رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

كل ما فيه حلو وجميل وعظيم بداية من الحديقة الغنَّاء التي يطل عليها ويمشى فيها القاهريون بربابة بين الزهور والورود والأشجار العالية ذات السيقان ناصعة البياض كما لو كانت أعمدة رخام المعابد الفرعونية، فالذى بناها كان حاكم عصره شرقاً وغرباً، وأرادها إحدى الجنات التي تتمشى فيها أجمل الجميلات ومات عنها نابليون بونابرت بعدما قاد حروباً مع الأقربين والأبعدين حتي وصل إلى بوابة الأزهر الشريف في القاهرة.. وظلت حديقته مدخلاً للبرلمان الذي جمع شعوباً من حوله كانت تحارب بعضها مئات السنين ويسقط فيها ملايين البشر، وإذا بالسلام يرفرف عليها في بيت للتواكل Maison de l'Europe بيت أوروبا.

وهو فعلاً بيت العائلة الأوروبية المحبة للسلام والرخاء والرفاهية حيث يصطف في مقاعده بعد انتخابات 2014 سبعمائة وخمسون عضواً يمثلون سبعة وعشرين شعباً من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها حتي أصغرها في قبرص وأستونيا ومالطا. وكل يتحدث بلغته في البرلمان مع ترجمة فورية للإنجليزية والفرنسية وسائر اللغات حتي أن الجالس في شرفة الزوار يضع في أذنيه سماعة وتحت أصابعه زرار يضغط عليه فيصل إليه صوت المتحدث باللغة التي يفهمها بيسر وسهولة دون ضجيج أو زعيق كما يحدث في برلمانات أخرى.

ولأن البرلمان هو برلمان شعوب أي بشراً وليس دولاً، فقد جمع ممثل هذه الشعوب في مقاعد متجاورة حسب نزاهتها وأفكارها المتماثلة التي قسمها البرلمان إلى اثنتى عشرة مجموعة ثم يتفرقون داخله حسب المنهج الحزبى لكل منهم.

والجميل في هذا البرلمان أنه يجعل الشعوب الأوروبية السبعة والعشرين شعباً واحداً يوم الانتخابات المباشرة إذ يذهب جميع الناخبين إلي صناديق الاقتراع لاختيار نوع آخر من النواب يختلفون عن برلمان الوطن، وهو البرلمان الجامع للشعوب الأوروبية بصرف النظر عن الحدود السياسية كما لو كانت أوروبا كلها وطناً واحداً وشعباً واحداً تحت عنوان الاتحاد الأوروبى الذي يجمع مواطنى سبع وعشرين دولة أوروبية يتمتعون بالحرية والمساواة الكاملة بين الرجال والنساء اللواتى يمثلون ثلث البرلمان تقريباً.. وكان من حظ برلمان 1979 أن ترأسته المرأة الفرنسية بعد أربع وثلاثين سنة من الحرب العالمية الثانية بين فرنسا وألمانيا.

وحتي المكان الذي اختاروه لهذا البرلمان كان يتوسط البلاد الأوروبية في مدينة ستراسبورج التي يعتبرونها Carrefour مفترق الطرق الأوروبية، حيث يعقد فيها البرلمان جلسات عامة أسبوعاً كل شهر مع جلسات إضافية أخرى في عاصمة بلجيكا الجميلة بروكسل والدوقية الحلوة الصغيرة لكسمبورج المحشورة بين فرنسا وألمانيا وبلجيكا.

ومن عظمة وقوة هذا البرلمان أنه يمثل السلطة التشريعية الاتحادية ويعتمد الميزانية ويراقب سلطته التنفيذية، ويستطيع أن يسحب منها الثقة ولا تشفعها في ذلك قوتها العظمية، إذ تسيطر علي نسبة كبيرة من الصناعة والتجارة العالمية، وتعتبر عمليتها المسماة اليورو من أقوى العملات مثل الدولار الأمريكى.

هذا البرلمان عزيزي القارئ هو الذي كنا نمر عليه في الذهاب والإياب عبر حديقته الجميلة الأورانجيرى (Orangerie).