هذا هو الإسلام
من قواعد الشريعة الكبرى قاعدة «الضرر يزال» وهى مستنبطة من قول رسول الله «لا ضرر ولا ضرار» (رواه ابن ماجه)، وهى ركن من أركان الشريعة المطهرة؛ وقد وردت نصوص كثيرة من القرآن والسنة تشهد لها، كما أنها عُدَّة الفقهاء والقَضاء فى تقرير الأحكام والفصل فى الخصومات، قال الإمام السيوطى رحمه الله: «اعلم أن هذه القاعدة ينبنى عليها كثير من أبواب الفقه» وإذا أردنا أن نُعرف بالإسلام تعريفًا يظهر حقيقته وجلال شريعته فلا بد أن تكون هذه القاعدة فى صدرة البيان، فهذا الدين جاء لدفع الضرر قبل وقوعه ورفع آثاره بعد وقوعه، وهو يُحرم الظلم والعدوان، فلا يجوز شرعًا لأحد أن يُلحق بآخر ضررًا ولا ضرار؛ وقد سيق ذلك بأسلوب نفى الجنس ليكون أبلغ فى النهى والزجر.
وكثير من الخبائث وما يستجد من المفاسد فى هذا العالم المتغير يكون قوله صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار» هو العمدة لتحريمها وتأصيل حكم الله لها، ونظرة الإسلام للضرر المرفوع تشمل الضرر الذى يلحق بالغير كأفراد والمجموع كمجتمعات بل ودفع الضرر عن الذات، وهذه القاعدة لو طبقها المسلمون لرتفع بينهم الخلاف والخصام وساد بينهم الحب والوئام، وقويت شوكتهم ونجت سفينتهم فما أحوجنا فى مجتمعنا أن نربط هذا الحديث وتلك القاعدة بحديث رسول الله: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره» (رواه البخاري) وقوله صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم فى حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا» (رواه البخاري)، لنضع للبشرية المتخبطة فى تيه الصراعات على المصالح والثروات قاعدة تحكم العلاقات الدولية بين الدول لا ضرر ولا ضرار، وعندها تأمن البشرية على مستقبلها ويختفى سباق التسلح بين الدول ويعم السلام وينتشر الأمن، ليتنا والعالم تفوح من بين جنابته رائحة الموت نتيجة لتفشى وباء فيروس الكورونا نقول لا ضرر ولا ضرار فى رؤية الدول لتوزيع اللقاح ومنع احتكاره، ليت الناس يتعاملون بهذا المبدأ لا ضرر ولا ضرار ثم يلحقوق به مبدأ أخر من هدى النبوة نأخذه من حديث رسول الله: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيِه مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (متفق عليه) هو أحب لأخيك ما تحبه لنفسك لأننا لو دفعنا ورفعنا الضرر ونشرنا الحب ما حتجنا لميزان العدل، هذا هو الإسلام دعوته حب وفقه معاملاته لا ضرر ولا ضرار.
من علماء الأزهر والأوقاف