رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أصدر الملك محمد السادس، ملك المغرب، قراراً بإجراء مراجعة شاملة لكتاب التربية الدينية، في كافة مراحل التعليم في المملكة، بحيث يجري به، استبعاد أي كلمة لا تدعو إلي التسامح، وإلي قبول الآخر.

قرار كهذا، يأتي في المغرب، بعد قرار آخر مماثل، من حيث الهدف العام، كان قد أصدره الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة قبل أيام، بأن تكون اللغة الأمازنية لغة رسمية ثانية في الدولة، بعد اللغة العربية.

وإذا كان هناك شيء يُشبه القرار المغربي، عندنا، فهو الطلب الذي ألح الرئيس السيسي عليه مراراً، ولايزال يلح، بأن يقود الأزهر الشريف، إصلاحاً دينياً في داخله، فلا يبقي بعده سطر واحد في أي كتاب يقرره الأزهر علي طلابه، ليدعو إلي عكس التسامح، وقبول الآخر علي أرض الوطن الواحد.

ونحن نسمع هذه الأيام ونقرأ، عن مراجعة للمناهج، في مختلف مراحل التعليم، وهي مراجعة كان الرئيس قد طلبها أيضاً، لتؤدي إلي أن تكون مناهجنا المقررة في مدراسنا، مماثلة، أو حتي قريبة، من مناهج العالم المتقدم من حولنا، خصوصاً مناهج المواد العلمية والرياضيات.

وما يُهمني هنا، هو المراجعة الشبيهة بما أمر به ملك المغرب في بلاده، لأنها لاتزال مطلوبة في الأزهر، وفي جميع مراحل التعليم خارج الأزهر، ولايزال الطلب الذي ألح به الرئيس علي الأزهر، في مكانه، ولايزال ينتظر خطوة شجاعة من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، لأنه مؤهل له، وكفيل به، إذا أراد.

إن ما يميز قرار ملك المغرب، هو حاصل لدينا، أن الملك لما أراد شيئاً يخص الإصلاح في بلاده، قد أصدر به قراراً، ومثل هذا القرار هناك، لا يؤخذ علي أنه قرار وفقط. ولكنه أمر ملكي، أي أنه واجب التنفيذ كما صدر، كما أن رفع تقرير للملك بما جري في الموضوع محل القرار بعد فترة زمنية محددة، مسألة لا فصال فيها!

إننا، في مصر، أحوج الناس إلي إجراء مراجعة من النوع المغربي، لكتاب التربية الدينية، ومعه كتاب اللغة العربية ومعها سائر الكتب والمواد التي يمكن لنصوصها أن تزرع في الطالب، منذ صغره، ما ينال من وطنه، ومن وحدة وتماسك هذا الوطن.

كل كلمة في هذه الكتب، لا بديل عن أن تخضع لمراجعة شاملة ودقيقة، وهي مراجعة لا بديل أيضاً عن أن تقوم بها لجنة تضم خبراء موثوقاً بهم، ولا يكونون في الوقت نفسه، علي علاقة بالأزهر، ولا بوزارة التعليم.. لجنة مستقلة بمعني الكلمة، لتمارس عملها بموضوعية، ولا تكون خاضعة وهي تعمل، تحت أي ضغوط سوي ضغوط الصالح العام لبلد بكامله، وسوي ضغوط مستقبل هذا البلد، الذي لن يكون مستقبلاً لائقاً بنا، بمثل المناهج الحالية في الأزهر، وفي غير الأزهر.

لقد قرأتُ مرة، للدكتور أحمد كريمة، الأستاذ في الأزهر، شرحاً لحديث قال هو عنه، إنه من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام.

كان الحديث يقول ما معناه، إن المسلمين سوف يأتون يوم القيامة، ثلاثة أقسام: واحد سوف يمر علي الحساب أمام الله سريعاً، وسوف يدخل الجنة سريعاً أيضاً، لأنه قسم بلا ذنوب.. وقسم آخر ذنوبه قليلة، سوف يحاسبه الله تعالي أيضاً، ثم يدخله الجنة.. ثم قسم ثالث عليه ذنوب كثيرة سوف تؤخذ عنه، لتوضع فوق غير كاهل المسلمين، من اليهود والنصاري، ليلحق هذا القسم الثالث، بالقسمين السابقين عليه!

هكذا كان معني الحديث، الذي انهمك الشيخ كريمة في شرحه، ولم يلتفت الرجل إلي حديث بهذا المعني، لابد أن يشك أي عاقل فيه، وفي نسبته للرسول الكريم لأنه، أولاً، ضد أي عقل سليم، وأي منطق صحيح، ولأنه يتناقض من حيث معناه، من آية في القرآن الكريم، تقول بأنه لن: تزر وازرة وزر أخري.

ثم انه ما ذنب غير المسلم، حتي يؤخذ ذنب المسلم ليُضاف إليه وعليه؟!.. إن معني كهذا في الحديث، يتصادم تماماً، مع صفة «العادل» التي هي من أسماء الله الحسني كما أنه معني مدمر للأوطان، التي يعيش فيها الإنسان، مع غيره، كإنسان وفقط، بصرف النظر عن دينه، أو ديانته تماماً.

والسؤال هو: هل يقوم الشيخ كريمة، مثلاً، بتدريس مثل هذا الحديث لطلاب الأزهر؟!.. إذا كان يقوم بتدريسه، فلابد أن مراجعة من نوع ما أمر بها ملك المغرب سوف لا تقِّر ذلك بأي حال، وسوف تستبعده في دقيقة.

ولابد أن حديثاً كهذا، ليس فريداً من نوعه، في كتب الأزهر، وغير الأزهر، بل إنه قد يكون أخف من نصوص أخري، ولابد بالتالي .. لابد.. من مراجعة يدرك القائمون بها، ابتداء، أن مُتلقي مثل هذه النصوص إنسان.. إنسان فقط.. ولا شيء غير إنسان!

عندما أجري محمد السادس، إصلاحات جذرية في دستور بلاده، في فبراير 2011، مستبقاً هبوب عواصف ما يُسمي بـ«الربيع العربي» علي المغرب، جرجت صحيفة «أخبار اليوم» المغربية بمانشيت بعرض الصفحة الأولي يقول الآتي نصاً: الملك يُسقط النظام!

وليست الخطوة التي اتخذها هذه الأيام، لإصلاح شأن التعليم، بأقل من خطوته الشجاعة قبل خمس سنوات!