ثورة يناير وشخصنة العداوات!
في ظني أنه قد آن الأوان لكي تسارع ثورة 25 يناير بمختلف ائتلافاتها وناشطيها إلي الانصراف عن عملية «حصر» كل الذين كان لهم مناصب أو اشتغال بالعمل العام المتصل بحقبة عهد حكم الرئيس السابق مبارك وقد امتدت مدة حكمه ثلاثين عاما متصلة بلا انقطاع ليبقي كذلك حزبه الحاكم «الوطني الديمقراطي»
طيلة مدة حكمه!، فهذا الحصر لو انشغلت به ثورة يناير فلن تستطيع الانتقال بمصر إلي حياتها الديمقراطية الجديدة حياة مستقرة تعيش فيها الأوضاع الطبيعية التي تتيح لها أن تنهض من أزماتها الطاحنة التي تحتاج إلي حشد كل الطاقات التي تستطيع أن تقدم شيئا في هذا السبيل، وحتي تنصف الثورة أهدافها قبل أن تكون منصفة لصناعها بمختلف أطيافها وانتماءاتها السياسية الحالية، ويمكن لنا بمقتضي هذه الضرورة في الإنصاف أن نقرر أنه من الطبيعي في عهد امتد لثلاثين عاما أن تعتمد آليا هذا الحكم علي الكثيرين من الانتهازيين المنتفعين الذين باعوا كل شىء في سبيل مصالحهم الشخصية الخالصة!، كذلك كان من الطبيعي أن يسهم الكثير من الوجوه المخلصة لوطنها في مسيرة مصر خلال هذه الحقبة الطويلة، التي شهدت تحكم حزب واحد أوحد في الحياة السياسية ليحجب ما عداه ومن عداه الطاقات والقوي!، فليس كل من أجبر علي الانتماء لهذا الحزب الوطني كان انتهازيا منتفعا!، بل كان هناك هذا النوع من الإذعان الذي تعرضت له وجوه كثيرة ظلت علي إخلاصها للوطن رغم هذه الهوية الحزبية التي فرضت علي الألوف والملايين التي تتطلبها حياة أي مواطن!، أما الذين أعملوا السطو والنهب والسلب في الأموال والأراضي وكل مقدرات الشعب ومكتسباته التي شيدها بعرق أجيال من أبنائه، فلم يكن لثورة يناير أي عناء في الإمساك بهؤلاء الذين أصبحوا رهينة السجون والتحقيقات في النيابات ومازالت الوقائع والحقائق المتعلقة بفساد هؤلاء تتوالي يوما بعد يوم، ثم نأتي لوقائع الإفساد السياسي لنجدها قد تعلقت بأشخاص بعينهم لن يجد قانون الإفساد السياسي المرتقب عند الإعمال به ما يعجزه عن إقامة الدليل عليه والحجة علي أصحابه، ولكن ثورة يناير لا يجوز لها أن تخطئ في الفرز عندما تري للوطن حقا في استبعاد وجوه وطاقات خبيرة بذلت من نفسها لهذا الوطن ومازال عندها الكثير لمجرد أنها انتمت يوما- وخلال ثلاثين عاما- إلي هذا العهد الذي سقط فأخذ منها ما يفيده ويفيد مصر، ثم استبعدها لأنها لم تساير منظومة الفساد التي كانت لا تطيق شريفا بينها، أو عفيفا مستقيم السلوك فتعمل علي إقصائه بعيدا عن دائرة العمل العام!.
ولعلني أجد نفسي مضطرا إلي هذا الذي أطرحه بمناسبة تشبث دائرة ميدان التحرير وائتلافات الثورة العديدة بإبعاد