رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

وصف الصحابة الكرام لسيدنا رسول الله ﷺ

بوابة الوفد الإلكترونية

وصف الصحابة الكرام رسول الله ﷺ بأروع أوصاف الجمال، فجاءت كلماتهم كأنها بيان حيّ لجماله، وجلاله، ففي السُفرة والسيرة يتوارى وجهه كالبدر، وتنساب نورًا يضئُ القلب، ويرتقي به إلى مشاهد القدوة الكامل.

جمال رسول الله ﷺ

أولًا: جمال الخَلْق: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجمل الناس خَلْقًا، وجهُهُ كالبدر، مشرقٌ مضيءٌ، يسرُّ الناظرين، ويأسر القلوب، جمع الله له كمال الخَلْق، والخُلق، فكان لا يُرى -صلى الله عليه وسلم- إلا وأُعجب به كل من رآه.

واعلم أن من تمام الإيمان به -صلى الله عليه وسلم- الإيمان بأن الله تعالى جعل خَلْق بدنه الشريف على وجهٍ لم يظهر قبله ولا بعده خَلْقَ آدمي مثله، فيكون ما يشاهد من خَلْقِ بدنه آيات على ما يتضح لك من عظيم خلق نفسه الكريمة، وما يتضح من عظيم أخلاق نفسه آيات على ما تحقق له من سر قلبه المقدس.

فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "كانَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أحْسَنَ النّاسِ وجْهًا وأَحْسَنَهُ خَلْقًا، ليسَ بالطَّوِيلِ البائِنِ، ولا بالقَصِيرِ". [رواه البخاري برقم ٣٥٤٩].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما رأيتُ شيئًا أحسَنَ مِن رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "كانَ كأنَّ الشَّمْسَ تَجري في جَبهتِهِ، وما رأيتُ أحدًا أسرعَ في مِشيتِهِ من رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، كأنَّما الأرضُ تُطوى لَهُ، إنّا لنجهَدُ أنفسَنا، وإنَّهُ لغيرُ مُكْتَرِثٍ". [رواه الترمذي برقم ٣٦٤٨].

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "رأيتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: ليلةَ إضحيان، وعليه حُلَّةٌ حمراءُ فكنتُ أنظرُ إليه وإلى القمرِ، فلهو في عيني أزيَنُ من القمَرِ". [رواه الترمذي برقم٢٨١١].

وسُئل أبو الطفيل رضي الله عنه: "أَرَأَيْتَ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم؟ قالَ:"نَعَمْ، كانَ أَبْيَضَ مَلِيحَ الوَجْهِ". [رواه مسلم برقم٢٣٤٠].

وعن كعب بن مالك قال:"كان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا سُرَّ استَنارَ وجهُهُ حتّى كأنَّ وجهَهُ شِقَّةُ قَمَرٍ، فكُنّا نَعرِفُ ذلكَ فيه"؛ [رواه البخاري برقم٣٥٥٦] أي: الموضع الذي يتبين فيه السرور، وهو جبينه.

وعن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال: قلت للربيع بنت معوذ بن عفراء: صفي لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: "يَا بُنَيَّ! لَوْ رَأَيْتَهُ، رَأَيْتَ الشَّمْسَ طَالِعَةً". [رواه الدارمي في "سننه" برقم ٦٠].

وفى حديث ابن أبي هالة: "يتلَأْلَأُ وجْهُه تَلَأْلُؤَ القمرِ ليلةَ البَدرِ" [رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٢٢/ ١٥٥ برقم ٤١٤)] وذلك؛ لأن القمر يملأ الأرض بنوره، ويؤنس كل من شاهده، وهو يجمع النور من غير أذى، ويتمكن من النظر إليه بخلاف الشمس التي تغشى البصر، فتمنع من تمكن الرؤية، والتشبيه بالبدر أبلغ في العُرف من التشبيه بالقمر؛ لأنه وقت كماله،

وأما جمال الخُلُق (الأخلاق والسلوك):

فقد كان رسول الله ﷺ قمة في الأخلاق، ومثالًا حيًا للرحمة والعدل والصدق، تجسدت في سيرته أسمى معاني التواضع، فكان يجالس الفقراء، ويواسي المحتاجين، ويعفو عند المقدرة، لم يكن فظًا، ولا غليظ القلب، بل كان إذا دخل بيته بسَّامًا، وإذا خاطب الناس صدوقًا أمينًا، أثنى عليه ربه بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ} [القلم: ٤]، فكانت أخلاقه نورًا يهتدي به من حوله، ومن أحبَّه حقًا، اقتدى به في خُلقه قبل قوله، فبأخلاقه ساد القلوب، وبحِلمه أطفأ نار العداوات، فاستحق أن يكون قدوة للعالمين.

فقوله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ}: أَي: "وإِنك لمستمسك بمكارم الصِّفات، ومحاسِن الخلال التي طبعك الله عليها وأدَّبك بها، لك خُلق لا يُدرك شَأوه أَحد من الخلق، تحتمل من جهتهم ما لا يحتمل أَمثالك من أُولي العزم، وعن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ} أَي: "وإِنك لعلى دين عظيم هو الإِسلام، وليس أَحبّ إِلى الله تعالى، ولا أَرضى عنده منه"، وقال عطية العوفي: "لَعَلَى أَدب عظيم".

