عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سعادة رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل.. أعلم أن الوقت قد يكون غير مناسب لأن أشغلك بهذه القضية، خاصة أن مصر كلها مشغولة بالانتخابات، وأعلم أنك خصصت جلسة كاملة لمجلس الوزراء الاسبوع قبل الماضي للوصول إلى حل بشأن المشكلة التي أعرضها عليك دون حسم.. وأعلم.. وأعلم.. غير أن ما يضغط عليّ للكتابة ويجعلني أضغط عليكم للقراءة هو الحرص على عدم ضياع الحلم الذي تصورت أنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من التحقق.. أن يلقى أبنائي تعليما جيدا نموذجيا يمكن معه بحق أن نرتقي بمصر، إذا تم تعميمه، إلى مصاف الأمم.

 يا سيدي أنا أحدثك عن تجربة مدارس النيل التي أوشكت على الانهيار بعد أن استنفدت من جهود الدولة الكثير ومن الخزانة ملايين الجنيهات الإسترليني، ومن جهودنا ما هو أكثر بقبول أن يكون أبناؤنا فئران تجارب - آسف - حقل تجارب، لعملية الله أعلم بما ستصير إليه في ضوء ضبابية الأمور في مصر وعدم سيرها على الوتيرة التي أنبأنا عنها الرسول صلي الله عليه وسلم حين قال إنما الأعمال بخواتيمها! وللأسف فخاتمة مدارس النيل تبدو مظلمة إن لم أقل لسيادتكم سوداء.

لن أحدثك يا سيدي، فوقتك لا يسمح والمساحة تضيق، عن الآفاق التي جعلنا صندوق تطوير التعليم التابع لمجلسكم الموقر يجعلنا نحلق فيها بشأن ما سنجد عليه أبناءنا في المستقبل بفعل الرؤية التي تقوم عليها فكرة المدرسة بالتعاون مع جامعة كمبردج، والتي تم إقامة خمس منها في محافظات مختلفة. لن أحدثك عن الروعة والأداء الحسن للمدرسة في سنواتها الأولى على نحو شعرت معه بأن المصريين بالفعل عظماء إذا توافرت لهم الإمكانيات والإرادة. لن أحدثك سعادة المهندس إسماعيل شريف عن التميز الذي لمسته بنفسه في ابناي، وزملائهما من الطلبة الذين التحقوا بالمدرسة بفعل تلقي نمط تعليمي مختلف لا يقوم على الحفظ والتلقين وإنما على الفهم والاستيعاب.

 لكن يبدو أن هناك من يمكن وصفه بـ«الشيطان الأعظم» في مصر مكلف من قبل البعض بالإجهاز على كل ما هو جميل وواعد فكانت مساعي الهبوط بمدارس النيل إلى القاع.. فإذا كان المصري مع كل فرحة يقول يا رب استر، فيبدو أنني نسيت هذا الدعاء فلم يستر الله فكان الكابوس الذي أعيشه ليل نهار، الحد الذي لم أعد معه أعرف ماذا أفعل وإلى من أتوجه؟ فكنت أنت في الذهن، فكانت هذه السطور إليك علها تجدي نفعا في إنقاذ مصير مدرسة  أو مدارس – آسف – مشروع تعليمي نهضوي كبير يمكن تعميمه لتحقيق طفرة حقيقية في التعليم.

فمنذ فترة ما بعد ثورة يناير التي حلمنا أن تقودنا إلى الأمام فوجئنا نحن أولياء أمور طلبة مدارس النيل بأننا نعود إلى الخلف، رغم حقيقة أن هذا الحكم ينصرف إلى الأوضاع في مصر كلها. بدأت الدراسة تتدهور وبدأ التغيير في إداراتها يتزايد معدله، على خلفية قضايا تزكم رائحتها الأنوف حتى بدا لنا وكأن التجربة ليس لها أب رغم أن عنوان الأب ، صندوق تطوير التعليم، معروف لنا ومللنا من زيارته من كثرة الشكاوي للدرجة التي أصبح معها جزءا أساسيا من حياتنا نقتطع من أوقات عملنا للقاء مسئوليه، فيما أن إدارته تعمل بالمثل المأثور لدى قطاع من المصريين: اعمل لهم ودن من طين وودن من عجين.

ورغم ذلك تحملنا كثيرا إلى أن كانت الطامة الكبرى مع اقتراب تخريج أول دفعة من المدرسة والتي دخلت هذه المرحلة العام الماضي باعتبار السنوات من العاشر وحتى الثاني عشر عملية واحدة. لقد فوجئت إدارات المدارس أنها ليس لديها الطاقم التعليمي المناسب للتدريس فكانت الاستعانة بمدرسين من الخارج، وهي عملية شابها قدر كبير من الهرج والمرج المخزي والذي لا يمكن تفصيله في هذه السطور. وبعد أن كانت التعليمات مشددة بأن نترك أولادنا لحالهم والمدرسة كفيلة بكل صغيرة وكبيرة في ضوء أنها تمثل نظاما تعليميا متكاملا.. تصور يا سيدي أننا لم نترك مركزا تعليميا خاصا إلا ووقفنا على بابه لكي يلحق أبناؤنا بما فاتهم من دروس بفعل تخبط إدارات المدارس. وبعد أن كانت الالتزامات المالية محددة ومعروفة بدأ الصندوق في فرض المزيد ومنها رسوم امتحانات تفوق طاقة الأسر، بدعوى ان الأهالي قادرون وأن عليهم أن يحمدوا ربنا أنهم يتلقون مثل هذا التعليم.

سيدي المهندس شريف إسماعيل.. أنا أحمد ربي بالفعل لا لشيء إلا لأن هناك شخصا مثلك سيستمع إلى شكواي وشكوى باقي أولياء الأمور وينقذنا من الورطة التي نحن فيها.. فمصير أولادنا بشأن وضعهم في الجامعات بعد تخرجهم العام القادم غامض، وبعد أن كنا نأمل بأن يمثلوا نواة علماء مصر في المستقبل، نشعر أنهم سيكونون إضافة جديدة للشوارع. وبعد أن كنا نأمل أن تشهد مصر خلال خمس سنوات 27 مدرسة نيل جديدة، تقلص الموجود بأحد الفصول إلى طالب واحد في «نيل بورسعيد» وأربعة طلاب في «نيل المنيا».. لا أريد أن أطيل فقد تجاوزت حدي، وأخذت من وقتك أكثر مما يجب، ولكن عزائي أنني لا أشغلك بقضية شخصية أو حتى فئوية، وإنما قضية تقع في صلب النهضة..  نهضة مصر.. التي أحلم أنا وأنت وكل مصري شريف وغيور على بلده بها.. فالتعليم والنهوض به هو السبيل الأوحد لتحقيق هذه النهضة وأظنك لا تخالفني في ذلك.

بقي أن أشير إلى أنني نازعتني نفسي، رفعا للحرج، في الإشارة إلى أنني تلقيت هذه الرسالة في بريدي الإلكتروني ككاتب صحفي، غير أنني للأسف أؤكد لك أنها قصتي أنا شخصيا وحلمي لأبنائي ومصر الذي أتمنى أن تساعدني في تحقيقه. مع خالص مودتي واحترامي.

[email protected]