بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

صفات الغافلين عن الآخرة.. هل أنت منهم؟

بوابة الوفد الإلكترونية

في رحلة الغوص داخل أعماق النفس الإنسانية، يتجلى لنا إعجاز القرآن الكريم، لا في معانيه فحسب، بل في فخامته وروعة بيانه، إذ تبدأ الآيات بحروف تقطع على القارئ فهمها، لكنها تفتح له باب الخشوع والتدبر، وكأنها تهيئه لسماع كلام من رب عظيم.

حين يندم الكافرون.. "ربما" بين القلة والتكثير

يستشهد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، بقوله تعالى:(رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) [الحجر:2]، موضحًا أن "رُبَّ" تفيد التقليل، مما يعني أن قلة من الكافرين يودّون في قرارة أنفسهم لو كانوا مسلمين، لكن بينهم وبين الإسلام حجاب كثيف يحول دون إيمانهم.

أما التفسير الآخر، فيحمل "رُبَّ" على التكثير، لكن يوم القيامة، حين يرون أن عصاة الموحدين يخرجون من النار برحمة الله، يندمون على كفرهم، ويتمنون لو كانوا من المسلمين لينالوا المغفرة كما نالها غيرهم.

صفات الغافلين عن الآخرة

ويكشف القرآن الكريم عن خصائص هؤلاء الذين ضلوا طريق الحق، فيقول الله تعالى:
(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [الحجر:3]
ويشرح الدكتور علي جمعة أن هذه الآية ترسم لنا ملامح هؤلاء الغافلين بثلاث سمات واضحة:

الأكل بلا ضوابط: لا يبالون إن كان ما يأكلونه من الحلال أو الحرام، سواء كان أكل أموال الناس بالباطل، أو الربا، أو مال اليتيم، أو حتى المتاجرة بالدين نفسه.

الانغماس في المتعة: حياتهم تتركز حول الملذات الحسية، سواء كانت متع المال أو الجاه أو الجنس، لكن دون أي امتداد للآخرة أو للروح.

الأمل الكاذب: يظلون غارقين في أوهام الدنيا، لا يتذكرون الموت ولا يتهيأون للقاء الله، بل يكرهون مجرد ذكره، كما قال تعالى:
(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الرُّوم:7].

القرآن.. فوق الأكوان

يؤكد جمعة أن القرآن الكريم كشف أعماق النفس الإنسانية وعرّى حقيقتها، لأنه كلام من خالق البشر، العالم بدخائلهم، كما قال الله تعالى:(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ) [الملك:14]، وهنا تتجلى عظمة القرآن، فهو ليس مجرد كتاب، بل رسالة إلهية تعلو على الأكوان، تهدي العقول وتحيي القلوب، لمن أراد أن يبصر الحقيقة ويخرج من غفلة الدنيا إلى نور الهداية.