دراسة تحذر: الحمامات الباردة تزيد الشهية وتُسبب زيادة في الوزن

في تحول مفاجئ وغير متوقع، كشفت دراسة علمية حديثة أن الحمامات الباردة، التي لطالما اعتُبرت وسيلة فعّالة لتحسين الصحة الجسدية والنفسية، قد تكون مرتبطة بزيادة الشهية وبالتالي احتمالية اكتساب الوزن، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مدى صحة الممارسات المرتبطة بالغطس في الماء البارد.
تُعرف الحمامات الباردة أو "الغطس البارد" بأنها ترند عالمي بين محبي نمط الحياة الصحي، ويروج لها باعتبارها مفيدة في تقليل التوتر، تسريع تعافي العضلات، تحسين الحالة المزاجية، والمساعدة في تقليل نسبة الدهون، إلا أن الدراسة التي نُشرت مؤخرًا ناقضت بعض هذه الفرضيات، موضحة أن الغطس في الماء البارد قد يؤدي إلى تحفيز مفرط للشهية.

نتائج الدراسة: انخفاض الحرارة يزيد الشهية
أجريت الدراسة على مجموعة من المشاركين الذين غُمروا في مسابح بدرجات حرارة متفاوتة: 16، 26، و35 درجة مئوية، وبعد مرور 30 دقيقة، طُلب منهم تناول كميات غير محددة من المعكرونة.
أظهرت النتائج أن أولئك الذين استحموا في الماء البارد بدرجة 16 مئوية، استهلكوا سعرات حرارية أعلى بمقدار تجاوز 200 سعرة حرارية مقارنة بالمشاركين الآخرين.
الباحثة ماري غريغ، التي تقود الدراسة ضمن أطروحتها في جامعة كوفنتري البريطانية، أشارت إلى أن السبب الدقيق وراء هذه الظاهرة لا يزال غير مؤكد، لكنها رجحت أن انخفاض درجة حرارة الجسم بعد الغطس قد يكون مسؤولًا عن إرسال إشارات للجسم تحثه على تعويض الطاقة.
آلية الشعور بالجوع بعد الغطس البارد
المدربة الرياضية المقيمة في نيويورك، ناتاليا أليكسيينكو، أوضحت أن الجسم يدخل في حالة تُعرف بتنظيم الحرارة عند التعرض للماء البارد، حيث تنقبض الأوعية الدموية، يرتفع معدل ضربات القلب، وتتسارع عملية الأيض، هذه الحالة خاصة ما يُعرف بـ"الانخفاض المتأخر" في درجة حرارة الجسم بعد الخروج من الماء، قد تفسّر الشعور المفاجئ بالجوع.
وأضافت: "حتى في حال عدم الشعور الفعلي بالجوع، فإن الجسم يرسل رسالة واضحة: نحن بحاجة إلى طاقة فورًا، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى استهلاك أطعمة عالية السعرات، مثل الكربوهيدرات البسيطة أو الوجبات السريعة، مما قد يسهم في زيادة الوزن عند تكرار الأمر".
طرق لتجنب زيادة الوزن بعد الحمام البارد
توصي أليكسيينكو باتباع نظام غذائي مدروس بعد جلسة الغطس، والتركيز على:
الكربوهيدرات المعقدة مثل البطاطا الحلوة والكينوا
البروتينات الخفيفة مثل البيض أو الأسماك
الخضروات الورقية الخضراء
تناول المشروبات الدافئة للمساعدة في الشبع
تحذيرات طبية من الغطس البارد
ورغم الفوائد المتداولة، إلا أن هناك تحذيرات طبية جدية مرتبطة بهذه الممارسة، ومن أبرز المخاطر المحتملة:
1.تأثير سلبي على بناء العضلات
بحسب الدكتورة روندا باتريك، قد يعوق الغطس البارد بعد التمارين إنتاج البروتينات المسؤولة عن ترميم العضلات، مما يقلل من فعالية التمارين في تحقيق تضخم العضلات.
2.مخاطر على القلب والجهاز التنفسي
الانغماس المفاجئ في الماء البارد قد يؤدي إلى:
شهيق لا إرادي وعميق
فرط في التنفس
ارتفاع ضغط الدم
زيادة خطر توقف القلب في بعض الحالات
ووفقًا للتقارير، تم تسجيل 11 حالة وفاة مرتبطة بالتعرض المفاجئ للماء البارد حتى عام 2024.
فوائد محتملة رغم التحذيرات
في المقابل، لا تزال هناك دراسات تؤكد وجود فوائد ملموسة للغطس البارد، خاصة فيما يتعلق بتقوية المناعة، دراسة كندية أجريت على 10 رجال أصحاء أظهرت تحسنًا في المؤشرات البيولوجية وتقليل الالتهابات، بعد خضوعهم لجلسات غطس يومية لمدة أسبوع.
وأشار الدكتور كيلي كينغ، المشرف على الدراسة، إلى أن "الغطس البارد يشبه عملية صيانة دقيقة لأنظمة الجسم الدقيقة، حيث تساهم استجابة الجسم للبرودة في تحفيز الخلايا على العمل بكفاءة أكبر".
التوازن هو الحل
يؤكد المدرب الشخصي بن أونغر أن الغطس البارد يمكن أن يكون مفيدًا، لكنه يعتمد في المقام الأول على الانضباط الذاتي والتحكم في النظام الغذائي. وينصح المبتدئين بالبدء بجلسات قصيرة لا تتجاوز 30 إلى 60 ثانية، مع زيادتها تدريجيًا، بالإضافة إلى ممارسة تمارين الإحماء بعد الخروج من الماء، مثل تدوير الذراعين أو تمارين الساقين.
الحمامات الباردة ليست مضرّة بالضرورة، لكنها تحمل جوانب يجب الانتباه إليها، خاصة عند استخدامها بشكل مفرط أو دون وعي بنمط الحياة الغذائي المصاحب لها، وبين مؤيد ومعارض، يبقى التوازن في الممارسة والتغذية هو المفتاح الأساسي لتحقيق الفوائد دون الوقوع في فخ النتائج العكسية.