خبير يكشف أبعاد اعتراف إسرائيل بـ"أرض الصومال".. ممرات الملاحة الحيوية كلمة السر
أعرب عمرو حسين، الكاتب والمحلل السياسي، أن إعلان إسرائيل اعترافها الرسمي بجمهورية أرض الصومال يُعد خطوة بالغة الدلالة في سياق التحولات الجيوسياسية المتسارعة في منطقة القرن الأفريقي، مشيرًا إلى أن هذا التطور لا يمكن فصله عن الاستراتيجية الإسرائيلية الأوسع الهادفة إلى توسيع نطاق نفوذها السياسي والأمني خارج الإطار التقليدي للشرق الأوسط.
وأضاف حسين في تصريح خاص لـ"الوفد"، أن توقيت هذا الاعتراف يعكس إدراكًا إسرائيليًا متزايدًا لأهمية القرن الأفريقي بوصفه ساحة مركزية للتنافس الدولي، خاصة في ظل تزايد الاهتمام العالمي بممرات الملاحة الحيوية، وعلى رأسها باب المندب والبحر الأحمر، اللذين يمثلان شريانًا استراتيجيًا للتجارة الدولية وأمن الطاقة.
وأوضح أن أي حضور سياسي أو أمني فاعل في هذه المنطقة يمنح الأطراف المنخرطة فيه أوراق ضغط وتأثير تتجاوز حدود الجغرافيا المحلية.
وأعرب أن ربط هذا الاعتراف صراحةً بروح اتفاقيات إبراهيم يكشف عن محاولة إسرائيلية واعية لتوسيع نموذج التطبيع ليشمل أطرافًا جديدة خارج الدائرة العربية التقليدية، بما يعكس تحولًا في فلسفة السياسة الخارجية الإسرائيلية من التركيز على الصراع إلى بناء شبكات شراكة قائمة على المصالح المتبادلة، خصوصًا في مجالات الأمن والاقتصاد والتكنولوجيا.
وأضاف أن هذا الاعتراف، رغم ما يحمله من بعد دبلوماسي، يثير تساؤلات قانونية وسياسية معقدة، في ظل عدم اعتراف المجتمع الدولي حتى الآن بأرض الصومال كدولة مستقلة ذات سيادة.
وأشار إلى أن هذه الخطوة قد تُفسَّر على أنها محاولة لإعادة تعريف مفهوم الشرعية الدولية من منظور المصالح، وهو ما قد يفتح الباب أمام سوابق مشابهة في مناطق أخرى تعاني من نزاعات انفصالية أو أوضاع سياسية غير محسومة.
وأكد حسين أن إسرائيل، من خلال إعلان نيتها توسيع التعاون مع أرض الصومال في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا، تسعى إلى ترسيخ حضور طويل الأمد يتجاوز الاعتراف السياسي إلى شراكة بنيوية تؤسس لنفوذ اقتصادي وأمني مستدام.
وأضاف أن هذا النهج يعكس فهمًا إسرائيليًا لأهمية “القوة الناعمة” في تثبيت العلاقات وبناء التحالفات، لا سيما في الدول والمناطق الساعية إلى التنمية والاستقرار.
وأعرب عن أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على التوازنات الإقليمية، خاصة بالنسبة للدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر، التي تجد نفسها أمام واقع جديد يستدعي إعادة تقييم سياساتها تجاه أمن الممرات البحرية والتحالفات الإقليمية.
وأضاف أن تجاهل مثل هذه التحولات قد يترك فراغات استراتيجية تستغلها قوى خارجية لفرض أجنداتها.
وختم عمرو حسين تصريحه بالإشارة إلى أن الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال لا ينبغي النظر إليه كحدث معزول، بل كجزء من مشهد دولي أوسع يتسم بتراجع المفاهيم التقليدية للسيادة، وصعود منطق المصالح والتحالفات المرنة.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الأطراف الإقليمية على التكيف مع هذه المتغيرات، وحماية مصالحها الاستراتيجية في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية واضطرابًا.







