عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لنا ان نتخيل تركيبة المجتمع العربى وسمات الشخصية العربية بعد ان ترنح الزخم الثورى واصبحت الفوضى السياسية والاخلاقية هى الشأن المهيمن على معطيات المرحلة الراهنة فى المنطقة، من قبل استسلمنا لشعارات النخوة والشهامة والقومية والاخوة واعتبرناها محددات قوية للشخصية العربية، وبعد ان هبت علينا رياح الربيع العربى وقعنا أسرى للبلطجة من قبل الميليشيات المسلحة التى ركبت موجة المد الثورى، والآن يعيش العديد من شعوب المنطقة فى «متاهة» اقليمية ودولية لا تحمد عقباها.

لقد وقعنا فى الفخ على حد تعبير ممثلنا القدير عادل امام، ولكن تكرار سقوطنا فى هذا الفخ يشير إلى وجود خلل واضح فى تركيبة الجينات العربية، فلا يتصور ان أمة لديها كل مقومات الوحدة والقوة تظل حبيسة لسياسات الهيمنة والاستعمار السياسى والاقتصادى والفكرى على مدار التاريخ الحديث والمعاصر الا اذا كانت هذه الامة تعانى من خلل جينى كبير يجعلها لا تستطيع قراءة المشهد الدولى والاستعمارى بصورة واضحة، واذا قرأته متأخرة لا تعرف كيف تتعامل مع مفرداته؟.

وحالة الشعوب العربية المتأزمة فى سوريا وليبيا واليمن والعراق، ومن سبقهم من بلدان الربيع العربى بدءًا من الصومال وصولا إلى تونس، تؤكد ما توصل اليه الباحثون الغربيون مؤخرا من أن المواقف التى يتبناها الناس إزاء القضايا الهامة، ترجع جزئيا إلى بنيتهم الجينية حيث تشير دراسة جديدة إلى أن الجينات لا تتحكم فقط فى التركيب البدنى للانسان، بل تؤثر فى آرائه ومواقفه أيضا. وكان يعتقد فى السابق أن المواقف التى يؤمن بها الانسان تكون خلاصة ما تعلمه من الابوين والمدرسين والاصدقاء والبيئة الثقافية المحيطة به.

لكن الاكتشاف الجديد الذى تم التوصل إليه من خلال مقارنة التوائم المتطابقة وغير المتطابقة، يشير إلى أنه فى مجالات محددة وهامة تلعب الجينات دورا لم يكن معلوما من قبل.

وتبين وجود صلة قوية بين التركيب الوراثى والمواقف الاخلاقية وفى حالات معينة، بدا أن الجينات تحدد موقف المرء إزاء عدد من أخطر المسائل التى تواجهها المجتمعات وأكثرها حساسية مثل الحق فى الحياة والموت والتمييز العنصري.

ويعتقد العلماء أن تكون ثمة صلة بين الجينات والشخصية وما يتعلق بها من خصائص. فقد ثبت وجود صلة كبيرة بين كون المرء منفتحا اجتماعيا وتبنيه مواقف محددة إزاء مختلف القضايا.

لقد انستنا ثورات الربيع العربى ان العالم يعيش الان ثورات من نوع آخر لا نستطيع ان نجاريه فيها لأنها ثورات علمية أحدثت تغييرًا وتطورًا جوهريًا فى الحياة البشرية، فالأحداث العلمية تتوالى بسرعة مذهلة، وآثارها لا يكاد يدركها خيال؛ فمن ثورة التركيب الذرى، إلى ثورة الإعلام، إلى ثورة الاتصالات، إلى ثورة الفضاء، إلى ثورة الإلكترونات، إلى ثورة المعلومات، إلى ثورة الذكاء الاصطناعى، ثم إلى ثورة الهندسة الوراثية.

ليتنا نعترف بأزمتنا الجينية ونستفيد من تجارب الآخرين ففى عام 1945 وجدت الدول الأوروبية نفسها متخلفة عن ركب العلم الأمريكى فى مجال بحوث الجسيمات الأولية، فوضعت حدا للحرب العالمية ولملمت جراحها ولأنه لم يكن باستطاعة أى منها منفردة أن تنهض بهذا العبء بسبب تكاليفه المالية الباهظة. وقد تعاونت الدول الأعضاء «لإنشاء المركز الأوروبى للبحوث النووية» المعروف باسم سيرن Cern، ليصبح أهم صرح علمى فى مجال الجسيمات الأولية. وكذلك بعد هزيمة اليابان بسلاح غامض ومهلك لا قدرة لها على مقاومته قال حكيم ياباني: «لقد هُزِمنا بسلاح صنع فى المعمل، وعلينا أن نبدأ من جديد فى المعامل».

وبعد أن تلقى العالم العربى الكثير من الهزائم والنكسات بأدوات تقنية تمت صناعتها فى المعامل، ويجرى تجربتها فى المنطقة، فقد حان الوقت لأن ينهض العالم العربى من غيبوبته المزمنة ويبادر بعلاج هذا الخلل الجيبى الخطير المتمثل فى الفوضى الفكرية والسياسية والاقتصادية قبل ان يموت سريريا.

[email protected]