رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أﺻﺤﺎب اﻟﻬﻤﻢ.. رﺣﻠﺔ ﻋﺬاب ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ

بوابة الوفد الإلكترونية

عانى ذوو الهمم على امتداد عقود طويلة من التهميش رغم أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع، فكان اختلافهم نقمة على حياتهم، حتى جاءت القيادة السياسية وأعلنت عام 2018، هو عام متحدى الإعاقة والاحتياجات الخاصة، لتعيد لهم بريق الأمل من خلال منحهم فرصا أفضل، وكان هذا بمثابة إعلان خطوة جديدة وبادرة خير لترسيخ حقوقهم فى كافة مجالات الحياة.

من هنا بدأت رحلة الاهتمام بتلك الفئة المجتمعية التى عاشت مهمشة لسنوات طويلة، والتى لا يقل عددها عن 10.7 مليون مواطن وفقاً لتقدير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى 2022، وذلك من خلال دعم حقوقهم وزيادة مستوى الوعى بقضاياهم وتعزيز جهود دمجهم داخل المجتمع، خاصة أن منهم من أبهر العالم بتحديه لإعاقته عبر المثابرة والعمل الجاد وأصبح صورة مشرفة لمصر فى البطولات الرياضية العالمية.

ويواجه ذوو الهمم أزمات كثيرة فى حياتهم اليومية، على رأسها أزمة قبول الأطفال فى المدارس أو الحصول على حقوقهم فى التعليم والصحة والأنشطة المختلفة بصورة طبيعية، مما يتسبب فى معاناة دائمة لهم ولأسرهم.

كما يواجهون تحديات كبيرة أيضاً فى استخراج «بطاقة الخدمات المتكاملة» التى طرحتها الدولة لتكون ملزمة لكل الجهات الحكومية وغير الحكومية، وتساعد أصحاب الإعاقات فى الحصول على العديد من المزايا والخدمات التى أقرها لهم القانون، وذلك بسبب صعوبة الإجراءات التى وصفها البعض بالمعقدة، والفترة الزمنية الطويلة التى تحتاجها هذا البطاقة لاستخراجها.

فى هذا الملف نرصد أبرز التحديات التى تواجه ذوى الهمم فى محاولات دمجهم فى المجتمع ونبحث معهم عن حلول لها.

 

قانون ذوى الإعاقة.. نصوص ملزمة.. والتنفيذ محدود

 

حاول القانون رقم 10 لسنة 2018 والخاص بذوى الإعاقة فى لائحته التنفيذية تحديد الآليات والضمانات الواجبة لهم من خلال: ضمان استخدام الأشخاص ذوى الإعاقة لكافة الخدمات والأنشطة والمرافق العامة ووسائل التعليم دون إقصاء أو استبعاد، وإصدار بطاقة موحدة لإثبات الإعاقة، وأن يكون التأمين الصحى متاحاً لجميع الأشخاص ذوى الإعاقة بموجب بطاقة إثبات الإعاقة، مع الالتزام بتعليم دامج فى المدارس والجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية الحكومية وغير الحكومية، والالتزام بمحو أمية من فاتهم سن التعليم، بالإضافة إلى ضمان الحق فى التعليم العالى والدراسات العليا، وتخصيص نسبة لا تقل عن 10% من أماكن الإقامة بالمدن الجامعية، وإنشاء الكليات والمعاهد المتخصصة فى إعداد وتخريج كوادر للعمل بمجال الإعاقة، ووقع القانون عقوبة على كل من شارك فى حرمان أى طفل ذى إعاقة من التعليم.

كما وضع القانون عددا من المميزات المتاحة لهم لضمان كافة حقوقهم، وهي: تجريم التمييز بسبب الإعاقة، ضمان حقوقهم الواردة باتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، الحق فى الزواج وتأسيس الأسرة والحق فى السلامة الجسدية، إعفاء شخصى من الضريبة على الدخل لكل شخص من ذوى الإعاقة أو من يرعى شخصًا ذا إعاقة من درجات القرابة الأولى والثانية أو الشخص الذى يرعاه فعليا، والالتزام بنسبة 5% من المساكن التى تنشئها الدولة أو المدعمة منها ويحق للفتيات الحصول عليها.

