هيئة كبار العلماء: برُّ الوالدين له عناية كبيرة في شريعة الإسلام

من أبرز القيم التي حرص الإسلام على ترسيخها في سلوك المسلم وعلاقاته اليومية، قيمة برّ الوالدين، لم تأتِ كوصية عابرة أو خلقًا مستحبًا فحسب، بل جاء ذكرها ضمن أعظم الأوامر الشرعية، إذ قرن الله تعالى برّ الوالدين بعبادته مباشرة، في قوله:﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، وتؤكد هذه الآية بوضوح أن برّ الوالدين ليس خيارًا أخلاقيًا، بل فرض ديني له وزنه وثقله في ميزان العبد.
من أعظم صور العرفان
قالت هيئة كبار العلماء، عبر صفحتها الرسمية بموقع الفيسبوك أن برُّ الوالدين له عناية كبيرة في شريعة الإسلام، فقد قرر الإسلام للوالدين كثيرًا من الحقوق، خصوصًا عند بلوغهما سن الكبر والضعف، ومن باب ردِّ الجميل، ومقابلة الإحسان بالإحسان ذكر الشرع حقهما في الطاعة بعد حق الله تعالى؛ لأنهما سبب وجود الإنسان ومصدر رعايته.
ويشير العلماء إلى أن العلاقة بين الإنسان ووالديه تقوم على مبدأ العرفان بالجميل؛ فالوالدان هما السبب المباشر لوجود الإنسان في هذه الحياة، وكان لهما الفضل في تربيته ورعايته في أضعف مراحله، ولهذا، جاءت النصوص الشرعية لتقرر لهما حقوقًا لا توازيها أي حقوق دنيوية أخرى.
موقف النبي ﷺ مع أمهات المسلمين
وفي الحديث الصحيح، لما جاء رجل إلى النبي ﷺ يسأله: "يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟"، قال: "أمك". قال: "ثم من؟" قال: "أمك". قال: "ثم من؟" قال: "أمك". قال: "ثم من؟" قال: "أبوك".[رواه البخاري ومسلم]
تكرار ذكر الأم ثلاث مرات، يعكس ما تتحمله الأم من عناء الحمل والولادة والرعاية، وهو ما يفرض على الأبناء واجبًا مضاعفًا تجاهها، دون أن يُغفل حق الأب كذلك.
لا تتركهما خلفك
في زحمة الحياة، قد يغيب عن البعض هذا المعنى، ويؤجلون زيارة الوالدين أو الاتصال بهما أو الاهتمام بشؤونهما، لكن ما لا يدركه كثيرون أن البر لا يُؤجل، وأن تأخيره قد يعني فوات الفرصة، خاصة حين يكونان في حاجة لمن يُشعرهما بالدفء والرعاية.
في الختام، برّ الوالدين لا ينتهي بوفاتهما، فالدعاء، والاستغفار، والصدقة الجارية، وتنفيذ وصاياهما من أوجه البر التي تبقى حية حتى بعد الرحيل.