رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

تهديدات الصين الرقمية.. كيف تتحكم في سلاسل الإمداد العالمية

الصين
الصين

مع تزايد الاعتماد العالمي على التكنولوجيا الرقمية، أصبح أمن سلاسل الإمداد نقطة محورية في المنافسة الاستراتيجية بين الدول، تقارير حديثة تكشف كيف تستخدم الصين، عبر الحزب الشيوعي الصيني، دمج القدرات العسكرية والمدنية للسيطرة على الشركات الخاصة وفرض النفوذ عليها، ما يمكنها من زرع ثغرات مسبقة والوصول عن بعد إلى البنى التحتية التكنولوجية الأجنبية، هذه الاستراتيجية تجعل التهديد يبدأ قبل تشغيل أي جهاز جديد، وليس فقط بعد اكتشاف اختراقات لاحقة.

استراتيجية الصين السيبرانية وأثرها على المنافسين

تعتمد الصين على مفهوم "الدمج العسكري-المدني"، الذي يدمج بين الشركات الخاصة، المؤسسات الأكاديمية، والجهات غير الحكومية لدعم أهداف الدولة في مجال الأمن السيبراني، من خلال هذا النظام، يمكن للأجهزة الأمنية الصينية، مثل الاستخبارات العسكرية والجيش، استغلال الشركات التقنية الصينية لإجراء عمليات تجسس إلكتروني أو تخريب للبنية التحتية الأجنبية. 

الشركات الصينية، سواء أكانت مستقلة أم متحالفة، مضطرة قانونيًا لتقديم الدعم لهذه العمليات، وفق قوانين الأمن القومي وقوانين مكافحة التجسس والأمن السيبراني التي صدرت بين 2014 و2021.

شركة Huawei تعتبر مثالًا واضحًا على العلاقة بين الشركات الصينية والدولة، على الرغم من تقديم الشركة نفسها كمبتكر مستقل، إلا أن تاريخ مؤسسها وعلاقاتها بالدولة تجعلها عرضة لتوجيهات الحزب الشيوعي. التحقيقات التقنية المستقلة رصدت ثغرات في منتجات Huawei يمكن أن تسمح بالوصول عن بعد إلى الشبكات، ما يعزز المخاطر على أنظمة الاتصالات العالمية.

مثال آخر هو شركة Supermicro الأمريكية، التي استخدمت مكونات يتم تصنيعها أو تجميعها في الصين. تقارير إعلامية تشير إلى إمكانية زرع ثغرات صغيرة في لوحات الأم أثناء الإنتاج، ما يمنح الصين وصولاً مستمرًا ومخفيًا لأنظمة حساسة في الولايات المتحدة، حتى لو كانت هذه المزاعم غير مؤكدة، فإن احتمالية التلاعب في سلاسل الإمداد الصينية تبقى حقيقة يجب أخذها بعين الاعتبار.

تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على المكونات الصينية في الإلكترونيات، الحواسيب، معدات الاتصالات، أجهزة إنترنت الأشياء، وحتى المحولات الكهربائية لشبكة الطاقة. كل هذه الاعتمادات تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن السيبراني الأمريكي، إذ يمكن لأي خلل أو استغلال ثغرة الوصول إلى بيانات حساسة أو تعطيل خدمات حيوية.

تتخذ الولايات المتحدة خطوات لتعزيز أمن سلاسل الإمداد، عبر قوانين وتشريعات تستهدف قطاع الاتصالات والتكنولوجيا والبنية التحتية الحيوية. تشمل هذه الجهود: تعزيز الشفافية، الحد من الاعتماد على الموردين عاليي المخاطر، تشجيع الإنتاج المحلي، وتطبيق ممارسات أمنية متقدمة مثل "الصفر ثقة"، وفحص البرمجيات والعتاد قبل الاستخدام، بالإضافة إلى التعاون مع الحلفاء لتعزيز صمود الشبكات.

رغم هذه الإجراءات، يبقى الاعتماد على المعدات الصينية موجودًا، خاصة في الأجهزة القديمة أو المكونات التي تنتج في دول وسيطة مثل فيتنام وماليزيا والمكسيك، ما يسمح بمواصلة تأثير الصين على سلاسل الإمداد حتى بعد نقل التصنيع جزئيًا خارج أراضيها.

تمثل السيطرة الصينية على سلاسل الإمداد الرقمية تحديًا مستمرًا للولايات المتحدة. قدرة الصين على زرع ثغرات والوصول عن بعد تجعل أي أزمة محتملة فرصة للتدخل والتأثير على البنية التحتية الحيوية. لضمان الأمن السيبراني، يحتاج الأمريكيون إلى تطوير استراتيجيات تقنية مؤسسية، مثل تعزيز القيود على الموردين، تحسين التفتيش، فرض شفافية كاملة على العتاد والبرمجيات، وتطوير كوادر متخصصة في الأمن الرقمي.

توضح هذه التطورات أن أمن سلاسل الإمداد لم يعد مجرد مسألة تجارية، بل أصبح ميدانًا استراتيجيًا يحدد قدرة الدول على حماية بياناتها وبنيتها التحتية الحيوية، ويشكل أحد أبرز تحديات الأمن الوطني في القرن الحادي والعشرين.