاقة القلق بحقوق البشر؟.. وما علاقته بالعدالة وحقوق الإنسان؟.. لا يصح أن يعبر الأمين العام عن الانتهاكات بالقلق؟.. قد يفعلها ساكن البيت الأبيض، ولكن كيف يستسيغها الأمين العام، الذى يدفع له العالم مرتبه بالدولار؟.. كيف ينام الرجل بعد تصريحاته؟! 

ألم أقل لكم إنها اسهل مهنة فى التاريخ؟.. ألم أقل لكم إنها تُدرّ دخلاً كبيراً، وتمنح مكانة مرموقة؟.. ما عليك إلا أن تصحو فتعبر عن القلق، وإن ضاعت الأوطان فى عهدك، مادمت قد عبرت عن قلقك.. هذه هى «مهنة القلق» لا يتعب صاحبها ولا يدخل السجن.. لكنه يخرج إلى مزبلة التاريخ، وإن حاول أن يغتسل فى مياه المحيط!

 

آخر كلام:

خدعنا أوباما حين جاء يخطب فى جامعة القاهرة.. قال كلاماً ناعماً، فصفقنا وهللنا.. تصورنا أن البيت الأبيض أصبح «بتاعنا» لأن الرئيس الأمريكى صاحب بشرة سمراء مثلنا.. تصورنا خطأ أنه هدية السماء.. تشتتنا وتشردنا فى عهده.. لكنه مازال يُعرب عن قلقه، مرة كل صباح.. وهو يواصل الخداع!