رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

من حق الحكومة، أن تكون قراراتها الاقتصادية، مفاجئة، في اتجاهات محددة، حتي لا يستفيد منها الذين يتشممون القرارات الجديدة، مع مستويات بعينها، من أجل توظيفها لصالحهم... من حق الحكومة أن تفعل هذا، وأن تفاجئ الناس، في قرار من نوعية قرار رفع سعر الدولار، أمام الجنيه، أو بمعني أدق، خفض قيمة الجنيه أمام الدولار، الذي صدر عن طارق عامر، محافظ البنك المركزي، الاثنين الماضي... ولكن.. ليس من حق الحكومة، أن يكون قرارها، غير مفهوم، وأن يظل، بعد صدوره، غير مفهوم أيضاً!

وبالمناسبة، فإن هنا توضيحاً لابد أن يقال ابتداء، وهو أن قرار الدولار والجنيه، ليس قرار الحكومة، لأنه إذا كان قد صدر عن محافظ البنك المركزي، فالمحافظ ليس عضواً في الحكومة.. بل انه مستقل في سياسته عنها تماماً، وإذا كانت قواعد الاقتصاد الصحيحة تعطي للحكومة.. أي حكومة.. حق وضع السياسة المالية، وتطبيقها، فالقواعد نفسها، تعطي محافظ البنك المركزي.. أي محافظ أيضاً.. حق وضع السياسة النقدية للبلد، وحق تطبيقها، دون أن تؤثر أي من السياستين علي الأخري، ودون أن يكون من حق إحداهما أن تتدخل في شأن الأخري، بأي مقدار!

ولكن طارق قابيل، وزير الصناعة والتجارة، قال في اليوم نفسه الذي صدر فيه قرار خفض قيمة الجنيه، إن القرار لن يؤثر علي الأسعار، ولن يؤدي إلي رفع أسعار السلع علي مستهلكيها!

والمعني، أن القرار إذا كان قد صدر عن طارق عامر، فإن طارق قابيل، في المقابل، سوف يكون عليه كوزير مختص، ثم كعضو في الحكومة، أن يتعامل معه، وأن يعمل من أجل ألا يكون له أثر سلبي في حياة الناس.

وهنا.. سوف يكون علينا أن نقول، إن القرار يبدو غير مفهوم، لأن أحداً لم يتطوع إلي الآن، ليشرح للمواطنين، من داخل الحكومة، أو من داخل البنك المركزي، أسباب صدور القرار في هذا التوقيت، ثم أسباب رفع سعر الدولار، أو خفض قيمة الجنيه، بمقدار غير متوقع بالمرة هكذا.. لقد كان هشام رامز، محافظ البنك المركزي السابق يخفض قيمة الجنيه، في آخر أيام وجوده في منصبه، وكان ذلك قبل شهرين أو ثلاثة، بما قيمته عشرة قروش بالكثير، في كل مرة.. وهو لم يفعلها، قبل مغادرته منصبه، إلا مرتين، أو ثلاثاً، علي كل حال.. غير ان طارق عامر قد فاجأ الناس بشيئين اثنين: أولهما انه ظل، منذ مجيئه إلي منصبه، رافضاً تماماً، لإجراء أي خفض علي قيمة الجنيه، وثانيهما انه عندما أجري تخفيضاً علي قيمته، قد خفضه بشكل كبير للغاية، قياساً علي المرتين، أو الثلاث مرات، التي تعرض فيها الجنيه، للتخفيض، علي يد «رامز».. فلماذا الرفض الكامل، من جانب طارق عامر، لعدة أشهر؟!.. ثم لماذا التخفيض بهذا الحجم المزعج، مرة واحدة، وبصورة فاجأت الجميع.. لماذا؟!.. ومتي يؤمن مسئولونا في البنك المركزي، وفي غير البنك المركزي، أن الحكومة، أو غير الحكومة، من مؤسساتنا الحاكمة، إذا كان من حقها أن تأخذ ما تشاء من القرارات، فمن حق الناس، في اللحظة نفسها، أن يفهموا، ليكونوا شركاء في القرار، بشكل أو بآخر، ولا يكونوا بعيدين عن الصورة؟!

وحقيقة الأمر، أني لا أعرف، مصدر هذه الثقة التي تحدث بها وزير الصناعة والتجارة، وهو يقطع بأنه لا تأثير سلبياً، للقرار، علي المواطنين.. من أين جاء الوزير بهذه الثقة، وهو يعرف، وغيره يعرف، أن أي سلعة نستوردها بالدولار، ويستهلكها المواطن، سوف تتأثر علي الفور، وسوف يشتريه أي مستهلك لها، بسعر جديد، يساوي السعر الذي انخفض به الجنيه، أمام الدولار، وهو 112 قرشاً!

كلام الوزير سوف يكون صحيحاً، في حالة واحدة، هي أن نتوقف عن الاستيراد، وأن نأكل من عمل أيدينا، وهو ما لن يحدث في الأمد الزمني القريب علي الأقل.. ثم انه لا توجد دولة لا تستورد سلعاً في هذا العصر، ولا في أي عصر، والمهم هو ماذا تستورد الحكومة، وبكم تستورد، ثم ماذا تصدر بالتوازي؟!.. هذا هو السؤال الذي كان علي الوزير، أن يشرحه لنا، قبل أن يفاجئنا بتصريح، هو أول من يعرف.. انه لا رصيد له علي الأرض!