رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

التعليم كالماء والهواء عبارة أطلقها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين عندما كان وزيراً للمعارف،  إيمانا منه بأن تقدم أي دولة ورقيها مرهون بمستوي تعليم أبنائها، ومقدار ما حصلوا عليه من مهارات تمكنهم من استيعاب تجارب غيرهم، والاستفادة منها في تحقيق تطلعات شعوبهم.

ووصف الماء والهواء لم يأت من فراغ، فالماء سر الوجود، فلا يستطيع أي كائن حي العيش بدونه، وكذلك الهواء الذي بفقده تنتهي الحياة.

والتعليم في مصرنا الحبيبة مثال صارخ علي التخبط والعشوائية، فنجد المدارس مختلفة ومتنوعة بين حكومية وحكومية تجريبية وخاصة ولغات وقومية  ودولية وفنية وللمتفوقين وغيرها. وإذا نظرنا للمنتج فهو رديء بشهادة المدرسين قبل الطلبة وأولياء الأمور، ناهيك عن التصنيف الدولي الذي وضعنا في ذيل قائمة دول العالم.

ومحاولات إصلاح التعليم  في مصرنا الحبيبة تدور في حلقة مفرغة، لا تجد فيها جديداً، وإذا رصدنا تصريحات  وزراء التعليم علي مدار 30 عاما مضت، نجد أنها جميعها  تتعهد بإعادة الانضباط، وكان كل وزير معه مفتاح الانضباط ما أن يدخل الوزارة حتي يضعه في الكالون فينفتح باب القضاء نهائياً علي التسيب والعشوائية وتعود الأمور إلي نصابها. وتمر السنوات ويذهب وزير ويأتي آخر ويبقي الوضع علي ماهو عليه، بل أسوأ، لأن الجميع من حولنا يتقدم ونحن لا نغادر مكاننا.

مؤخراً خرجت علينا وزارة التربية  والتعليم بإجراءات رادعة ضد ظاهرة الدروس الخصوصية وتحذير المدرسين من العمل بها، وبدأت بالفعل في مطاردة الذين لم يلتزموا بالقرار.

وساعد بعض المسئولين الوزارة بغلق بعض المراكز وتشميعها بالشمع الأحمر، ما يعني أنها أصبحت جريمة، ومرتكبوها مدانين.

واستبشر الجميع خيراً، ولكن ماذا حدث؟ هل ساند المجتمع هذه الاجراءات، هل بشر أصحاب الأقلام بنتائجها، وهل أفردت الصحف صفحاتها للتحدث عن التجربة الجديدة؟ للأسف ما حدث هو العكس تماماً.

رفض أولياء الأمور التجربة، واحتج الطلاب، وأحجم أصحاب الأقلام عن الكتابة عنها، بل عملت بعض الصحف في الاتجاه المعاكس، فلم أصدق عيني عندما وقع بصري علي اعلان في جريدة الأهرام في عددها الأسبوعي بتاريخ 20/11/2015 بعنوان أسود سميك يحمل كلمة دروس خصوصة كتب أسفله نصا «أستاذ علوم تجارية «محاسبة ـ رياضيات، إحصاء، تأسيس، نجاح، سعر مغري مع كتابة رقمي تليفون».

قرأت الإعلان أكثر من مرة، وبعد زوال الدهشة أيقنت أننا مازلنا نعبث بمستقبل أولادنا، ونصر  علي تبرئة أنفسنا، ونصدر للرأي العام عبارات رنانة تأخذ الأبصار من عينة: القضاء نهائياً علي الظاهرة، ومدارس مصر بدون دروس خصوصية وغيرها. وفي الوقت نفسه نغض الطرف عن الاعلانات التي تملأ الشوارع حاملة عناوين المدرسين تفصيليا مع أرقام هواتفهم ونعفل البديل الطبيعي المتمثل في تغيير منظومة التعليم،  بدءا من المدرس مروراً بالمناهج وانتهاء بالطالب مع إشراك أولياء الأمور.

وما يثير السخرية أن معظم مراكز الدروس الخصوصية التي أغلقت أعيد فتحها مع توجيه إنذار لأصحابها! فعلي أي أساس كان قرار الإغلاق، وهل فتح مركز للدروس الخصوصية جريمة، وهل أصحابها مدانون؟ أسئلة  كثيرة لا أنتظر لها اجابة، لأن ما حدث غير منطقي وسيبقي الوضع كذلك ما لم تتغير العقول وتقترب من عقلية عميد الأدب العربي الذي علم المبصرين وتفوق عليهم بعد أن تعلم بصورة صحيحة علي أيدي أساتذة أجلاء عرفوا قيمة العلم. وإلي أن يأتي هذا اليوم، يبقي لزاما علينا أن نقدم له المعذرة لأنه لو عاش لعصرنا الحالي ورأي ما نحن فيه من عبث، لصب علينا اللعنات، ولفكر ألف مرة قبل أن يطلق عبارته الخالدة لأنها جاءت في غير موضعها، فهواؤنا أصبح ملوثا، وماؤنا لم يعد يصلح للاستخدام الآدمي.

 

[email protected]