رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى بقيادات الصحافة والإعلام منذ أيام لم يكن مناسبة عابرة أو لقاء مجاملة، بل رسالة شديدة الوضوح تؤكد على أن الإعلام ركيزة من ركائز الدولة، شريك فى صناعة وعى المواطن، وحائط صد أمام الشائعات وحملات التضليل، الرئيس وضع أمام الحضور خارطة طريق واضحة، تطوير شامل يواكب المتغيرات المتسارعة، تمكين الكوادر الشابة المؤهلة، ترسيخ ثقافة «الرأى والرأى الآخر»، إتاحة المعلومات خاصة فى أوقات الأزمات، وتحسين الوضع المعيشى للصحفيين عبر زيادة البدلات وابتكار آليات دعم جديدة.

خطورة الأمر أن هذا الضعف ينعكس على الشارع، حين يُترك المواطن بلا معلومة موثوقة تتسلل المنصات المعادية وتملأ الفراغ، وحين يغيب الإعلام عن دوره يختلط الوعى الزائف بالحقائق فيتحول الرأى العام إلى ساحة مفتوحة أمام التضليل، هذه ليست مخاوف نظرية بل واقع نراه كل يوم، برامج تكتفى بالصراخ بدل التحليل، شاشات تلاحق الفضائح بدل الإنجازات، وصفحات تمتلئ بالسطحية على حساب العمق.

الإعلام القوى ليس ترفا بل سلاح دولة، ما من أمة خاضت معركتها مع التحديات وانتصرت إلا وكان فى يدها إعلام يقظ، قادر على صناعة رؤية وطنية ومصارحة المواطن بالحقيقة بلا مواربة. لكن واقعنا اليوم يشى بعكس ذلك، فالمهنة تراجعَت بعدما فُتحت أبوابها للدخلاء، وغاب عنها التدريب الجاد، وتحولت لغة الإثارة إلى بديل عن المهنية، وتراجعت القضايا الكبرى أمام مطاردة تفاهات التريند.

وضع الصحفيين لا ينفصل عن الأزمة، فكيف نطالبهم بتحقيقات جريئة ومحتوى احترافى بينما يقبعون فى قاع الأجور، بلا موارد كافية ولا تدريب مستمر؟ وهل تكفى زيادة بدل التكنولوجيا لمعالجة خلل تراكم لعقود؟ أم أن الأمر يحتاج إلى إصلاح هيكلى شامل يعيد للمهنة مكانتها وللعاملين فيها كرامتهم؟

الإصلاح الحقيقى لا يبدأ بالشعارات، بل بخطوات حاسمة ووضع معايير صارمة لمزاولة المهنة، إغلاق الأبواب أمام المتسللين الباحثين عن الأضواء، ضخ المعلومات بانتظام إلى غرف الأخبار، وإعادة الثقة بين الجمهور والإعلام الوطنى الذى فقد بريقه فى عيون كثيرين، نحن بحاجة إلى محتوى أعمق، أكثر قرباً من نبض الناس، وأقدر على تقديم صورة حقيقية لمصر للعالم مدعومة بالحقائق لا بالصوت العالى.

المعركة مع الشائعات وحروب الأجيال الجديدة لا تحتمل التأجيل، كل يوم بلا إصلاح يفتح ثغرة فى جدار الوعى الوطنى، الإعلام ليس فهلوة ولا سباقا على الشهرة، بل رسالة ومسئولية وأمانة، قد تبنى أو تهدم وطناً بكلمة أو صورة ولن يستعيد الإعلام المصرى مكانته إلا إذا تحول إلى قوة فاعلة تدافع عن الدولة وتحمى وعى الناس عبر خطة إصلاح معلنة، بجداول زمنية واضحة واستثمار حقيقى فى الكوادر الشابة والتدريب المستمر وترسيخ ثقافة الحوار وقبول الاختلاف.