مازالا المشوار طويلا
وقف كل منا فى دوره إنتظارا لأنهاء إجراءات السفر ، حتى فوجئنا بشاب يجر أمتعته ، ويهرع نحو الموظف المسئول يقدم له جواز سفره وباليد الأخرى يضع حقائبه على الميزان ، وسط ذهول المواطنين الذين التزموا بالطابور ، فمنهم من امتعض ، ومنهم من ارتفع صوته مستنكرا هذا السلوك ،
وآخر رفض رفضا قاطعا أن يكمل إجراءاته ، ثوان معدودات حتى تطاولا على بعضهما بالألفاظ وبدأ الإشتباك بالأيدى ، والأجانب وقفوا يطالعون فى ذهول هذا العنف فى ساعات الصباح الأولى فى أهم الأماكن حيوية ، تدخل أمن مطار القاهرة وبعض الركاب من أجل فض الإشتباك ، ماأثار الإستياء هى نظرة الغرور والتعالى التى بدت واضحة على الشاب الذى تصرف كأنه سيغادر منفردا لايقيم وزنا لأى كان ، ولو كان على عجل لاستطاع بأسلوب مهذب أن يستأذن من فى أول الطابور ، وبالطبع كان سيقول له لامانع ....تفضل ، أما حديث الناس فى تلك اللحظة فكان أن ثورة بمصر لم تقم ، مازالت الهمجية فى كل مناحى حياتنا ، مازلنا بعيدين عن روح الإلتزام والإحترام ، الشعب المصرى يعشق أن يخالف فتلك سمته ، لم يتعود أنه مقابل المطالبة بالحقوق بشتى الوسائل ، فعليه أيضا واجبات نحو المجتمع يجب أن تراعى ، وأولها إحترام حقوق الآخرين ، المصرى دائما مايلتف نحو القوانين ، وهذه موروثات زرعتها الأنظمة المستبدة فى العهود الغابرة ، فدائما مايكون هناك استثناءات ، الأبواب الخفية التى تكسر كل القواعد ، تذلل كافة العقبات بطرق ملتوية تضع الإمضاءات والأختام وتقول للشئ كن فيكون ، كانت هذه الأمور عادية يتقبلها الجمهور قبل الثورة فكنا لانسمع إلا أن فلان من طرف الباشا الكبير ، فلان سلّك أموره وفتّح دماغه وكله بثمنه ، كانت الناس تعلم أن الفوضى والتمييز بين المواطنين لايسريان على علية القوم ، فهؤلاء خارج السرب طلباتهم أوامر، لايقفون فى الطابور ، لاتطبق عليهم أى