رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أعتقد أن فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لم يستجب حتي الآن كما يجب، للدعوة التي كان الرئيس السيسي قد أطلقها في الاحتفال بذكري المولد النبوي الماضية.. أعتقد ذلك، وأرجو أن أكون علي خطأ في اعتقادي، لولا أن كل ما حولنا يقول إن دعوة الرئيس، للإصلاح الحقيقي لا الشكلي، لم تجد آذانا صياغة  في أزهرنا حتي اليوم!

لقد أطلق الرئيس دعوته، ولم يشأ أن يطلقها في الهواء، وإنما أطلقها وهو يعرف، ونعرف نحن معه، أنه ليس هناك مَنْ هو أقدر علي حملها، والنهوض بها، إلا رجل في قامة الشيخ الطيب، كما أنه ليست هناك جهة، أقدر علي القيام بأعباء دعوة رئيس الدولة، سوي الأزهر الشريف!

ولكننا جميعا نذكر، أن الرئيس قد جاء في مناسبة لاحقة، وراح يوجه الدعوة ذاتها إلي الأزهر، ويستحث شيخه الجليل، وعلماءه الكبار، علي أن يستجيبوا، وأن يأخذوا بما تقتضه دعوته، وأن يستخلصوا باستجابتهم، ديننا العظيم، من أيدي الذين يحاولون هذه الأيام اختطافه، وتحويله من دين يحض، في كل مقصد من مقاصده العليا، علي كل ما هو في صالح الإنسان، كإنسان، بصرف النظر عن ديانته، إلي دين عنف، وإرهاب، وأذي للناس.. وهو ليس كذلك في فطرته الأولي بأي حال.

وحين دعا الإمام الأكبر، أول هذا الأسبوع، في مؤتمر المجلس الأعلي للشئون الإسلامية بالأقصر، كبار علماء الأمة، إلي الاضطلاع بمسئولياتهم تجاه أمتهم، وتجاه العالم من بعد الأمة، فإن هذا في حد ذاته، كان إقرارا ولو بشكل غير مباشر، من شيخنا الجليل، بأن دعوة الرئيس لم تبرح مكانها بعد.. ولو كانت قد برحت مكانها ما كان الرئيس، في مناسبة ثالثة، قد أشهد الله علي ما يقول.

كان ما قال به الإمام الأكبر إقرارا خفيا منه بذلك، ثم كان لنا رجاء إليه، في الوقت نفسه، بأن يكون الأزهر أعلي صوتا، في مواجهة ما يحدث حولنا باسم الإسلام، وأن يكون موقفه زد وضوحا، إزاء الذين يتحدثون باسم دين «محمد»، ثم لا يراعون فينا، ولا في خلق الله، ذمة، ولا ضميرا.

إن الأزهر هو الجهة الوحيدة، التي نلجأ إليها في مثل هذه الأحوال، ونحن مطمئنون بأننا نلجأ إلي جهة أمينة علي ديننا، ورافضة لكل ما يمكن أن يشوبه من ممارسات المنتسبين إليه.. ولكن هذا كله، يا فضيلة الإمام في حاجة إلي حركة منكم أسرع، وإلي جهد منكم أكبر، وإلي موقف منكم أوضح، وإلي وقفة منكم أقوي، وإلي غضبة منكم أشد، لأن ديننا الذي أمر رسوله عليه الصلاة والسلام، في آية واضحة، من سورة التوبة، بأن يجير المشرك ذاته إذا استجار به، لا يمكن أن يدعو في النهاية إلي عنف، ولا يمكن أن يرتبط في أذهان بعض الذين يعيشون معنا في عصرنا، بمعاني القتال، والكراهية، والملاحقة للآخرين.. أياً كان هؤلاء الآخرون، وأياً كانت دياناتهم، وأياً كانت بلادهم.

لا يمكن يا فضيلة الإمام، أن نترك صورة ديننا في العالم، يصوغها بعض الحمقي ممن هم منتسبون إليه، أمثال «داعش» وغير داعش.. لا يمكن لأن هؤلاء ليسوا منه في شيء.. ولا يمكن لأن قيمة الأزهر ليست أبداً في أن يدين هذا الحادث، أو يشجب ذاك فقط.. فالأزهر بمكانته علي مدي تاريخه كله، يفعل من أجل الدين، ولا يتكلم، مهما كان مضمون الكلام منه، ومهما كان محتواه.

إنني لا أقول هذا الكلام، بمناسبة الإرهاب الذي ضرب باريس، وروع أهلها، فقتل منهم من قتل، وأصاب منهم من أصاب.. لا أقول هذا الكلام، بهذه المناسبة المؤلمة لكل ذي ضمير إنساني.. لأنني لا أريد أن استبق التحقيق فيها، وأخشي أن يكون هناك من أهل الشر في عالمنا، من راح يدبر لها، من أجل إهالة المزيد من التراب علي المسلمين وعلي دينهم.. أخشي هذا، وأتمني أن ينال مرتكبها الحقيقي جزاءه العادل، أياً كان.

أخشي هذا للمرة الثالثة، وأدعوك يا فضيلة الإمام الأكبر، إلي أن يكون لك هذه المرة موقف في أزهرك، يقترن بفعل معلن علينا، وعلي العالم.. فعل يقول لكل إنسان، وليس لكل مسلم فقط، إن الأزهر ليس جهة إدانة، ولا شجب، ولا شيء من هذا القبيل فقط، ولكنه جهة يقع عليها عبء تخليص دين محمد، من كل الذين يزايدون عليه، ويسيئون إليه وينالون منه.. جهة يقع عليها عبء تنقية مناهجها، ومقرراتها، وكل ورقة فيها، من كل ما ليس له علاقة بمبادئ الدين ومقاصده.

يا فضيلة الإمام، لا أحد قادرا علي أن يعري أهل العنف، والتطرف، والجهل، سواك، فافعل ما ينقذ أمتك، وينقي صفحة دينك، ويذكرك به الناس في كل الأيام.