عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

في العاشر من مايو عام‏ 1926 صدر المرسوم الملكي الصادر,‏ والخاص بتعيين القيود التي يمكن بمقتضاها الترخيص بتركيب واستعمال أجهزة المواصلات بواسطة الموجات الأثيرية في القطر المصري‏,‏ نصت علي أن نصوص هذا المرسوم تسري علي الأجهزة والتراكيب والمحطات والنقط اللاسلكية الموجودة الآن‏,‏ ويجب علي أصحابها أو الحائزين لها‏,‏ أن يراعوا تسوية حالتهم فيما يختص بها في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ سريان هذا المرسوم‏. ‏ ويقول د. عاطف العبد أستاذ الإعلام إن تلك المحطات الأهلية تميزت بعدة سمات منها‏:‏ تركز معظمها في مدينتي القاهرة والإسكندرية‏,‏ وتذيع معظمها برامجها باللغة العربية‏,‏ وكان معظم أصحاب تلك المحطات من التجار الذين يرغبون في ترويج سلعهم بصفة عامة‏,‏ وتجار أجهزة الراديو بصفة خاصة‏,‏ الذين أقاموا المحطات الإذاعية للترويج لتجارتهم وتحقيق الربح من وراء إذاعة الإعلانات التجارية‏,‏ مثل محطة راديو فؤاد التي أنشأها عزيز بولس‏,‏ ومحطة راديو فاروق التي أنشأها تاجر أجهزة الراديو إلياس شقال‏,‏ كما كانت معظم هذه المحطات شركات بين عدد من الأفراد‏,‏ وكانت ضعيفة الإرسال لا تغطي أكثر من الحي الذي تذيع منه‏,‏ ومعظمها أقيمت في غرفة أو شقة صغيرة‏,‏ وتتعرف علي رغبات مستمعيها عن طريق الخطابات والمكالمات‏,‏ حيث كان يحمل البريد يوميا إلي بعض هذه المحطات ثلاثين أو أربعين خطاباً‏,‏ وكانت علي حد وصف جريدة الأهرام التليفونات لا تهدأ في الغرفة الملحقة بغرفة الإذاعة وكانت هذه المحطات تجيب طلبات مستمعيها في التو واللحظة ويتراوح إرسال معظم هذه المحطات الأهلية ما بين‏2‏ و ‏4‏ ساعات يوميا‏ً,‏ سواء علي فترة إرسال واحدة أو علي فترتين‏,‏ وكان الجزء الأكبر من المضمون الإذاعي الذي تقدمه معظم هذه المحطات ترفيهياً‏,‏ ويتضمن مهاترات وأغاني مبتذلة‏,‏ مما دفع الجمهور إلي الشكوي من بعض المضامين الإذاعية‏,‏ وبلغ الأمر أن المحبين كانوا يتخذون من موجات الأثير وسيلة لبث الغرام وتحديد المواعيد‏,‏ وكانت إحدي هذه المحطات لشاب يوناني يهدف إلي اذاعة اسطوانات الحب الايطالية‏,‏ التي تفضلها حبيبته الايطالية والتي يوجد في منزلها جهاز الاستقبال جاءت به من روما ‏!!‏.. وكانت المهاترات بين المحطات الأهلية أهم أسباب إغلاقها‏,‏ علي الرغم مما أبداه بعض أصحاب هذه المحطات بوضع محطاتهم تحت الرقابة الحكومية‏,‏ وتوقفت هذه المحطات عن الإرسال في ‏29‏ مايو‏ 1934,‏ لتترك مكانها للمحطة الحكومية التي بدأت ارسالها في‏31‏ مايو ‏1934. ‏

نعم، اشتكت الأهالي فكان قرار الإغلاق.. والآن لدينا صحف وفضائيات تمارس أبشع رذالات اقتحام خصوصيات المواطن بشكل غاية في القبح لصالح رجال أعمال وإعلاميين وصحفيين كان ينبغي تقديمهم لجهات التحقيق لمحاكمتهم على جرائم نالت من كرامة الوطن والمواطن مقابل زيادة المساحات الإعلانية أو لتصفية حسابات قديمة!

لا ريب أن القيم هى أهم ما نتوارثه عبر الأجيال، وهى نتاج طبيعى لمدى وعي الضمير الذى أودعه خالق النفس البشرية منذ بداية الخلق، حتى قبل نزول التوجيهات الإلهية عبر الأديان والعقائد والكتب السماوية وانتشار بيوت الله فى المعمورة.. إنه الضمير ووخزاته الموجعة التى كان من الضرورى استشعارها من قبل قابيل الذى كان يمثل ربع سكان الأرض بعد اغتياله لأخيه هابيل ممثل الربع الآخر من سكان المعمورة.. وهو أيضا الضمير الذى استنفر كل قوى الخير والترفع عند يوسف الصديق فمنعه رغم كل المغريات من ارتكاب الفاحشة.. إنه الضمير الذى دفع برجل فى الستين من عمره في أيامنا الصعبة أن يقفز فى البحر لإنقاذ فتاتين من الغرق لينجح بالفعل، إلا أنه يدفع حياته ثمنا لهذا الموقف النبيل ثم بمشاعر المحب المقدر للأب  لا يتحمل ابن ذلك الرجل الشهم رؤية المشهد ونهاية حياة والده الذى أحبه فيسقط ميتاً حزناً عليه بجوار جثة أبيه.

ورغم أننا نسمع ونشاهد العديد من كتابنا ومبدعينا فى وسائل الإعلام المختلفة وهم يكررون عبارة أنهم ليسوا فى حاجة لملاحقة الأجهزة الرقابية، وأنهم يمتلكون «فلاتر»، خاصة تستطيع تنقية خطابهم للمجتمع والناس من الشوائب والرذائل، إلا أننا وللأسف نتابع من آن إلى آخر فى العديد من منافذ الكلمة والإبداع ما يحيل دنيانا إلى عالم صعب تتقلص فيه للأسف كل  فرص التقاط الأنفاس والرؤية ولو من بعيد لمناطق الأمل.

لقد قال سلامة موسى منذ أكثر من نصف قرن «إذا كان الأديب يكبر بمقدار مسئولياته فإن الصحفيين هم أعظم الأدباء فى عصرنا، لأن أعظم ما يؤثر فى الجمهور ويغيره ويوجهه للخير أو للشر هو الجريدة وذلك لقوة الإيحاء الذى ينشأ من تكرار ظهورها كل يوم.. ولذلك أول شرط لبلاغة الأدب الصحفى أن يكون من يمارسه أميناً لقرائه مخلصاً لمبادئه لا يخون ولا ينحرف، لأن فى خيانته أو انحرافه إفساداً للقراء وبعثا للشر، ومهمته أن ينير ويرفع مستوى البحث من ظلام الجهل والعامية إلى نور المعرفة والثقافة، ومن العاطفة إلى التعقل».

لقد أسعدني ما أكد عليه الرئيس السيسي في اجتماعه بنخبة من علماء مصر، حول أن منظومة القيم والأخلاق في المجتمع تعد الحاكم الأول لسلوك المواطنين في المجتمع، وأنها تقوم بدورٍ جوهري في تقدم الشعوب والأوطان، وتمثل حافزاً ووازعاً لمزيد من العمل والإنتاج، فضلاً عن نشر الرُقي والتحضر في جميع مناحي الحياة سواء في الشارع المصري أو على المستويين الثقافي والأدبي.

[email protected] com