عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

الذين يعرفون هاني قدري، وزير المالية، يقولون عنه إنه وزير شاطر. وإنه فاهم في عمله، ولا يقولون ذلك، مجاملة له، وإنما عن معرفة به، وعن متابعة دقيقة ومستمرة لأدائه في «المالية» بشكل عام، منذ أن كان مساعداً للوزير الأسبق، إلي أن صار هو الوزير.

ولأنه كذلك، فإنني أتوقع منه، أن يبادر إلي إصلاح الخلل في الموازنة العامة للدولة، بما يكشف عن شطارته حقاً، في هذا الاتجاه!

والعجز الذي أقصده، هو أن تكون مصروفات الدولة، أعلي من إيراداتها، فتقع في أزمة، شأن أي بيت يمكن أن يواجه هذا الوضع، علي مستوي أصغر، من حيث حجم مصروفاته، إذا قورنت بايراداته.

ومناسبة هذا الكلام، هو التصريح الذي أطلقه الوزير، هذا الأسبوع، بعد لقاء له مع المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء.

فالرجل قال إن إيرادات الدولة أقل من مصروفاتها، وأن الوارد إلينا، من دخل، يكاد لا يكفي دفع الرواتب، ومعها فوائد الدين العام.

والتصريح بهذه الصيغة، يشير إلي موضعين اثنين، من مواضع أربعة لإنفاق الميزانية العامة للدولة.. أما الأول فهو الأجور، وأما الثاني فهو فوائد الدين العام، وأما الثالث فهو دعم الطاقة والسلع المختلفة للفقراء وغير القادرين، وأما الأخير فهو للانفاق علي الخدمات العامة، كالصحة، والتعليم، والطرق، وغيرها.

وحين يجد الوزير أنه مضطر للتصريح بما قال به، فمعني ذلك، أن هناك خللاً، ليس في موارد الدولة، وفقط، وإنما هناك خلل أكبر، في شكل وطبيعة الانفاق العام، في كل موضع من هذه المواضع الأربعة.. وإذا شئنا الدقة، قلنا إن الخلل في اثنين منها علي وجه التحديد، هما: الأجور، ثم الدعم.

الخلل قائم في الأجور، لأن عندك كدولة، 6٫5 مليون موظف، ولأنك ملتزم بدفع أجورهم عند نهاية كل شهر، ولأن الحكاية ليست في التزامك بأجورهم، ولا في نهاية كل شهر، ولكنها في أنك لست في حاجة سوي إلي واحد علي ستة من هذا العدد، بما يعني أنك كحكومة، عندما تدفع مرتباً لموظف يستحق عند آخر الشهر، فأنت تدفع مرتبات لخمسة إلي جواره، لا يستحقون، لأن العمل، من حيث طاقته الطبيعية ليس في حاجة إليهم!

ونقطة البداية، لمواجهة عجز الإيرادات عن الوفاء بالتزامات الدولة، هي أن تجد حلاً لهؤلاء الخمسة الذين يتقاضون أجوراً، عن غير حق، في مواجهة كل واحد يتقاضي أجراً، عن حق، لأن إجمالي عدد حالات هؤلاء الخمسة، علي مستوي الدولة يصل إلي نحو خمسة ملايين موظف لا حاجة للعمل، من حيث حجمه الحالي، إليهم، ولا إلي تواجدهم في مواقع العمل!

ثم نقطة البداية الثانية، أن نلتفت إلي أن بند الدعم، في الموازنة العامة للدولة، في حاجة هو الآخر، إلي ضبط خلل جسيم فيه، وهذا الخلل مرجعه إلي أننا عندما نقول إن الدعم مخصص للفقراء، ومحدودي الدخل، وغير القادرين فإن الكلام لا يكون دقيقاً، ولا أميناً، ولا معبِّراً عن واقع الحال.

والكلام لا يكون كذلك، لأنه ليس من المعقول، أن يكون الدعم خصوصاً في الطاقة، علي إطلاقه هكذا، للقادر ولغير القادر، ثم نشكو في النهاية، من أن مواردنا لا تكاد تكفي المرتبات!

هناك دول حولنا في العالم، واجهت وضعاً كهذا، ثم عالجته، ولابد ونحن نواجهه، أن نأخذ من تجربتها، وألا نبدأ من عند الصفر، وألا نظل نبحث عن اختراع للعلاج، دون جدوي، بامتداد سنين، مع أن علاجاً مجرباً لدول أخري أمام أعيننا!

نحن نراهن، باختصار، علي شطارة هاني قدري، في ضبط هذين البندين، من بنود الموازنة العامة، ولابد للدولة أن تدعمه، وأن تساعده، وأن تهيئ الرأي العام، لما سوف تذهب إليه من حلول، ليكون سنداً لها، وللوزير!