كما يتضمن القانون أيضاً ضرورة الالتزام بالكود الهندسى فى المبانى والمرافق العامة لتيسير استخدامها للأشخاص ذوى الإعاقة، تخفيض 50% فى جميع وسائل النقل الحكومية بكافة درجاتها وفئاتها وأنواعهما، الإعفاء الضريبى والجمركى لسيارات ذوى الإعاقة وتكون من حق كل معاق أيا كان نوع إعاقته، مع الالتزام بإتاحة كافة البنوك والجهات المصرفية للتعامل معه، وتخصيص نسبة 5% من الجمعيات العمومية للهيئات العاملة فى مجال الثقافة والرياضة، وتوقيع عقوبة السجن المشدد على من يقوم أو يحرض على إخصاء أو تعقيم أو إجهاض غير قانونى للأشخاص ذوى الإعاقة.

وتنفيذًا لتوصيات الرئيس عبدالفتاح السيسى، نهضت الحكومة بإقامة المشروعات اللازمة لهم لإعادة تأهيلهم لدمجهم فى المجتمع والاستفادة منهم، فكانت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى أول المبادرين بإعلان عزمها على اتخاذ إجراءات جديدة لاحتضان الطلاب من متحدى الإعاقة بالجامعات، حيث أنه جار إعداد 3 كليات لاستقبالهم كما أنه جارى وضع خطة لتأهيل مزيد من الكليات لتوسيع دائرة عملهم ودمجهم فى المؤسسات المختلفة، إضافة إلى تعديل نسب القبول لعدد آخر من الكليات بما يقرب من 50% لسهولة دمجهم فى المجتمع الجامعى.

كما تم تخصص كلية لتأهيل ذوى الاحتياجات الخاصة تمنح شهادة جامعية فى هذا التخصص، وذلك لتضمينهم فى المجتمع كعنصر فاعل قادر على تحقيق العديد من الإنجازات، بالإضافة إلى إعطاء توجيهات لرؤساء الجامعات بإعفائهم من المصروفات الدراسية، والمدن الجامعية، من خلال الاستعانة بموارد صندوق التكافل الاجتماعى لغير القادرين، وإنشاء إدارة لرعاية الطلاب ذوى الاحتياجات الخاصة كما حدث فى جامعة المنصورة.

وقامت وزارة النقل بتطبيق القانون، واتخذت شبكة الطرق الجديدة نقطة انطلاقها، حيث يتم إنشاء طرق جيدة وعلى مستوى عالٍ، لوقف وقوع حوادث كثيرة مما يتسبب فى زيادة حالات الإعاقات، وتم بدء العمل فى شبكة الطرق منذ عام 2014، وقد نجحت هذه المنظومة فى منع إضافة ما يقرب من 5 آلاف حالة إعاقة لأعداد المعاقين حاليا، نتيجة الرقابة على الطرق والحد من وقوع الحوادث، إضافة إلى أنه تم تخصيص تذاكر مخفضة لذوى الإعاقة فى المترو، وأيضاً بالسكة الحديد، مع تأهيل المحطات أثناء ركوبهم.

ورغم كافة هذه المميزات التى حددها القانون لإنصاف ذوى الهمم، إلا أن التنفيذ لا يزال محدودا بسبب ضعف الإمكانيات أو البيروقراطية والروتين وتعقيد الإجراءات التى تحرم هذه الفئة من حقوقها الأساسية.

 

 

المبادرات الحكومية وحدها لا تكفى

 

تولى الدولة عناية كبيرة لأصحاب الهمم، وذلك للاقتناع والإيمان التام بأن هؤلاء الأشخاص، بما لديهم من قدرات وإمكانيات، إذا ما توفرت لهم الخدمات التدريبية والتأهيلية الملائمة والفرص المتكافئة، سيتمكنون من المشاركة بفاعلية جنباً إلى جنب مع باقى أفراد المجتمع. هذا بالإضافة إلى الإيمان الكامل أيضاً بأن قضية الإعاقة قضية مجتمعية، يلزم مواجهتها بتكافل جهود الحكومات والمجتمع المدنى والقطاع الخاص وذوى الهمم أنفسهم.

وفى هذا الصدد سعت مصر لإعداد قانون للإعاقة وإنشاء المجلس القومى للأشخاص أصحاب الهمم بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 11 لسنة 2019، ليحل محل المجلس القومى لشئون الإعاقة الصادر بقرار رئيس الوزراء رقم 410 لسنة 2012، وذلك بهدف تعزيز وتنمية وحماية حقوق وكرامة الأشخاص أصحاب الهمم، المقررة دستوريًا ونشر الوعى بها.

