رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أبرزت وسائل إعلامنا المختلفة، قراراً جرى اتخاذه مؤخراً، فى مجلس النواب الأمريكى.. وكان القرار يقول.. إن اللجنة القضائية فى المجلس، قد وافقت بأغلبية 17 من أعضائها، ضد عشرة، على اعتبار الإخوان جماعة إرهابية!

الطريف حقاً، أن وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، قال بعد قرار اللجنة، دون أن يشير إليه أو يشير إلى أثره فى المستقبل على سياسة بلده إزاءنا، إن الولايات المتحدة تعرف، أن أعضاء فى الجماعة الإخوانية، مارسوا عنفاً، وتورطوا فيه، دون أن يقول لنا، ما الذى فعله هو، كوزير خارجية، ولا ما الذى فعلته إدارة أوباما، حين عرفت معلومة من هذا النوع!

وليس الواحد منا فى حاجة إلى جهد كبير، ليدرك، أن ما قال به الوزير الأمريكى، وهو بالمناسبة لا يقوله للمرة الأولى، يظل ضد ما قالت به لجنة النواب الأمريكى، ووافقت عليه، على طول الخط!

كيف؟!.. فالوزير كيرى حين زف إلينا مثل هذه المعلومة، وكأنه ينقل لنا خبراً ساراً لم يكن يقوله لأول مرة، كما أشرت، وإنما  كان قد قال به، وبالطريقة نفسها، فى أول يوم لبدء حوار استراتيجى بين مصر.. وبين الولايات المتحدة فى صيف العام الماضى، وكان ذلك فى القاهرة!

يومها، تصورت مع غيرى، أن إعلاناً كهذا، سوف يكون بداية لسياسة مختلفة من جانبهم فى واشنطن، معنا، هو ما لم يحدث إلى هذه اللحظة.

هذا أولاً.. أما ثانياً، فلابد أن ننتبه الى حجم المراوغة فى كلام كيرى، وهو يقول إن معلوماتهم تقول، إن «أفراداً» فى جماعة الإخوان، مارسوا عنفاً، وتورطوا فيه، فمعنى هذا الكلام المقصود بهذه الصيغة تحديداً أن المدان فى الإخوان، إنما هم أفراد، لا الجماعة كلها، وهو كلام إن دل على شىء، فإنما يدل على أن سياسة إدارة أوباما، تجاه الإخوان، وما ارتكبوه فى حق المصريين جميعاً، وفى حق جيشهم، وفى حق شرطتهم، منذ 30 يونية 2013، لاتزال هى السياسة كما هى، ولم تتغير.. وإذا كان هناك من يرى أنها تغيرت، فإننا نرجوه أن يشير لنا إلى حجم هذا التغيير، وإلى مكانه بالضبط!

كان على الوزير الأمريكى، أن يكون فى كلامه سواء فى الصيف الماضى، أو الآن أكثر دقة.. وأقل مراوغة، وأن يكشف عما تصرف به، هو أو إدارة بلده الحاكمة، عندما أتيح لهم أن يعرفوا، أن أفراداً فى جماعة الإخوان، قد مارسوا عنفاً وقد تورطوا فيه.. ماذا فعلوا حين توافرت لديهم معلومة كهذه؟!.. ثم ماذا يقصدون، بالكلام عن أن الذين مارسوا أعمال عنف من بين الإخوان كجماعة، إنما هم أفراد فيها، لا الجماعة كلها؟!

إننى أروى هذا كله وأسرده لعل الذين تفاءلوا بقرار اللجنة القضائية، لا يتفاءلون أكثر من اللازم، ثم لعلهم يقارنون بين تصريحات كيرى، بعد قرار اللجنة الواضح، وبين كلامه هو المخادع!

نحن أمام لجنة تدين جماعة بكاملها، ولا تستثنى منها أحداً، بما يستتبع بالضرورة، تأثيراً بقرارها على سياسة الإدارة الأمريكية، كلها، ناحية هذه الجماعة، ثم نحن، فى الوقت نفسه، أمام كلام لوزير الخارجية يقول إن جزءاً من الجماعة!! يمكن أن يدان، وأن الإدانة إذا وقعت من جانبه أو من جانب إدارة أوباما، سوف تكون لهذا الجزء، لا للجماعة كلها على بعضها.

بالطبع هم يعرفون تماماً ماذا فعل الإخوان، فيما بعد 30 يونية 2013، بل ويعرفون حقيقة تاريخ الإخوان قبل هذا التاريخ، وأستطيع أن أجازف وأقول إن معرفتهم فى هذا السياق تكاد تفوق مستوى معرفة كثيرين بنا، بالشأن نفسه، إذا لم تكن تفوقه فعلاً.. وبالتالى، فالكلام عن أفراد فى الإخوان، وليس عنهم كلهم، يظل نوعاً من اللعب ليس فقط بالألفاظ، ولكنه لعب بعواطف وعقول كثيرين بيننا، ممن لا يزالون يأملون بحسن نية، فى أن ترى الولايات المتحدة، حقيقة ما جرى فى 30 يونية بعين موضوعية، وأن تحترم إرادة المصريين التى تجلت فى ذلك اليوم.

وهى لن تراه على حقيقته، رغم أنها تعرف هذه الحقيقة، وتراها، لأنها لا تزال تتصور أن مصلحتها يمكن أن تكون مضمونة أكثر، إذا ما مالت الى الإخوان على هذا النحو، حتى ولو كان ذلك كله يتم، على حساب الحقيقة التى لا تختلف على وضوحها عينان!.. فما هو المطلوب منا مع أنفسنا؟!.. مطلوب أن نتصرف بثقة أكثر، وأن ندرك ونحن نتكلم فى هذا الشأن، أو غيره، أن جزءاً من كلامنا واصل الى الخارج أو يجب أن يصل، وأنه لابد أن يعمل بطريقة محددة، وأن يحمل «رسائل» معينة.. رسائل محسوبة بدقة لا بعشوائية ظاهرة فى كثير من الأحوال!

مطلوب أن نراهن على أنفسنا، قبل أن نراهن على الأمريكان، أو غير الأمريكان!.