رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا أكاد أصدق، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلي سنغافورة، هذا الأسبوع، هي أول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلي هناك، منذ استقلالها عام 1965.

إن خمسة رؤساء تعاقبوا عندنا علي كرسي الرئاسة، في الفترة من عام الاستقلال عندهم، إلي أن تولي السيسي الحكم، ولا يكاد الواحد منا يستوعب، كيف أن زيارة إلي التجربة السنغافورية، لم تخطر علي بال أي رئيس من بين الرؤساء الخمسة، مع أنها، منذ بدأت، تجربة تستحق فعلاً!

غير أن هذا، بكل أسف، هو ما حدث، ولأنه نوع من الماضي، فإن التوقف عنده، لن يفيدنا في قليل ولا في كثير، إلا بمقدار ما يدفعنا في مستقبلنا.

ولأن تجربة سنغافورة، كدولة، فيها الكثير مما يثير إعجاب غيرها من الدول، فإن علينا أن نركز علي أشياء محددة فيها، من بين هذا الكثير، لعلنا نستفيد منها، ونأخذ عنها ما ينفعنا.

وكيف لا تثير الإعجاب، كتجربة، وكدولة، إذا كانت قد وصلت إلي متوسط دخل سنوي للفرد، في حدود 57 ألف دولار سنوياً؟!

كيف لا تثير الإعجاب، ومن بعد الإعجاب تثير الغيرة، علي مستوي الكثير من الدول، إذا كانت قد حققت هذا المعدل من متوسط الدخل، بينما كل عمرها 50 سنة لا تزيد!

وفي كل الأحوال، علينا أن نتوقف في تجربتها، أمام ثلاثة أشياء علي وجه التحديد، بحيث ندرس كل شيء منها، ونعرف كيف نأخذ منه، لأيامنا المقبلة.

أما الشيء الأول، فهو قدرتها علي جذب الاستثمار إلي أرضها، رغم أنها في الأصل كانت أرضاً من المستنقعات، ورغم أنها كانت محتلة من ماليزيا، ورغم أن مساحتها ضيقة، إذا كان المعيار هو مساحات الدول من حولها.. رغم هذا كله، ورغم غيره، فإن الاستثمار يقصدها، قبل أن يقصد غيرها، وتلك مسألة في حاجة إلي دراسة متأملة وهادئة منا، وفي حاجة إلي أن يكون لنا فيها درس.

وأما الشيء الثاني، فهو قدرتها كذلك، علي تحلية مياه البحر، في زمن يتحدث فيه الناس في أنحاء العالم، عن ارتفاع تكلفة عمليات التحلية، وفي زمن يتحدث فيه الناس أيضاً، عن قيمة قطرة الماء العذب، وعن أنها يمكن في المستقبل، أن تنافس، من حيث قيمتها، قطرة النفط نفسها!

وقد كان خبر توقيع مذكرة تفاهم، بيننا وبينهم، أثناء زيارة الرئيس، لإنشاء محطة تحلية مياه في العين السخنة، من بين الأخبار المهمة حقاً، التي تدعونا إلي التفاؤل بوجه عام.

وأما الشيء الثالث، فهو تجربة «لي كوان يو» مؤسس سنغافورة، وصانع نهضتها، الذي رحل قبل أسابيع، وكان وداعه مهيباً، ويليق برجل مثله.. إنها تجربة وضعها صاحبها في كتاب منشور، كما أن سنغافورة كلها، اليوم، تعتبر كتاباً آخر مفتوحاً، لكل من أراد أن يقترب من التجربة، وأن يقرأها، وأن يفهم كيف استطاع رجل مثل «لي كوان يو» أن يحول مجموعة مستنقعات، إلي بلد هو الأعلي ربما، من حيث متوسط دخل المواطن فيه سنوياً!

إن جزءاً من سر تجربة ذلك الرجل، أنه كان يعمل طوال سنوات بنائه للبلد، علي طريقة مشروع قناة السويس الذي جري افتتاحه عندنا يوم 6 أغسطس الماضي.. والمعني، أنه لم يشأ منذ البداية، أن يعمل وفقط، أو أن يعمل في المطلق، أو يتحرك بلا هدف، وإنما حدد هدفه، منذ أول لحظة، ثم راح يسير إليه، بعزم، وبحزم، حتي حققه، ولما حققه انصرف، تاركاً المجال لآخرين.. في كل الأحوال أيضاً، فإنه كان يعمل وفق جدول زمني لا تهاون فيه، ولا كلام.

ادرسوا تجربته، وسوف تجدون فيها أنها التجربة الأفضل لرجل الدولة حيث يمتلك رؤية!