رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

ما قاله عماد الدين أديب في لقائه الأخير لم يكن رأيا ً سياسيا ً قابلا ً للاختلاف، بل كان صياغة لغوية متجاوزة خرجت من إطار النقد إلى مساحة الإسقاط غير المقبول، حين قال: "نريد تشكيل وزاري يستطيع قول لا لأكبر رأس في البلد".  هذه العبارة، بصرف النظر عن نوايا قائلها، لا تُقدَّم كطرح إصلاحي ولا كتصور دستوري واضح، بل كجملة مشحونة بالإيحاء، تُحمَّل أكثر مما تحتمل، وتُلقى في المجال العام بلا مسؤولية عن أثرها. النقد الحقيقي يُناقش السياسات، لا الرموز، ويختلف مع القرارات لا مع هيبة الدولة.  الخطورة هنا ليست في الاختلاف، بل في طريقة التعبير عنه. فالكلمة حين تصدر عن إعلامي يعرف وزن المنصة التي يقف عليها، لا تكون مجرد رأي، بل رسالة، وتوقيتها ولغتها ودلالاتها تصبح جزءا ً من المسؤولية العامة قبل أن تكون ممارسة لحرية الرأي.  لكن ما يستحق التوقف عنده بقدر لا يقل خطورة، هو دور مقدم البرنامج. عمرو أديب، بصفته محاورا ً ومستضيفا ً، لم يكن مطلوبا ً منه أن يتحول إلى صدى صوت للضيف، ولا أن يكتفي بالموافقة الضمنية أو الإيماء المؤيد لكل ما يُقال. ما كان ينبغي أن يكون صدى صوت للضيف، بل كان من واجبه المهني أن يطلب استيضاحا ً، وأن يضع الأسئلة اللازمة أمام عبارات تحمل هذا القدر من الالتباس والخطورة.  حين يُطلق الضيف جملة من هذا النوع، فإن الدور الطبيعي للمحاور هو أن يسأل: ماذا تقصد تحديدا ً؟ هل نتحدث عن آليات دستورية؟ عن صلاحيات واضحة؟ عن نماذج مقارنة؟ أم أننا أمام عبارة إنشائية للاستهلاك الإعلامي؟  الصمت هنا لا يُحسب حيادا ً، بل تقاعسا ً مهنيا ً. والتأييد المطلق لا يُحسب جرأة، بل تخليا ً عن جوهر الحوار.  الإعلام ليس منصة لتضخيم العبارات الصادمة، بل مساحة لتنظيم النقاش العام وحمايته من الانزلاق. والمذيع، حين يتنازل عن دوره كعقل ناقد، يتحول من محاور إلى ديكور يمنح أي خطاب شرعية مجانية، مهما كان متجاوزا ً أو مفتقرا ً للضبط.  المسألة لا تتعلق بأشخاص بقدر ما تتعلق بخطورة تطبيع هذا النوع من الخطاب وتقديمه باعتباره شجاعة، بينما هو في حقيقته فوضى لغوية لا تبني دولة، ولا تُصلح نظاما ً، ولا تُثري وعيا ً.  النقد حق، بل ضرورة. لكن الخروج عن الأدب في التعبير ليس موقفا ً سياسيا ً، ولا يصبح تجاوز الحدود رأيا ً لمجرد أنه قيل على الهواء.