رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

غني عن البيان أننا نعيش في عالم أشبه بقرية صغيرة بفعل ثورة الاتصالات التي شهدها العالم في العقود الثلاثة الأخيرة.. إلا أن خطابنا المجتمعي مازال يحمل أوجه وملامح بالية لا تنتمي الي المرحلة الراهنة بتحدياتها ومخاطرها، ولا تحقق الطموحات المشروعة لبناء دولة وطنية حديثة، وتابعنا من خلال عدة أحداث أن الدولة المصرية «الحديثة» تعيد نفس الأخطاء العتيقة إن لم يكن بنفس الأشخاص فبنفس الفكر وبذات القدرة الفائقة علي مجابهة حقائق العصر ونبذ كل فكر وطني حديث أثناء انشغالنا بالحديث عن بناء دولة حديثة!!

فبينما تؤكد الساحة الإقليمية والدولية منذ عقود مضت اختلاط الداخل بالخارج، ووحدة القيم السياسية المعاصرة، نجد مؤسسات الدولة المصرية «الحديثة» تقرأ من قاموس أخطائها القديم المنعزل، كلما واجهها «الأصدقاء» بأي انتقاد فتنتفض غضبا ووعيدا إزاء ما تسمه «تدخلا خارجيا سافرا في الشأن المصري»!

والواقع أن ذلك يشير الي أننا لم ندرك بعد الكثير من أبجديات الصراع الدولي، لا نقول المعاصر بل الأزلي!، ذلك أن طبيعة العلاقات الدولية لا تعرف أبدا ما نطلق عليه «تطابق» وجهات النظر بين البلدين، أو بين الزعيمين، ومن ثم ففي ظل اختلافات كبيرة تنشأ الحاجة الي السياسة أو المباحثات والمفاوضات ولاحظنا أنه بعد اكتشاف التنصت الأمريكي علي بعض قادة أوروبا لم يشعل حربا، ولو كلامية بل أعقبه عمل سياسي متواصل.

من جهة أخري ليس في رفض الحوار مع الأصدقاء في «الخارج» عن كل ما نراه ««شأنا داخليا»، سوي تعبير حقيقي عن كون «الحوار» في حد ذاته، لا نراه أمرا لازما في الداخل قبل الخارج!.، فتعيش حكوماتنا دوما تؤدي عملها الي أن ترحل وهي في حوار داخلي «مع نفسها»، والقوي السياسية كذلك، لا وجود حقيقي لها في الشارع ولا وزن لها لدي الحكومة ومن ثم فهي «تأكل نفسها» جدلا وطعنا وتشهيرا، والناس علي الحال ذاته يصارعون ليل نهار فكرة البقاء علي قيد الحياة، ويسهرون يتسلون يوميا يشاهدون كيف تبني الدولة «الحديثة»!، بعيدا عن قيمها الأساسية المعمول بها في العالم كله!

لذلك يجب أن نعرف أن حوارا جادا مع الآخر إذا أدركناه في الداخل لما واجهنا «الآخر» في الخارج بأن «ريجيني» الإيطالي مات في حادث سير!، ولا شهرنا بالرجل فنلمح الي شذوذه جنسيا!، ولا قطعنا بأن الاحتمالات كلها واردة إلا احتمال أن للشرطة دخلا في الأمر!، فإذا ما انتفض البرلمان الأوروبي طالبا الحقيقة فقط، غير متهم للشرطة بالضلوع في القضية، مشيرا بحياد الي ما هو موروث ومعروف عن أدائنا الحقوقي، واجهناه بثورة برلمانية عنيفة، لا جدوي منها سوي مزيد من ترسيخ الصورة الذهنية القاتمة عن مصر.

ألسنا بذلك نكرر خطأ «احتفالية» مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، إذ «أنجزناه» قبل أن ننجز حزمة فعالة من القوانين المتعلقة بالاستثمار، فكانت النتيجة «صفر» تقريبا! ولا يختلف الأمر إذا كنا قد واجهنا انتقاد المجتمع الدولي لتأخرنا طويلا في العثور علي برلمان تكتمل به مؤسساتنا الدستورية، فنثور في وجهه مؤكدين أن «هذا شأن داخلي لا نقبل تدخلا فيه»!، ويفضحنا البعض من المصفقين دوما إذ يكشفون للعالم أن «البرلمان يعرقل حركة الرئيس عن بناء الدولة الحديثة»!، أيضا ألم نتعلم من حادث الطائرة الروسية!!

يحدث ذلك بينما نكاد نحصر نجاحاتنا، بعد الموجة الثورية الرائعة في الثلاثين من يونية، في تحسين علاقاتنا بالخارج، وتوسيع رقعة المجال الحيوي للدولة المصرية، بينما تنتظر بقية مشكلاتنا المزيد من التعاون من الأصدقاء ففي الخارج!، سواء من حيث الاستثمارات أو السياحة أو التسليح المتطور، أو حتى القروض والمنح والمساعدات الاقتصادية، الي جحد الدعم السياسي في المحافل الإقليمية والدولية، أليست عادتنا ولن نشتريها.