رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

قال الرئيس عبد الفتاح السيسي تعليقا على القبض على وزير الزراعة في قضية الفساد: « انتو مش وخدين بالكوا ولا ايه.. احنا معندناش وقت نضيعه.. احنا بنسابق الزمن..  ولو إحنا منقدرش نحمي الشعب يبقى نروح نموت».

هذا ما أعتقد ان الرئيس السيسي قاله عندما عرضوا عليه قضية فساد وزارة الزراعة، وأخذ رأيه في مسألة القبض على الوزير المتهم.

وكان الرئيس قال هذا المعنى في أكثر من مناسبة، وفي أحد أحاديثه الشهرية استعرض ثلاث قضايا تشغل بال كل مصري، وهي « الفساد والإرهاب والجهاز الإداري للدولة».  وقد أوضح «السيسي»، أن الفساد في أجهزة الدولة كثير: «احنا بنحاربه وده هياخد وقت وهياخد إرادة من قبل المصريين.. احنا بدأين من الصفر فكلامنا عن الفساد ومواجهته إرادة من الدولة، وتوفيره للأجهزة الرقابية ونواجه الفساد علي محورين من خلال القضاء وتوجيه الفاسدين إليها .. وده المحور الاول، والمحور الثاني التشريعات والقوانين لمواجهة الفساد».

المشكلة أن كل مرتشى وحرامي وفاسد في مصر الآن مقتنع.. بأن كل ما يتمكن الحصول عليه هو استرجاع لبعض حقوقه.. وهو الشيء الأخطر.. فمن ضمن رشوة وزارة الزراعة حج 16 فردا .. فالمرتشي «الحاج» لا يفعل ذلك إن لم يكن مقتنعا أن ما يحصل عليه حلالا بلالا وسيكون حجه مبرورا وذنبه مغفورا ؟!

وقد يتساءل المصريون.. كيف يكون الفساد مازال موجودا ومستمرا بعد ثورة شعبية، بنفس التوغل والحجم والوتيرة، التي كان عليها أيام نظام مبارك والمخلوع ؟!.. والاجابة ببساطة لأننا لم نحاسب الفاسدين!!

وإن تعبير « مهرجان البراءة للجميع» الذى أطلق على محاكمات مبارك وجميع حاشيته الفاسدة، لم يكن للسخرية والضحك ولكنه كان للحسرة، وتأكيدا من الشعب على ان الفساد موجود ومستمرا مثل ثعبان، يزحف بين احراش المفسدين، وفي مستنقعات الفساد.. لأننا لم نقطع سوى جزء من ذيله، يوم ان اكتفينا بسجن مبارك بثلاث سنوات في قضية قصور الرئاسة !!

والمدهش، والمفجع، في قضية فساد وزارة الزراعة، أن أحد اطراف القضية، والذى كان مسجونا لمدة خمس سنوات في قضية فساد أيام مبارك.. كرر نفس المنهج والطريقة والأسلوب في القضية الجديدة مع المسئولين.. مما يؤكد ان الوزارات مازالت بيئة حاضنة للفساد، وأن إقالة او استقالة او اتهام او محاكمة وزير ليس هو الطريقة المثالية للقضاء على الفساد.. لأننا في كل مرة، وبالغباء نفسه، نضرب على ذيل الثعبان ونترك رأسه وبقية الجسد.. بل ونترك جحر الثعابين مليئا ولا نقترب منه.. والسؤال الصعب هل نترك هذا الجحر عن عمد وقصد أم عن إهمال وتراخٍ واستسهال؟!

وعموما فإن قضية فساد وزارة الزراعة تفجر العديد من القضايا المهمة، التي أعتقد انها أخطر من القضية ذاتها، وهى القضايا التي نعانى منه في الحقيقة أكثر من معاناتنا من الفساد المادي.. وهي قضايا فساد النفوس والعقول والقلوب!!

فعلي مدى 30 سنة من الفساد المتواصل مع حكم المخلوع مبارك أشاع حالة عامة من الفساد في البلد.. عندما سمح لحاشيته وحراس نظامه بالفساد وبالحصول على امتيازات ومخصصات ليس لهم حق فيها «ومنها الأراضي والقصور والفيلات والشقق التي حصلوا لهم ولأولادهم وأحفادهم، وتنازلوا عنها في مقابل عدم تحريك الدعاوى القضائية ضدهم»، وعندما وافق، سواء بمزاجه أو غصب عنه، باشتغال ولديه في البيزنس.. فأعطى الفاسدين الفرصة للسعى الي مشاركتهما والتقرب اليهما لأنهم يعرفوا انهما مفتاح كل باب مقفول للنهب والسرقة في الدولة.. «فمن سيرفض طلبا لابن رئيس الجمهورية في مصر؟!»  وهذا ما كان يجب ان يحاكم عليه.. ليس للانتقام منه أو عقابه فقط ولكن لردع حالة الفساد التي انتشرت في النفوس كانتشار عدوى الأمراض!!

والأخطر، أن هناك حلبة للفساد منصوبة في كل وزارة وإدارة حكومية.. وتشهد يوميا صراع الفاسدين مع بعضهم البعض.. بين الذين اتعودوا على الفساد من أيام مبارك، ويريدون استمراره، ومنهم عدد من رجال الأعمال، الذين أثروا بالفساد وليس بالأعمال، وبين الفاسدين الجدد والشمشرجية والوسطاء الذين يريدون أن يأخذوا مكانهم، أو يحصلوا على نصيبهم من الفساد، وتسللوا الى الإدارات الحكومية والاعلام، من صحف مستقلة وفضائيات خاصة، ويريدون الوصول الى البرلمان القادم ليحتمي بالحصانة ..ويسرقوا براحتهم مثلما كان الحال أيام الحزب الوطني ..وكأـن مصر لم تقم بثورتين ولم تخلع وتعزل رئيسين!!

[email protected]