كما تقوم وزارة التضامن الاجتماعى بتنفيذ مجموعة من الأنشطة والخدمات والبرامج الاجتماعية والتعليمية والطبية والصحية والترفيهية والرياضية، والبرامج الإرشادية والتدريبية للأشخاص ذوى الهمم، بمختلف إعاقاتهم سواء حركية، بصرية، سمعية، ذهنية، أو متعددى الإعاقة، كما تتبنى أسلوب التأهيل المرتكز على المجتمع كمنهج وإستراتيجية عمل نحو دمج الأشخاص أصحاب الهمم بالمجتمع، والحد من الإعاقة وتقديم الخدمات التدريبية والتأهيلية.

وتقدم الدولة رعاية خاصة لهم بتخصيص نسبة 5% من الوحدات السكنية لصالح ذوى الإعاقة والاحتياجات الخاصة، وتفعيل كود الإتاحة الهندسى لتصميم الفراغات الخارجية والمبانى لاستخدامات أصحاب الهمم وتأمين عبور المشاة وتحقيق سيولة مرورية.

من جانبها تتبنى وزارة الصحة حق أصحاب الهمم فى الرعاية الصحية والتعليمية والتأهيلية فى جميع مراحل النمو، وتعمل أيضاً على حقهم فى العمل والتوظيف، بالإضافة إلى الحق فى التمتع بكافة الحقوق المادية والاجتماعية والقانونية.

كما تم إصدار بطاقة الخدمات المتكاملة التى تتبنى من خلالها الحكومة برنامجًا طموحًا لتوفير الرعاية اللازمة والعناية الفائقة لأصحاب الهمم، والتى ستسهم بشكل تدريجى فى حل المشكلات التى كانت تمثل عبئًا عليهم، حيث تعتبر مفتاحا للحصول على حقوقهم التى نص عليها القانون من تأمين صحى ومعاش وتوفير فرص عمل.

وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات فإن الدفعة الأولى التى تم إصدارها من هذه البطاقات فى أواخر 2022 يبلغ عددها ٥٠٠ ألف بطاقة، وصدرت للأشخاص الذين أجروا بالفعل الكشف الطبى الوظيفى المميكن، الذى يثبت الإعاقة ويحدد نوعها ودرجتها، أو من حصلوا بالفعل على معاش «كرامة» من الأشخاص ذوى الإعاقة، بينما هناك أكثر من 10 ملايين معاق ينتظرون إصدار هذه البطاقة التى تغنيهم عن السؤال.

ويواجه أصحاب الهمم مشكلات عديدة لاستخراج هذه البطاقة التى توفر لهم عددا من الامتيازات التى تسهل عليهم أمورا كثيرة فى حياتهم تتعلق بالصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية المختلفة، بالإضافة إلى مشكلة كود الإتاحة الذى يسمح باستقلال وسائل المواصلات بأسعار مخفضة ومناسبة لهم.

هذه الخدمات رغم أهميتها ما زالت تعانى قصوراً شديداً، ويعانى الكثيرون من ذوى الاحتياجات الخاصة من صعوبة إجراءات حصولهم على بطاقة الخدمات المتكاملة أو كود الإتاحة، بل أن الأمر يصل إلى ارتكاب البعض لمخالفات مرتبطة باستغلال ذوى الإعاقة للحصول على السيارات المعفاة من الجمارك.

يقول أيمن على، أحد المتقدمين للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة، إن هناك صعوبة شديدة فى استخراج البطاقة أو حتى معرفة إذا ما كنت مقبولًا أو مرفوضًا بسبب طول الفترة الزمنية، والتى ترجع إلى عدة أسباب أولها كثرة الأعداد المتقدمة للحصول على الكارت.

وأشار «أيمن» فى حديثه لـ«الوفد» إلى أن أحد الأسباب أيضاً هى قلة عدد المراكز الطبية المعتمدة الخاصة باستخراج التقارير الطبية اللازمة ضمن الأوراق المطلوبة، وعدم استيفاء الأوراق والمستندات وحتى وسائل الدفع من جهة واحدة أو مكان واحد، فهى تتم من خلال عدة جهات تبعد عن بعضها البعض ويتسبب ذلك فى تكدس وزحام شديد فى هذه الجهات، وهو ما يجعل هناك صعوبة أو بالأدق تأخر فى استخراج البطاقة، لافتًا إلى أنه بدأ إجراءاته منذ 16 يناير 2023 وحتى الآن لم يحصل على الرد بالقبول أو الرفض.