وفي صحيح "مسلم" سُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خُلُق رسول الله؟ قالت: "كان خلقه القرآن"، ومعنى هذا أَنه تأدب بآدابه، وتحلَّى بأَخلاقه وأَحلَّ حلاله، وحرَّم حرامه، هذا مع ما طبعه الله عليه من الخلق العظيم من الحياءِ والكرم والشجاعة والصفح والحكمة وكل خلق جميل كما ثبت في الصحيحين عن أَنس قال: "خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ إِلَيَّ أُفٍّ قَطُّ، وَلا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ لِمَ فَعَلْتَهُ؟، وَلا قَالَ لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ أَلَا أَفْعَلْتَهُ؟، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا". [رواه البخاري رقم ٤٤٦٤]". [التفسير الوسيط للقرآن الكريم - مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ١٠/ ١٥٢٦].

قال الإمام الصالحي: «"على" في هذه الآية للاستعلاء، فدل اللفظ على أنه كان مستعليًا على هذه الأخلاق، ومستوليًا عليها»، وقال الإمام الجنيد رحمه الله تعالى: «وإنما كان خلقه عظيماً؛ لأنه لم يكن له همّة سوى الله تعالى».

قال الإمام الحليمي: «وإنما وصف خلقه بالعظم مع أن الغالب وصف الخلق بالكرم؛ لأن كرم الخلق يراد به السَّماحة والدَّماثة، ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- مقصوراً على ذلك، بل كان رحيمًا بالمؤمنين، رفيقًا بهم، شديدًا على الكفار، غليظًا عليهم، مهيبًا في صدورهم، منصورًا عليهم بالرعب من مسيرة شهر، وكان وصف خلقه بالعظم؛ ليشمل الإنعام والانتقام، وقيل: إنما وصف بالعظم؛ لاجتماع مكارم الأخلاق فيه، فإنه -صلى الله عليه وسلم- أُدِّب بالقرآن كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها». [سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للصالحي، ٧/ ١٣].

وصدق الله حيث قال: {فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩].

وفي جمال خُلُقه -صلى الله عليه وسلم- ذكر الصالحي جملة كبيرة من الأحاديث أذكر بعضها مختصرًا

منها: ما رُوي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق». [رواه أحمد، ٢/ ٣٨١] ورواه الإمام مالك عنه بلفظ: «بعثت لأتمَّ حسن الأخلاق»، ورواه البزَّار بلفظ: «بُعِثْتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ».

وروى ابن سعد عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي». [أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"، ١/ ٢٨٥].

وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ اللهَ لم يبعثْني مُعنِّتًا، ولا مُتَعنِّتًا، ولكن بعثني مُعلِّمًا مُيَسِّرًا» [رواه مسلم برقم ١٤٧٨].

وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بيْنَ أمْرَيْنِ إلّا أخَذَ أيْسَرَهُما، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النّاسِ منه، وما انْتَقَمَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ لِنَفْسِهِ إلّا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بها". [رواه البخاري رقم (٣٥٦٠)، ومسلم رقم (٢٣٢٧)].

ومنها أيضاً: عن عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما- قال: "مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاحِشًا وَلَا مُتَفَاحِشًا؛ وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا». [ رواه البخاري رقم (٦٠٣٥)].

وروى البخاري عنه أيضاً قال: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن، فذكر الحديث، وفيه: ليسَ بفَظٍّ ولا غَلِيظٍ، ولا سَخّابٍ بالأسْواقِ، ولا يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بالسَّيِّئَةِ، ولَكِنْ يَعْفُو ويَصْفَحُ" [رواه البخاري رقم ٤٨٣٨].

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "خَدَمْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَشْرَ سِنِينَ، فَما قالَ لِي: أُفٍّ، ولا: لِمَ صَنَعْتَ؟ ولا: ألّا صَنَعْتَ". [رواه البخاري رقم (٦٠٣٨)].


كمال رسول الله ﷺ

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كامل الصفات في خَلْقهِ وخُلُقه، جمع الله له بين العقل والحكمة، والرحمة والشجاعة، والصدق والأمانة، اكتمل فيه الإيمان والعمل، فكان يعبد ربه حق العبادة، ويعامل الناس بأفضل الأخلاق، ولم يُعرف عنه كذب ولا ظلم، بل كان منصفًا حتى مع أعدائه، رقيق القلب، شديد العدل، فقد كان قدوةً في كل جانب من جوانب الحياة قال الله تعالى: {لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا} [الأحزاب: ٢١]، فجمع صلى الله عليه وسلم كمال الإنسانية في أبهى صورها.

يقول الإمام القاضي عياض: "إنه -صلى الله عليه وسلم- أعلى الناس قدرًا، وأعظمهم محلًا، وأكملهم محاسن وفضلًا، وقد ذهبت في تفاصيل خصال الكمال مذهبًا جميلًا شوقني إلى أن أقف عليها من أوصافه -صلى الله عليه وسلم- تفصيلًا ، فأعلم نوَّرَّ الله قلبي وقلبك، وضاعف في هذا النبي الكريم حبي وحبك، أنك إذا نظرتَ إلى خصال الكمال التي هي غير مكتسبة، وفي جِبلة الخِلقة وجدته -صلى الله عليه وسلم- حائزاً لجميعها، محيطاً بشتات محاسنها دون خلاف بين نقلة الأخبار". [الشفا بتعريف حقوق المصطفى،١/ ٥٨].