رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

سؤال حار فيه الشعب المصرى على امتداد عقود ولم يجد من ينصت له، ويطيب خاطره، ويجيب عن تساؤله. والسؤال الذى شغل  معظم  الشعوب الموصفة أوطانها بالتخلف وبغيبة قواعد الشفافية والديمقراطية عنها، كما يحير  معظم المصريين هو: ما هى المعايير التى  يضعها أولوالأمر فى بلادنا لاختيار الوزير أو المسئول فى أى موقع؟ وهل يا ترى يكفى أن يكون الوزير أوالمسئول طيب القلب  حسن المظهر، حسن السير والسلوك وموضع ثقة،كى يتقلد منصبه؟ ألم تتحمل بلادنا من الشقاء، ما ينوء بحمله الجبال، من اعتماد أولى الأمر على من هم موضع ثقة، وفقاً لتصنيفات اجهزة الأمن  فقط، فأضاعونا  وأضاعوا البلد،لأنهم  لم يكونوا أهل كفاءة وخبرة وجدارة وقدرة على تحمل المسئولية؟ ومتى نأمل أن يغدو أهل الثقة هم انفسهم أهل الخبرة والكفاءة والجدارة؟وهل آن الأوان كى  يتم التخلى عن عقلية الموظفين التى تعتمد الترقى الوظيفى  والشللية والمحسوبية معياراً لتقلد المسئولية  والمنصب  العام، ومكافأة لنهاية الخدمة؟ وهل بات من المستحيل أن نمحو روح المنافسة والفرعونية التى يبدأ بها كل مسئول ممارسة منصبه بمحو ما قام به سلفه من الوجود، بدلا من  أن يراكم فوقه؟ وهل بات التضارب فى الاختصاصات بين الوزارات وبعضها البعض، وافتقاد التنسيق فيما بينها فى قضايا تمس المصالح العامة  نموسا من نواميس تقلد المناصب العامة؟ وهل الشبوبية ميزة فى حد ذاتها للاختيار للمنصب، أم هى كذلك فى حالة اقترانها بالكفاءة والخبرة والمعرفة؟

هذه الاسئلة وغيرها ينبغى أن تكون إجابتها واضحة، على الأقل، أمام من يعكفون الآن على استعراض الأسماء المرشحة لتولى مسئوليات وزارية،ذلك أن غيبة الاجابات القاطعة عنها قد أوقعنا فى مشاكل جمة، نرجو الله أن يكون آخرها، لعبة الكراسى الموسيقية التى تم فرضها علينا فى ملف سد النهضة، بما بات ينطوى عليه هذا المف من إبهام وألغام وتلكؤ، يستهدف إضاعة الوقت، أو بمعنى أصح كسبه، كى يفرض علينا فى نهاية المطاف أمراً واقعاً، لا يأخذ بعين الاعتبار ليس فحسب مخاوف مصر  بشأن محددات أمان بناء السد، بل أيضا مطالبتها بتحديد حجم ملء السد والمدة التى ينبغى أن يستغرقها هذا الملء تجنبا للآثار البيئية والاجتماعية المتوقعة لبنائه،وتلافيا للنتائج السلبية التى يؤكدها خبراء الرى، الناجمة عن تجاهل تلك المخاوف والمطالبات، على  حصة مصر من مياه النهر التى تخضع لحماية القانون الدولى، وبينها تعميق الفجوة الغذائية بحرمان ملايين من الأفدنة المصرية من الزراعة،وعرقلة مشروعات استصلاح الأراضى التى أعلن عنها مؤخرا، والتوجه نحو تحلية مياه البحار  المرتفعة التكاليف لتلبية احتاجات القطاعات الصناعية والزراعية والمنزلية،ولمواكبة الزيادة السكانية المطردة.

ولم يعد سرا أن هذه النتيجة البائسة التى تمثلت فى فشل نحو أكثر من عشر جولات من المفاوضات،لا تعود فقط إلى تعنت الطرف الأثيوبى وإدامته لجولات التفاوض وموافقته داخل قاعات التفاوض على أن وثيقة إعلان المبادئ الثلاثية ملزمة، وتنصله من إلزامها خارجها، وتلاعب الطرف السودانى ومراوغته لأسباب عقائدية، بل أساسا لافتقاد التنسيق الواجب بين الوزارات المعنية بهذا الملف، ولضعف أداء من أوكل اليهم إدارته من موظفين غير قادرين على اتخاذ قرار دون الرجوع لمرؤسيهم، ولعدم درياتهم الكافية بما يمكن أن يمتلكه الطرف المصرى من أوراق ضغط تقوى موقفه التفاوضى، وهو ما دفعهم للاستغراق فى تفاصيل فنية جزئية بينما الواقع على الأرض يمضى على قدم وساق، ليس فقط لإكمال بناء سد النهضة، بمعدل أسرع مما نصت عليه وثيقة إعلان المبادئ التى وقعت بين مصر  وأثيوبيا والسودان  فى الخرطوم قبل عام،وتقضى بإنهاء الدراسات الفنية للمكاتب الاستشارية  حول التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المحتملة من بناء السد على دولتى المصب، والتزام أثيوبيا  بقواعد تخزين المياه التى ستوصى بها تلك الدراسات، بل بالإعلان الأثيوبى عن التوجه لبناء سدود أخرى على النيل الأزرق دون مشاورات مع شركائها فى حوض النهر.

بعد أيام تبدأ جولة جديدة للتفاوض بين الدول الثلاث فى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، حول العرض الفنى المقدم من الشركتين الفرنسيتين اللتين تم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة على قيامهما بدراسة التأثيرات المتوقعة لبناء السد على كل من مصر والسودان، ومعدلات التخزين المناسبة به،وعدد السنوات الآمنة لملئه وكيفية إدارته .ولأن الخيارات المتاحة أمام المفاوض المصرى لم تعد كبيرة، للتوصل إلى تفاهم مع أثيوبيا كى لا يؤثر بناء سد النهضة، الذى يفترض أن يكتمل العام القادم، على حصة مصر التاريخية من المياه، فقد بات من الضرورى، تشكيل وفد تفاوض جديد وموحد من مختلف الوزرات والتخصصات فى الرى والمياه والقانون الدولى شبيه بذلك الذى شكلته مصر للتفاوض من أجل استرداد طابا، لاسيما أن الطرف الأثيوبى لا يتوقف عن الحديث عن التوزيع المتساوى لا العادل لمياه النهر بين دوله المتشاطئة،والمطالبة بإعادة النظر فى الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بتقاسم المياه بزعم توقيعها فى العهود الاستعمارية، مع أن هذا الزعم مخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية،لأن اغلب اتفاقيات الحدود، وتقاسم مياه الأنهار المشتركة فى أنحاء دول العالم قد تمت فى العهود الاستعمارية، وهو مسعى للتنصل من أى احتكام للقانون الدولى أو حتى ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية الذى يبقى الحدود التى حددها المستعمرون كما هى فى دول القارة،ويتمسك بالمعاهدات التى أبرمت فى العصور الاستعمارية، وكان بينها معاهدة أديس أبابا بين دولة الاحتلال البريطانى وامبراطور أثيوبيا فى عام 1902 والتى تقضى بعدم بناء أعمال على الأنهار والبحيرات الأثيوبية تحول دون تدفق مياه النهر، سوى بالاتفاق مع الحكومات البريطانية والمصرية والسودانية.

ويا أيها القابعون فى معامل التعديل الحكومى، «إدوا العيش لخبازه» وأوقفوا فوراً سياسة أهل الثقة التى أوشكت على اضاعة حقوق مصر الحيوية!