وطالب «أيمن» بتوفير المراكز اللازمة لمساعدة المتقدمين فى إجراءات التقديم عبر وسائل الإنترنت، خاصة أن الكثيرين منهم لا يجيد التعامل مع شبكة الإنترنت ويحتاج لهذه المساعدة، حتى تتم الإجراءات وعملية التقديم بالشكل السليم.

وأشار مصطفى عبدالهادى إلى مشكلة النقل وكود الإتاحة قائلًا: بعض المحطات فى مترو الأنفاق وبعض المحصلين فى أتوبيسات النقل العام لا يعترفون ببطاقة كود الإتاحة خاصة للكفيف، وكذلك أيضاً الكثير من المؤسسات والمصالح سواء كانت حكومية أو خاصة لا تفعل كود الإتاحة لديها، ويعانى أصحاب الإعاقة من مشكلات كثيرة فى الدخول أو الخروج من هذه الأماكن.

وعن بطاقة الخدمات المتكاملة أكد «مصطفى» أن الكثير من الجهات لا تعترف بها، فضلًا عن إجراءات استخراجها الصعبة والتى تحتاج الذهاب لأكثر من جهة، وكذلك طول الفترة الزمنية اللازمة لاستخراجها والتى قد تستغرق شهورًا، وكذلك عدم الاعتراف أحياناً ببعض الفحوصات الطبية رغم أنها مستخرجة من جهات حكومية، لافتًا إلى أن تكلفة الأشعة الواحدة تصل إلى 2000 جنيه.

وتعتبر البطاقة هى الوسيلة الوحيدة المُعتمدة لإثبات الإعاقة ونوعها ودرجتها، لتساعد فى الحصول على الخدمات المختلفة، وعلى التسهيلات والمزايا المقررة لصاحبها، وذلك بموجب التشريعات السارية من دعم وتأمين صحى ونسبة العمل وخلافه، وتتمثل إجراءات الحصول على البطاقة، وفق اللائحة التنفيذية للقانون، فى التقدم لمكتب التأهيل الاجتماعى التابع لمحل الإقامة، لملء نموذج استمارة الخدمات الشاملة، وتقديم تقرير طبى يوضح تشخيص الحالة، والذى يجب أن يكون صادرا من أحد مستشفيات وزارة الصحة، أو المستشفيات الحكومية، أو المستشفيات التابعة للقوات المسلحة والشرطة، وتشمل الإجراءات قيام مكتب التأهيل الاجتماعى بتقييم الحالة وتحديد درجة الإعاقة ونوعها، ويتم استلام البطاقة من مكتب التأهيل الاجتماعى بعد التأكد من صحة البيانات.

 

 

التعليم معاناه للأهل والأبناء

 

مشكلات المعاقين فى مصر لا تقتصر فقط على بطاقة الخدمات الحكومية ولا على تطبيق كود الإتاحة، فهناك مشكلات أخرى تواجههم منها ما هو مرتبط بممارسة الأنشطة أو الحصول على

حقوقهم بشكل عام، وتعد مشكلات التعليم واحدة من أهم المشكلات التى يواجهها ذوو الهمم فى مصر نظرا لتأثيرها المباشر على مستقبلهم.

يقول مصطفى عبدالهادى أحد أفراد «قادرون باختلاف»، إن أصحاب الهمم يواجهون مشكلات كثيرة فى مجال التعليم، خاصة المكفوفين فى مراحل التعليم الجامعى إذ تغيب فكرة طباعة الكتب بطريقة «برايل» على عكس التعليم المدرسى الذى يوفر المواد الدراسية بطرق مناسبة لهم، سواء بطريقة برايل أو عن طريق السمع.

وأضاف «عبدالهادى» فى حديثه لـ«الوفد» أن تكلفة تحويل الكتب الجامعية والأعمال البحثية والدراسات وغيرها، من كتب عادية لكتب مطبوعة بطريقة برايل تمثل عبئًا كبيرًا على المكفوفين.

وتضيف وفاء محمد ولية أمر الطفل «أدهم» والذى يُعانى التوحد إنها تواجه صعوبة كبيرة من قبل العاملين فى المدرسة فى التعامل مع ابنها، خاصة أنها بعدما تقدمت بابنها لإحدى المدارس الفكرية فوجئت بردهم أن لديه مستوى ذكاء متميز، وعليها التوجه به لإحدى المدارس العادية، حيث لا مكان له بين أبناء المدرسة.

