الجاليات في يوم المهاجرين العالمي: الاندماج شراكة حقوق وواجبات لا منّة ولا وصاية
في موقف موحد ورسالة سياسية وإعلامية واضحة، أكدت الجاليات والجمعيات الإيطالية ذات الأصول الأجنبية، خلال احتفالية اليوم العالمي للمهاجرين، أن الوقت قد حان لتجاوز الخطاب التقليدي حول “الهجرة” والانتقال إلى خطاب المواطنة الكاملة، والاندماج المتبادل، القائم على الحقوق والواجبات.
وجاء ذلك خلال المبادرة التي أُقيمت داخل قاعة البلدية في العاصمة الإيطالية روما، برعاية منظمة IMA والحركة الدولية المتحدون للوحدة (United to Unite)، وبمشاركة واسعة من الجمعيات والمجتمعات المؤهلة من مختلف القارات، مع تغطية إعلامية مباشرة لوكالة AISC News Internazionale.
وشهدت الفعالية حضور أكثر من مائة مندوب يمثلون الجاليات والجمعيات من القارات الخمس، حيث أجمعت الكلمات والمداخلات على أن الاندماج الحقيقي لا يمكن أن يكون عملية أحادية الاتجاه، ولا يتحقق عبر العزلة أو الخطابات الشعبوية، بل من خلال الحوار، والمسؤولية المشتركة، والاعتراف المتبادل.
وأكدت كل من نقابة الأطباء من أصل أجنبي في إيطاليا (AMSI)، والرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية (UMEM)، وجالية العالم العربي في إيطاليا (Co-mai)، والحركة الدولية المتحدون للوحدة، أهمية فتح نقاش وطني واسع وممثل لجميع الأطراف، بعيدًا عن التعميمات والصور النمطية التي تسيء للمجتمعات المندمجة والهجرة الماهرة.
فؤاد عودة: المصطلح خاطئ والواقع مختلف
وتحدث نيابة عن الجمعيات والحركات المشاركة رئيسها البروفيسور فؤاد عودة، الطبيب المتخصص في الصحة العالمية، والصحفي الدولي، ومدير AISC News، مشددًا على ضرورة تصحيح الخطاب السائد، قائلًا: “نحن لا نتحدث عن مهاجرين، بل عن مواطنين من أصول أجنبية. الاندماج عملية متبادلة تحترم مبدأ الحقوق والواجبات، وليست طريقًا باتجاه واحد”.
وأوضح عودة أن التجربة الإيطالية كشفت منذ ستينيات القرن الماضي عن ثلاث فئات رئيسية من المواطنين ذوي الأصول الأجنبية، الفئة الأولى من الهجرة الماهرة، من خريجي الجامعات الإيطالية في مجالات الطب والهندسة والتمريض والصحافة وغيرها، والذين اختار نحو 45% منهم البقاء في البلاد وحصلوا على الجنسية الإيطالية.
أما الفئة الثانية فتضم العمال الذين أسسوا مشاريع ناجحة وأسهموا في خلق الثروة وفرص العمل، فيما تمثل الفئة الثالثة الأشخاص الذين يعيشون أوضاعًا اجتماعية واقتصادية أكثر صعوبة، ويحتاجون إلى دعم حقيقي في مجالات اللغة والعمل والسكن.
رفض تشويه الهجرة ورفض التمييز
وأجمع المشاركون على أن التركيز الإعلامي والسياسي شبه الحصري على الهجرة غير النظامية أدى إلى تشويه صورة الهجرة الماهرة والمندمجة، وربط الهجرة بالجريمة أو الغزو، وهو تصوير لا يعكس الواقع ويضر بالنسيج المجتمعي.
وأكدت الجاليات احترامها الكامل للتقاليد الإيطالية، مشددة على أنه لم يسبق لأي جالية من أصول أجنبية أن دعت إلى إزالة الرموز الدينية أو إلغاء الاحتفال بعيد الميلاد، وأن أي تصرفات فردية أو استفزازية لا تمثل المجتمعات، ولا يجوز استغلالها لتشويه صورة العالم العربي أو الإسلامي.
وخلصت الفعالية إلى دعوة مفتوحة لتعزيز اتحاد الجاليات والجمعيات الإيطالية ذات الأصول الأجنبية تحت مظلة الحركة الدولية “المتحدون للوحدة”، بما يضمن صوتًا مستقلًا ومسؤولًا في قضايا الاندماج، والتعليم، والمواطنة، والمشاركة المدنية، مع تركيز خاص على إشراك الأجيال الشابة، وتكثيف تعلم اللغة الإيطالية، ونشر ثقافة الحقوق والواجبات.







