رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

باي بال على أعتاب العمل المصرفي

بوابة الوفد الإلكترونية

في خطوة تعكس التحولات العميقة التي يشهدها القطاع المالي العالمي، أعلنت شركة باي بال عن تقدمها رسميًا بطلبات للحصول على ترخيص مصرفي في الولايات المتحدة، لتصبح أحدث شركة تكنولوجيا مالية تسعى لدخول عالم البنوك تحت مظلة تنظيمية أكثر مرونة.

 الخطوة تأتي في توقيت لافت، مع اتجاه الإدارة الأمريكية الحالية إلى تخفيف القيود المفروضة على المؤسسات المالية غير التقليدية، ما فتح الباب أمام شركات كبرى لإعادة تعريف دورها في السوق.

وبحسب البيان الرسمي، تقدمت باي بال بطلبات لإنشاء كيان مصرفي جديد تحت اسم “PayPal Bank”، إلى كل من المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع ووزارة المؤسسات المالية في ولاية يوتا. 

وفي حال الحصول على الموافقة النهائية، سيتم تسجيل البنك الجديد في ولاية يوتا، ليعمل كبنك صناعي يخضع لإشراف الجهات التنظيمية المختصة.

هذه الخطوة لا تعني أن باي بال تدخل عالم البنوك من الصفر، فالشركة تمتلك بالفعل خبرة مصرفية خارج الولايات المتحدة، حيث تعمل كبنك مرخص في أوروبا انطلاقًا من لوكسمبورج. غير أن السوق الأمريكية، بحجمها وتأثيرها، تمثل مرحلة مختلفة وأكثر تعقيدًا، سواء على مستوى التنظيم أو المنافسة.

وتراهن باي بال في طلبها على سجل طويل من العمل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة. ووفقًا لبيانات الشركة، فقد قدمت أكثر من 30 مليار دولار في صورة قروض ورأس مال عامل لأكثر من 420 ألف حساب تجاري حول العالم. هذا الرقم تستخدمه الشركة كحجة رئيسية لإقناع الجهات التنظيمية بأن وجود بنك تابع لها داخل الولايات المتحدة سيسهم في توسيع نطاق الخدمات المالية، خاصة للفئات التي تعاني من صعوبة الوصول إلى التمويل التقليدي.

الرئيس التنفيذي لباي بال، أليكس كريس، أكد في تصريحات رسمية أن الحصول على التمويل لا يزال يمثل عقبة حقيقية أمام الشركات الصغيرة الساعية إلى النمو والتوسع. وأوضح أن تأسيس بنك تابع للشركة من شأنه تحسين كفاءة العمليات المالية، وتعزيز قدرة باي بال على دعم نمو الأعمال وخلق فرص اقتصادية أوسع داخل السوق الأمريكية.

إلى جانب خدمات الإقراض، تخطط باي بال، في حال الموافقة على طلبها، لتقديم حسابات ادخار بعوائد، ما يضعها في منافسة مباشرة مع البنوك التقليدية وبعض البنوك الرقمية الصاعدة. هذه الخطوة قد تغيّر طبيعة العلاقة بين المستخدمين ومنصات الدفع الإلكتروني، التي كانت تقتصر في السابق على التحويلات والمعاملات، دون أن تلعب دور البنك الكامل.

تحرك باي بال لا يأتي بمعزل عن موجة أوسع تشهدها الولايات المتحدة خلال العام الحالي، حيث تقدمت عدة شركات بطلبات مماثلة للاستفادة من المناخ التنظيمي الأكثر تساهلًا. ففي الأيام الماضية، أعلنت جهة الرقابة المصرفية الأمريكية منح موافقات مبدئية لعدد من شركات العملات الرقمية، من بينها أسماء بارزة في عالم الكريبتو، للتحول إلى بنوك ائتمانية خاضعة للتنظيم الفيدرالي.

الجهات الرسمية ترى في هذا التوجه فرصة لتعزيز المنافسة داخل النظام المصرفي. فقد أكدت مؤسسة الرقابة المصرفية أن دخول لاعبين جدد إلى القطاع يصب في مصلحة المستهلكين والاقتصاد، عبر إتاحة منتجات وخدمات مالية مبتكرة، وتوسيع مصادر الائتمان، بما يضمن نظامًا مصرفيًا أكثر تنوعًا وديناميكية.

ولا تقتصر قائمة الشركات المتقدمة بطلبات مصرفية على شركات التكنولوجيا المالية والعملات الرقمية فقط، بل تضم أيضًا أسماء من قطاعات صناعية وترفيهية، مثل نيسان وسوني، ما يعكس تغيرًا جذريًا في مفهوم البنك ودوره التقليدي.

بالنسبة لباي بال، فإن التحول إلى بنك داخل الولايات المتحدة قد يشكل نقطة تحول استراتيجية في مسيرتها. فبدل الاكتفاء بدور الوسيط في عمليات الدفع، تسعى الشركة إلى ترسيخ مكانتها كمؤسسة مالية متكاملة، قادرة على تقديم حلول شاملة للأفراد والشركات. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الخطوة مرهونًا بقدرتها على التكيف مع المتطلبات التنظيمية الصارمة، وبمدى تقبل السوق والمستخدمين لفكرة أن تتحول منصة دفع رقمية شهيرة إلى بنك بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

في النهاية، يعكس طلب باي بال رسالة واضحة مفادها أن الحدود بين التكنولوجيا والقطاع المصرفي باتت أكثر ضبابية من أي وقت مضى، وأن مستقبل الخدمات المالية قد يُكتب على أيدي شركات لم تكن تُصنَّف يومًا ضمن البنوك التقليدية.