وأكدت «وفاء» أن ابنها يعانى أيضاً من فرط الحركة والعصبية بسبب حالته، وهو ما يصعب التعامل معه بالطرق التقليدية، ويحتاج لاهتمام خاص تفتقده إدارة المدرسة والمعلمون الذين لا يستطيعون التعامل مع مثل هذه الحالات، وحتى الأخصائيين الاجتماعيين أنفسهم لا يستطيعون ذلك.

الدكتورة هالة منصور أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها أكدت أن كليات التربية فى مصر لديها أقسام تدرس فنون التعامل مع ذوى الهمم، وتعطى دروسًا تسهم بشكل كبير فى تخريج أخصائيين اجتماعيين ومعلمين قادرين بالفعل على التعامل مع كافة أنماط الطلاب والأطفال أيا كانت حالتهم، وذلك من خلال التدريب على برامج تأهيلية تساهم فى العمل على دمج أصحاب الهمم مع غيرهم فى المدارس العادية.

وأوضحت «منصور» لـ«الوفد» أن المشكلة الحقيقية تكمن فى أن غالبية المعلمين فى مدارس مصر الآن غير تربويين، خاصة فى المدارس الخاصة، وبالتالى هم غير مؤهلين للقيام بدورهم فى إطاره السليم وبالتالى تكون النتيجة هو ما يعانى منه ذوو الهمم الآن.

وأشارت أستاذ علم الاجتماع إلى دور الأسرة فى تعزيز مقومات مساعدات أبنائهم من أصحاب القدرات الخاصة للمساهمة فى دمجهم بالمجتمع بالشكل السليم، خاصة فى المدارس والمؤسسات التعليمية، مشيرة إلى أن هناك بعض الأسر كانت سببًا فى تأزم المشكلة بشكل أكبر، عندما رفضوا وضع أبنائهم فى الأماكن المخصص لهم لتأهيلهم وتدريبهم والحفاظ عليهم، فكانوا سببًا من أسباب تأجيج المشكلة، وهذه مشكلة «وعى» فى المقام الأول.

 

 

«بطاقة الخدمات المتكاملة» متعثرة.. و«كود الإتاحة» خارج الخدمة

 

رغم الجهود التى تبذلها الجهات المختلفة فى الدولة إلا أن ذوى الهمم فى مصر ما زالوا يبحثون عن حقوقهم ولابد أن تتضافر جهود الجميع لمنحهم هذه الحقوق، فهى حقوق مشروعة نصت عليها القوانين الوضعية وتلزمنا بها القواعد الإنسانية.

ومن هذا المنطلق بدأت النائبة رشا إسحق، أمين سر لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعى بمجلس الشيوخ حديثها مؤكدة أنه يوجد فى مصر حوالى 12 مليون شخص من ذوى الاحتياجات الخاصة، مطالبة بضرورة رعايتهم وتوفير كافة أوجه الدعم لهم لدمجهم فى المجتمع بشكل صحيح، مضيفة أن الشخص المعاق يؤثر على باقى أفراد أسرته، وبهذا تصبح رعاية هؤلاء واجبا علينا جميعا لحماية ما يقرب من 36 مليون شخص أى ثلث سكان مصر.

وأوضحت أنه رغم الإنجازات التى تحققت لدعم ذوى الاحتياجات الخاصة إلا أننا ما زلنا فى حاجة إلى المزيد للتغلب على التحديات التى ما زالت تواجههم، مطالبة بضرورة زيادة الوعى المجتمعى للتعامل معهم ودمجهم وتطوير الخدمات المتكاملة لهم وتيسير مشاركتهم لكافة الأنشطة.

وأكدت أمين سر لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ أنه لا أحد ينكر الإنجازات التى حققتها الدولة المصرية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ملف ذوى الهمم، موضحة أن الإنجازات تمثلت فى انتصارات عديدة تنوعت ما بين مبادرات رئاسية وحكومية فى سبيل دعمهم، ناهيك عن تشريعات أصدرها مجلس النواب خلال الفترات الماضية آخرها «قانون ذوى الإعاقة» و«قادرون باختلاف».

وانتقدت «إسحق» فى نهاية كلمتها صعوبة إجراءات حصول ذوى الاحتياجات الخاصة على بطاقة الخدمات المتكاملة والتى أقرها القانون، مطالبة بضرورة التنسيق بين وزارة الصحة والتضامن لحل الإشكاليات التى تواجههم للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة.

