عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الرئيس يبحث عن مقبرة..!!

عاش في ظل نظرية الحق الإلهي للملوك تيمناً بفرعون ذي الأوتاد »وأنا ربكم الأعلي« إلا أنه كالبشر سوف يجمعه شاطئ الموت وقد سقط الفارس من فوق جواده

قال الرئيس - الذي كان رئيساً - إنه يريد أن يدفن في تراب مصر وأن يكون قبره بجانب قبر حفيده »محمد علاء حسني مبارك«.

يا إلهي، بدأ الرئيس - عاش الحياة والسيادة والسلطة بلا حدود يفكر في الفناء »الموت« وهو الذي تمسك بتلابيب الوجود وكان هاتف الموت الذي التقي به عبر حياته سواء حالة كونه »طياراً« والموت يترصد به الدوائر، أو يوم نصب له كمين موت وهو في رحلته إلي الحبشة واكتشاف مؤامرة موته وعاد إلي مصر حياً يرزق ومن يومها آمن بينه وبين نفسه »إنه ابن الحياة وليس الموت« وبذلك كانت له نتيجة مدمرة في سلوكه الوظائفي كرئيس دولة عظمي، والتي قال ذات مرة »أنه سيظل رئيساً مادام في صدره قلب ينبض بالحياة« وحياة الرؤساء - أمثاله - حياة أبدية لأن السلطة والسيادة وشهوة الحكم وعلو صاحبها »دون خلق الله« تعطيه كبرياء البقاء.. وما البقاء إلا للحي الذي لا يموت ومن هنا كانت نظريات الفكر الدستوري عن »نظريات الحق الإلهي للملوك« وفي تاريخنا وكان خير مثال لدوام حكم الرئيس أي »الفرعون« كان حياً لا يموت وهو حي كما تقول النصوص بأعماله.

وهذه النظرية »الملك الإله« عاشت عبر تاريخ النظريات السياسية قديماً وفي العصرالوسيط وأيضاً في عصرنا الحديث، وأكبر برهان »رئيس مصر السابق« الذي استمسك بالحكم رافضاً كل صيحات الفناء بديلاً عن البقاء.

في روما كان الإمبراطور يتمتع بكل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية إنه هو الإله الأعظم أو هو »ابن للإله« كما تقول النصوص اللاتينية عنه »Filius Dieus« وراج سوق فكرة الملك - الإله الحي الخالد مع ملوك فرنسا وعلي رأسهم لويس الرابع عشر صاحب المقولة الشهيرة »أنا الدولة والدولة أنا« Moi cصest Iصetat et Iصetat est moi وكان الحواريون والأنصار وصلوا إلي مناداته بأنه »الإله الأعظم الواحد تماماً كالشمس وضحاها وأن الشمس واحدة »كالإله« وأن أشعتها الذهبية تملأ الدنيا قاطبة: إن »الملك الشمس« أو »الملك الإله علي الأرض Le roi soliele.

رئيس مصر السابق والذي مازال في عداد الأحياء بدأ يفكر

في الموت ويبحث عن قبر وبدأ الموت يناديه ويناجيه وهي حكمة إلهية حقاً »أنه كل من عليها فان« وأما الإله حي لا يموت.

أو كما قال الشاعر الحكيم:

ما في الحياة بقاء

ما في الحياة ثبوت

نبني البيوت ولكن

تنهار تلك البيوت

تموت كل البرايا

سبحان من لا يموت

إن قصة نداء الموت التي تحوم حول رئيس مصر السابق خير تعبير علي ما قلناه الكل يموت فرعوناً كان أو  إمبراطوراً أو ملكاً أو رئيساً كان »وكل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام«.

خطيئة الحكام الكبري أن سلطة الحكم وسلطانه تعطيهم الإحساس بأنهم ليسوا كباقي البشر »يحبون المال حباً جماً« ويجمعونه بشتي الوسائل ويرون من خلاله أنه ضمانة لهم لحياة بشرية أبدية وهم تماماً كجنهم التي قال الله فيها:

»ويوم نقول لجهنم هل امتلأت فتقول هل من مزيد« وهذا تماماً »خزائن أموال رؤساء وأبناء هذا الزمان وفي مبارك وابنه وعائلته خير برهان لما نقول«.

وتلك حقيقة أبدية أن السلطة تعمي أصحابها عن الوقوف حول فلسفة الحياة وأن الكل يجمعه في النهاية معاً: »شاطئ الموت«.

لقد سقط الفارس من فوق جواده وما عاد له إلا أن يناجي شبح الموت ليلتقي معه وجهاً لوجه بحثاً في التراب عن »قبر« يواريه.

ويذكرنا بحكاية الفارس الهمام الذي تخلي عنه الأهل والصاحب والولد.. وكل أهل البلد.. وقف فوق حصانه يردد نشيد الموت قائلاً حزيناً:

أذل الحياة وذل الممات

وكلا أراه طعاماً وبيلا

إن كان لابد إحداكما

فسيري إلي الموت سيراً جميلاً

وليس لنا إلا أن نقول:

»وتلك عقبي الدار«...