رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

عبدالعزيز التويجري يكتب : مسؤولية العرب في إنقاذ أنفسهم

الحياة
الحياة

ليست الدول العربية الأربع، العراق وسورية واليمن وليبيا، هي وحدها التي تواجه مخاطر شديدة من جراء استفحال الأوضاع فيها واحتدام القتال فوق أراضيها في ظل انسداد آفاق المستقبل أمامها. فهذه الدول الغارقة في المحن والتي تنزف كل يوم تؤثر الأوضاع فيها، بطريقة أو بأخرى، في مجمل الأوضاع في المنطقة العربية، لما لها من انعكاسات قد تضعف أو تقوى بحسب المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، بحيث لا يمكن القول إن الدول العربية الأخرى هي في منأى عن تداعيات تلك الأحداث. ولذلك فإن الإسراع في وضع نهاية لهذه الأحداث في تلك الدول، سيكون له مفعوله القوي في تعزيز الأمن والسلم، ليس في العالم العربي فحسب، بل في العالم برمته. أما أن يستمر الوضع المتأزم، والذي بلغ الدرجة القصوى من الخطورة، على ما هو عليه، فهذا ليس في مصلحة أي دولة، وإنْ بعدت عن مسرح الأزمات.

 

فإلى متى سيبقى العرب يصبحون ويمسون على أخبار القتال والقتل والتفجيرات الإرهابية التي تمزّقهم؟ أليس لهذه الحروب المدمرة التي تأتي على الأخضر واليابس من نهاية؟ وهل أصبح العالم العربي بؤرة للفتن والحروب والإرهاب والأزمات التي لا تزيدها الأيام إلا تفاقماً واحتداماً وتدميراً؟ وهل سيبقى المجتمع الدولي، ممثلاً بمنظمة الأمم المتحدة المسؤولة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين، متفرجاً على ما يجري في المنطقة من دون أن يبادر إلى التدخل بفعالية أكبر لإحلال الأمن والسلم في هذا الجزء المهم من العالم، ولوضع حد لهذه الفوضى الهدامة التي تجاوزت كل حد؟ أم أن من مصلحة القوى العظمى أن تستمر هذه الفوضى في التمدد، وأن يستمر هذا الانهيار في التوسّع؟

 

وإذا كانت الأوضاع المضطربة في هذه الدول الأربع مرشحة للاستمرار، أفلا يكون من مصلحة الدول العربية النافذة ذات القدرات العالية والإمكانات الكبيرة والتأثير الواسع، التحرك لعقد قمة عربية طارئة بمن حضر، حتى يجتمع المخلصون من القادة في المنطقة، لبحث الأزمات المشتعلة ولتحديد الجهة أو الجهات المسؤولة عنها بكل صراحة وشجاعة، ولطرح الاقتراحات والحلول للخروج منها؟

 

إنّ هذه الدول العربية الأربع التي تعاني المصاعب الجمة والحروب المدمرة، لم تعد دولاً، بالمعنى الدستوري المتعارف عليه في القانون الدولي، فقد ضعفت الدولة في كل من العراق وسورية واليمن وليبيا، وأصبحت الأمور فيها تحت سلطة الميليشيات المتقاتلة التي بلغت في العراق فقط، على سبيل المثال لا الحصر، أكثر من خمسين ميليشيا، تزعم أنها تقاتل التنظيم الإرهابي «داعش»، بينما هي ميليشيات طائفية ارهابية تقاتل لهدف طائفي وتوزع الغنائم في ما بينها، وبعض هذه الميليشيات تعود إلى بعض كبار المسؤولين في الحكومة أو في الحزب الحاكم. وكذلك الأمر في سورية التي انهارت فيها الدولة (التي تطلق عليها أدبيات البعث الدولة القطرية)، وهي في حقيقة الأمر دولة طائفية تستعين بمن يشاركها الانتماء الطائفي من عصابات وعصائب طائفية يأتي على رأسها «حزب الله» اللبناني الجنسية الإيراني التبعية.

 

وفي ليبيا تنقسم البلاد إلى كتائب يقاتل بعضها بعضاً، إذ ليس في هذا البلد العربي دولة بأي معنى من المعاني، بل حتى الذين

يقولون إن في ليبيا دولتين بحكم وجود حكومتين وبرلمانين، فإنهم يجانبون الحقيقة، لأنه ليس هناك في الحالتين مقومات الدولة على أي نحو من الأنحاء. أما اليمن الجريح المريض، فقد انهارت الدولة فيه بتمرد العصابات الحوثية ومن يساندها من بقايا الجيش التابعة للرئيس المخلوع، وإن كان المجتمع الدولي يعترف بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ولكن في الحصيلة النهائية أنه لا توجد حتى الآن سيطرة كاملة على البلاد رغم نجاح القوى الوطنية مدعومة بقوات التحالف العربي من طرد الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع من عدن وزنجبار وشبوة وغيرها من مناطق الجنوب اليمني، والذي ربما يمهّد لاسترجاع السيطرة على بقية المناطق التي يحتلها الحوثيون وأتباع الرئيس المخلوع.

 

في ظل هذه الأزمات التي تمور في هذه الدول الأربع، يتوجب على قادة العرب المخلصين ان يسارعوا هم أنفسهم، وليس غيرهم، إلى القيام بما تقتضيه خطورة الأوضاع من تحركات وإجراءات ووضع سياسات جديدة، لمواجهة المخاطر المحيطة ببلدانهم، ولوضع حد لهذه المآسي الكبيرة التي إن طالت وتفاقمت أكثر مما هي عليه اليوم، فستؤدي الى كوارث لا نهاية لها ولن يحدّ امتدادَها حدّ، وستكون لها تداعيات خطيرة على الأمن القومي العربي بصورة عامة. لأن الأمور تسير نحو المزيد من التفاقم، بخاصة بعد الاتفاق الغربي الإيراني النووي الذي ستتخذه إيران وسيلةً للمزيد من التوسّع والتغوّل في المنطقة العربية، وقد أعلنت فعلاً أنها ستواصل سياساتها وتتوسع فيها.

 

إن القادة العرب المخلصين لأمتهم مدعوون في هذه المرحلة العصيبة، إلى إنقاذ أوطانهم من المخاطر المحدقة بهم من كل جانب، وإلى حماية مصالحهم الحيوية المعرضة للضياع، وذلك بالاعتماد على أنفسهم في المقام الأول، لا بالاعتماد على قوى عظمى تضر أكثر مما تنفع، والتي أثبتت التجارب أنها لا أصدقاء لها، وأنها تعمل من أجل مصالحها فقط لا مصالح حلفائها مهما كانوا، وتحرص على تلك المصالح وتراعيها أكثر من حرصها على استتباب الأمن والسلم في هذه المنطقة أو في العالم كلّه، مهما بلغت خطورة الأوضاع.

نقلا عن صحيفة الحياة