القيم الإيجارية للأراضي الزراعية.. بين حماية المزارع وحقوق الدول
في ظل التحديات المتشابكة التي يشهدها القطاع الزراعي، من ارتفاع تكاليف الإنتاج وتقلبات الأسعار إلى الضغوط المرتبطة بالحفاظ على الأمن الغذائي، يبرز ملف القيم الإيجارية للأراضي الزراعية كأحد الملفات الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المزارعين واستقرارهم الاقتصادي، فالأرض الزراعية ليست مجرد أصل عقاري، بل هي وسيلة الإنتاج الأساسية وعصب النشاط الزراعي الذي تعتمد عليه ملايين الأسر في الريف المصري.
ومع انتشار بعض الأرقام حول ارتفاع القيم الإيجارية، خاصة لأراضي الأوقاف الزراعية، تصاعد الجدل حول مدى تأثير هذه الزيادات على المزارعين وأسعار المحاصيل الزراعية، ومن هنا، كان هناك توضيح رسمي من الجهات المعنية، للتأكيد على أن الدولة تتعامل مع هذا الملف وفق معايير فنية واجتماعية دقيقة تراعي البعد الاقتصادي دون الإضرار بالمزارعين.
تحديد القيم الإيجارية بدقة
وفي هذا الإطار، قال الدكتور محمد شطّه، رئيس الإدارة المركزية لشؤون المديريات الزراعية بوزارة الزراعة، إن تحديد القيم الإيجارية للأراضي الزراعية يتم وفق أسس واضحة توازن بين حق الدولة وحق المزارع*، مؤكدًا أن هذه القيم لا تصل بأي حال من الأحوال إلى مستويات السوق الحر.
وأوضح شطّه أن القيم الإيجارية في السوق تختلف بشكل كبير حسب نوع المحاصيل، جودة التربة، توافر مياه الري، والموقع الجغرافي، مشيرًا إلى أن بعض الأراضي المخصصة لزراعة الخضروات أو الفراولة في مناطق متميزة قد تصل قيمتها في السوق الحرة إلى 80 و90 وحتى 100 ألف جنيه للفدان.
وأضاف شطّه أن الدولة، عند تحديد الإيجارات للأراضي التابعة لها، لا تركز فقط على العائد الاقتصادي، بل تراعي أيضًا العقود الممتدة والبعد الاجتماعي للمزارعين، لضمان استقرارهم وعدم تحميلهم أعباء تفوق قدرتهم. وأكد أن أي تعديل في القيم الإيجارية، خاصة لأراضي الوقف، لن ينعكس سلبًا على أسعار السلع الزراعية، موضحًا أن تسعير المنتجات الزراعية يخضع لعدة عوامل، منها تكلفة الإنتاج والنقل والتخزين وآليات العرض والطلب.



