رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

كيف يقود التكامل الذكي التحول الرقمي في صناعة التأمين

التكامل الذكي التحول
التكامل الذكي التحول الرقمي

لم يعد التحول الرقمي في صناعة التأمين مسألة تطبيق أنظمة جديدة أو استخدام أدوات تكنولوجية أكثر تطوراً بل أصبح سؤالاً جوهرياً حول من يتخذ القرار؟ وكيف تُدار العلاقة بين الإنسان والآلة داخل منظومة تقوم في جوهرها على الثقة والتقدير المهني وتحمل المخاطر.

 

ففي السنوات الأخيرة اتجهت شركات التأمين عالمياً وبوتيرة متسارعة إلى تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف تحسين الكفاءة التشغيلية وتسريع الإجراءات وتحليل كميات ضخمة من البيانات، غير أن التجربة العملية أثبتت أن الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي بمعزل عن الخبرة البشرية لا يتوافق مع طبيعة صناعة التأمين التي لا تُدار بالخوارزميات وحدها بل تقوم على الحكم المهني والفهم السياقي وتحمل المسؤولية عن قرارات تمس حقوق العملاء واستدامة الشركات.

 

وفي هذا الإطار، يبرز التساؤل: أين ينتهي دور الذكاء الاصطناعي كأداة لدعم القرار وأين تبدأ مخاطره ؟ إذ أن الاعتماد غير المتوازن على الحلول الذكية قد يؤدي رغم ما يحققه من كفاءة ظاهرية إلى خلق مخاطر تشغيلية وتنظيمية جديدة لا تقل خطورة عن المخاطر المؤمن عليها.

 

ومن هنا، يبرز مفهوم التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي Human–AI كنموذج أكثر نضجاً وواقعية للتحول الرقمي؛ نموذج لا يسعى إلى استبدال الإنسان بالآلة بل إلى إعادة توزيع الأدوار بين الطرفين بما يعزز جودة القرار التأميني ويحد من المخاطر التشغيلية ويحافظ على البُعد الإنساني في التعامل مع العملاء. ويقوم هذا النموذج على التكامل بين القدرات التحليلية المتقدمة للذكاء الاصطناعي والخبرة البشرية المتراكمة بما يضمن تحقيق الكفاءة دون التفريط في الحوكمة أو الثقة.

 

وفي صناعة التأمين ، حيث تتقاطع اعتبارات التنظيم وخصوصية البيانات وسلوكيات العملاء مع الحاجة الملحّة لرفع الكفاءة والقدرة التنافسية يصبح تبنّي نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي خياراً استراتيجياً جيداً وليس مجرد توجه تقني عابر أو استجابة مؤقتة لموجة التحول الرقمي العالمية.

 

وتتناول هذه النشرة مفهوم التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي كمدخل أساسي للتحول الرقمي في صناعة التأمين من خلال استعراض تطبيقاته العملية داخل شركات التأمين وتأثيره على الاكتتاب وإدارة المطالبات وخدمة العملاء فضلاً عن دوره في تعزيز الحوكمة وإدارة المخاطر وانعكاساته على الكوادر البشرية ومستقبل سوق التأمين المصري.

 

الذكاء الاصطناعي وحده أم نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي ؟

في إطار التحول الرقمي المتسارع يبرز أمام شركات التأمين خياران رئيسيان: إما الاعتماد على الذكاء الاصطناعي كأداة رئيسية لاتخاذ القرار أو تبنّي نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي القائم على التكامل بين القدرات التحليلية للتكنولوجيا والخبرة البشرية. وفيما يلي مقارنة بين النموذجين :

 

 أولاً: طبيعة القرار التأميني

في النموذج الذى يعتمد على الذكاء الاصطناعي فقط، يعتمد القرار التأميني على تحليل آلي للبيانات التاريخية والنماذج الإحصائية ما يجعله مناسباً للحالات النمطية والمتكررة. إلا أن هذا النهج يواجه تحديات واضحة عند التعامل مع أخطار غير تقليدية أو بيانات غير مكتملة.

 

أما في نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، فيُستخدم الذكاء الاصطناعي لدعم عملية التحليل والتصنيف بينما يتولى العنصر البشري تفسير النتائج واتخاذ القرار النهائي بما يسمح بالتعامل المرن مع الاستثناءات والظروف الخاصة بكل خطر.

 

 ثانياً: إدارة المخاطر والمسؤولية

يُسهم الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في رفع كفاءة العمليات، لكنه يثير تساؤلات جوهرية حول المسؤولية القانونية والتنظيمية عن القرارات المتخذة خاصة في حالات النزاع أو الطعن في القرار.

 

في المقابل، يوفّر نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي إطاراً أوضح للمساءلة حيث تظل المسؤولية النهائية بيد المختص البشري، بما يحد من المخاطر التشغيلية ويحافظ على امتثال شركات التأمين للمتطلبات الرقابية.

 

ثالثاً: العلاقة مع العميل           

يتميز النموذج الذى يعتمد على الذكاء الاصطناعي فقط بسرعة الاستجابة وتقليل التدخل البشري، إلا أن هذا قد يأتي على حساب البُعد الإنساني في التعامل مع العملاء لا سيما في حالات الرفض أو تسوية المطالبات المعقدة.

 

أما نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، فيوازن بين الكفاءة الرقمية والتواصل الإنساني حيث يتيح للعميل فهم مبررات القرار التأميني ويعزّز الثقة المتبادلة وهو عنصر بالغ الأهمية في السوق المصري.

 

رابعاً: الحوكمة والامتثال التنظيمي

يثير الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وحده تحديات تتعلق بقابلية تفسير القرارات ومخاطر التحيّز الخوارزمي وحماية البيانات ما يتطلب أطر حوكمة دقيقة قد يصعب تطبيقها دون إشراف بشري مباشر.

 

بينما ينسجم نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي بشكل أكبر مع متطلبات الحوكمة الرشيدة من خلال دمج التكنولوجيا ضمن إطار واضح للرقابة البشرية وإدارة المخاطر.