من جانبها تقول الدكتورة هبة هجرس، رئيسة لجنة الإعاقة بالمجلس القومى للمرأة، إن هناك حالة من الالتباس لدى البعض بشأن مشكلة بطاقة الخدمات المتكاملة، فالمشكلة الحقيقية أن أعداد المتقدمين للحصول عليها قليل جدًا، وذلك بسبب عدم قدرتهم على التعامل مع شبكات الإنترنت واستخدامها بالشكل السليم الذى يضمن سلامة تقديم الأوراق والمستندات واستكمال الإجراءات بصورة صحيحة.

وأوضحت «هجرس» فى حديثها لـ«الوفد» أن الناس لا تدرك المميزات الحقيقية لكارت الخدمات المتكاملة بشكل كافٍ، ويغيب عنهم الوعى بأهميته، كما أنهم يعجزون عن استخراجه بسبب عدم وجود مراكز تساعدهم على إرفاق أوراقهم ومستنداتهم بشكل سليم، مطالبة بضرورة التوجه إلى مراكز لديها الخبرة فى التعامل مع عملية رفع البيانات على مواقع التقديم.

وأشارت رئيسة لجنة الإعاقة بالمجلس القومى للمرأة إلى أن هناك غياب وعى أيضاً حول أن بطاقة الخدمات المتكاملة هى بطاقة خاصة لشديدى ومتوسطى الإعاقة، لكن قاعدة البيانات كشفت عن وجود نسبة كبيرة من أصحاب الإعاقات البسيطة من بين المتقدمين للحصول عليها، وهذا هو السبب الرئيسى وراء تعطل النتائج وتأخر استخراج البطاقات، لذلك على الجميع الالتزام حتى تصل الحقوق لأصحابها.

وطالبت «هجرس» بضرورة مراعاة وتنفيذ كود الإتاحة ووضعه كشرط أساسى من شروط إصدار التراخيص والبناء والتجديد وذلك فى إطار التدابير والسياسات التى من شأنها تعزيز حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة فى مصر.

من ناحية أخرى يرى الدكتور محمد البغدادلى خبير السلامة المهنية ورئيس الجمعية العربية لخبراء ومحترفى السلامة المهنية، أنه فى ظل عدم تطبيق كود الإتاحة فى المبانى أو المرافق العامة، فإنه من الضرورى أن تقوم الدولة بإصدار قرار يقضى بأن يكون إصدار التراخيص لأى منشأة سواء كانت عمارة أو هيئة أو شركة أو مؤسسة حكومية أو خاصة، مرهون بتنفيذها لكود الإتاحة، وهو الكود الدولى الذى يتم الاعتراف به على المستوى العالمى، والذى يجعل المعاق له القدرة على ممارسة حياته بشكل طبيعى بلا قيود أو مشكلات، على أن يتم تعديل كافة المصالح والهيئات الحكومية بما يتناسب مع المعاق، خاصة المصاب بالإعاقة الحركية، وهو ما سيجعله يخرج ويدخل بصورة طبيعية للأماكن مثله مثل أى مواطن طبيعى.

وأضاف البغدادلى أن كود الإتاحة الذى تم إقراره جيد جدا، ولكنه لا يطبق للعديد من الأسباب التى تتعلق بأن المرافق والمبانى ووسائل المواصلات فى مصر مصممة على الطراز القديم والذى لم يكن فيه أى اهتمام بالمعاقين، ولكن الآن ومع التقدم الصناعى والتكنولوجى بات من الضرورى استغلال التكنولوجيا فى تسهيل حياة ذوى الهمم عبر تركيب سلالم أوتوماتيكية فى أوتوبيسات النقل العام، وتوفير سلالم إلكترونية داخل مترو الأنفاق أو داخل المرافق والمبانى، وهى الأشياء التى تغيب عن مصر وتحتاج إلى اهتمام من الجهات المعنية، خاصة عند الاتجاه لبناء المدن الجديدة أو عند استيراد وسائل مواصلات جديدة.

وأشار «البغدادلى» إلى أن الكرة حاليا فى ملعب المحليات، ويجب عليها التنسيق بين الجهات المختلفة لتفعيل كود الإتاحة، وهو أمر يحتاج إلى مخصصات مادية وإرادة سياسية من أجل التطبيق على أرض الواقع، مشيراً إلى أن المشكلة الأكبر فى المدن القديمة مثل القاهرة أو الإسكندرية التى تحتاج إلى إعادة تأهيل بنيتها من أرصفة إلى مرافق، إلا أنه يجب أيضاً مراعاة كود الإتاحة فى الأماكن والمدن الجديدة.