رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

 

 

(فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض).. أردت أن أستهل مقالى بالمعنى المراد من الآية الكريمة, رداً على من أطلقوا ألسنتهم باللغو فمرة بالسخرية وأخرى بالسباب, تجاه مبادرة (صبح على مصر), التى أطلقها الرئيس أثناء خطابه بإطلاق استراتيجية مصر 2030.

ومن المعلوم أن هذه المبادرة جمعت ما يقرب من 2.5 مليون جنيه فى أول 24 ساعة, من بسطاء المصريين الطيبين, حيث استجاب الرصيد الشعبى الحقيقى للقيادة, وصبح على الوطن من عرقه وكفاحه.. ونحن ندرك كم للجنيه الواحد من ضرورة للحياة اليومية للغالبية العظمى من الشعب, الذى يتجاوز فقراءه نسبة الـ 50%. 

فمصر طوال عمرها عزيزة النفس, وهى الكريمة بأبنائها، الذين استشعروا بحسهم الوطنى مدى إخلاص وصدق حديث الرئيس, وحجم الأخطار التى تهدد دولتهم, التى حافظوا على تماسك وحدتها وأراضيها وأبنائها، يداً واحدة شعباً وقيادة, حتى فشلت جحافل مخططات الإرهاب الخارجية والداخلية فى النيل منها وهدمها.

وبالعودة قليلاً للوراء نجد أن أجداد هؤلاء هم أيضاً من سلح الجيش بالسلاح الروسى عام 1954, فيما سمى بـ «أسبوع التسليح» وتحدوا أمريكا فى تسليح الجيش آنذاك, بتبرعاتهم من نقودهم وحلى نسائهم.. كما فعلوا كذلك في 1967 بعد النكسة فى حملة «دعم المجهود الحربى»، وتكرر الأمر بالاستجابة لنداء القيادة ودعم الوطن فى تمويل «مشروع قناة السويس الجديدة», الذى جمع حوالى 60 مليار جنيه فى أسبوع تقريباً.

فهذا هو شعبنا العظيم, شعب التحديات الذى تغلب على كم هائل من الأزمات, وهذا السواد الأعظم من الشعب الفقير صاحب المعدن الأصيل هو رصيدك الحقيقى سيادة الرئيس.. ولن أتحدث كثيراً عن أثرياء الوطن وعن رجال أعمال يمتلكون ثروات تقدر بالمليارات.. بل لن أذكرهم بالأساس.. كما لن أتساءل أيضاً: أين هى الرأسمالية الوطنية؟.. وأين هو دورها الآن؟

فالبرغم من كل المآسى والآلام التى تنهك كاهل المواطن البسيط, الذى يعيش يومه مذلة بالنهار وهم بالليل، مروراً بالمعاناة التى يلاقيها فى: وسائل المواصلات، تردى خدمات التعليم والصحة، والغلاء.. وانتهاء بمشاهدته لبرامج التوك شو، التى يسهم معظمها فى زيادة معاناته، بل تسرق منه فى الليل أمله للغد من قبل أن تتركه حتى ليحلم به, هذا طبعاً بخلاف مساهمتها فى إفساد الذوق العام بمواضيعها التافهة ومقدميها وضيوفها.

وبمناسبة ذكر الآلة الإعلامية، دعونا نتوقف قليلاً, فلا يستطيع أحد منا أن يمر عليها مرور الكرام, تلك الآلة التى تعمل بلا معايير ولا ضوابط أو لوائح عمل, فالإعلام المصرى فى غالبيته أصبح إعلاماً إعلانياً يسيطر عليه مجموعة من رجال الأعمال وبعض الأيادى الخفية التى تسعى لهدم الوطن، يعمل متعدياً على الثوابت الأخلاقية والدينية، وباسم الشفافية وحرية التعبير والمصداقية يرتكب جرائم لا تغفر, فنرى فى كل ليلة برامج تفيض وتستفيض فى أحداث كـ: ضرب نائب بالحذاء فى مجلس الشعب, دخول حمار للمطار, تعرض فيديوهات فضائح جنسية, تقارير عن الجان والعفاريت والدجل واستضافة المشعوذين, تثير موضوعات الشذوذ والمتحولون و.. إلخ، وأن سعت مشكورة لمناقشة وضع متأزم يمس المواطن أو أمن البلاد, فإن جل تركيزها ينصب على إثارة أبعاد المشكلة، متجاهلة حلها إن حدث فيما بعد، أو أنها وفى أفضل الأحوال لا تعطي الحل نفس المساحة التى أعطتها للمشكلة.

فى حين تغض هذه الآلة البصر عن تغطية واعية لنتائج زيارة خارجية مهمة لرئيس الجمهورية, أو مبادرة جادة لمساندة الاقتصاد من وزيرة محترمة كـ «شهادة بلادى» مثلاً أو «صبح على مصر» وتحفز الجمهور على المشاركة.

وبعيداً عن الإعلام وعلى الجانب الآخر من الوطنية والإحساس بالمسئولية الشعبية الذى تحدثنا عنه فى بداية المقال نجد تصرفات وتصريحات يشيب لها شعر الرأس للعديد من المسئولين ومتخذى القرار فى الدولة:

فرئيس هيئة الطرق والكبارى يصرح قائلاً: «كلما ازداد سوء حالة الطريق قل عدد الحوادث.. لأن الطرق المكسرة بتجبر السائق يخفض سرعته»!.. بعد كل الجهد الجبار المبذول من القوات المسلحة فى شأن منظومة الطرق يصرح لنا سيادته بذلك!.

وها هو محافظ أسوان فى مؤتمر لدعم السياحة يصرح بأن «السياح هما اللى خسرانين مش إحنا»!

ومن بعده تصريح للمسئول الأول عن السياحة قائلاً: «أنا بقول للسائح أنت زعلان من إيه وقلقان ليه وأنا أسدلك الخرم»!.. ونفس الوزير يصرح أيضاً بأن تعامد الشمس على قدس الأقداس من 3500 عام مصادفة ليس إلا!

وهذا وزير الاستثمار بتصريحه الكارثى الذى تسبب فى رفع سعر الدولار بمعدل فلكى حيث قال: «تخفيض قيمة الجنيه لم يعد اختياراً»!، وكل هذا فيض من غيض.

فمن هؤلاء سيادة الرئيس؟.. ومن أى كوكب أتوا؟.. ولصالح من يعملون؟.. فالأمر لا يمكنه أن يستقيم أبداً هكذا!

ونعلم جميعاً سيادة الرئيس أنك تعمل بكل ما أوتيت من قوة وتبذل الجهد، تصل ليلك بالنهار, لتوفير الاحتياجات الضرورية لأكثر من 90 مليون مواطن, يحتاجون فقط شهرياً إلى ما يقارب من 6 مليارات ونصف المليار رغيف فى الشهر!

مازال شرفاء الوطن لديهم بعض من صبر وعشم فى أن تنقذهم سيادة الرئيس من مسئولين يبدو أنهم ذاهبون فى اتجاه القضاء على الفقراء بدلاً من القضاء على الفقر, ينتظرون منك  هؤلاء أن تمسح العشوائية والغوغائية العالقة منذ عقود على وجه الوطن.