طالبت بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى
حصاد الندوة الدولية لدور وهيئات الإفتاء فى العالم:
دور مصر راسخ وثابت فى رفض محاولات التهجير أو طمس الهويَّة
الاعتداء على الآمنين جريمة جسيمة لا تسقط بالتقادم
المفتى يدعو المجتمع الدولى إلى التحرك الفورى لوقف نزيف الدم وضمان إيصال المساعدات وحماية حقوق المظلومين
إطلاق ميثاق للفتوى والكرامة الإنسانية لضبط الخطاب الإفتائى فى النزاعات والحروب
اختتمت فعاليات الندوة الدولية الثانية للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، التى جاءت بعنوان «الفتوى وقضايا الواقع الإنسانى: نحو اجتهاد رشيد يواكب التحديات المعاصرة»، والتى عُقدت على مدار يومَين فى القاهرة تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية.
وأعلن فضيلة المفتى إصدار «ميثاق الفتوى والكرامة الإنسانية»، وهو بمثابة وثيقة أخلاقية ترسخ المبادئ والقيم الشرعية والمهنية التى ينبغى أن تلتزم بها جهات الإفتاء؛ بغيةَ صيانة كرامة الإنسان مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للشعوب دون إخلال بثوابت الشريعة الإسلامية الغراء، هذا بجانب إصدار «الدليل الإجرائى لفتاوى الأزمات والنوازل».
كما أعلن «عياد» عن إصدار «دليل الفتوى المعاصرة فى القضايا الإنسانية» فضلًا عن إطلاق مبادرات تنفيذية وتطبيقية، تمثلت فى «فتوى Ai»، وهو نموذج إفتائى لدار الإفتاء المصرية وأحد أهم المخرجات، لاستخدامه الذكاء الاصطناعى فى تحليل الأسئلة وتقديم الفتوى الشرعية الدقيقة.
كما لفت فضيلته النظر إلى «منصة الفتوى من أجل الإنسانية»، وهى بمثابة منصة رقمية عالمية متعددة اللغات تتيح تبادل الخبرات والاجتهادات بين المفتين، هذا بالإضافة إلى «بنك الفتاوى التنموية العالمى»، وهى قاعدة بيانات رقمية مركزية تجمع الفتاوى المعتمدة الصادرة حول القضايا التنموية والإنسانية من مختلف دُور الإفتاء؛ ليكون مرجعًا عالميًّا لأفضل الممارسات الإفتائية.
وأكد فضيلة المفتى اعتماد المخرجات وتطبيقها فى دور وهيئات الإفتاء فى العالم وإدماجها فى ممارساتها المؤسسية ومناهجها التدريبية.
وشدد «عياد» على الالتزام بالقانون الإنسانى وبحماية المدنيين وقت الحروب والنزاعات، والتنديد بالجرائم والانتهاكات التى ترتكب بحق الشعب الفلسطينى الأعزل، ودعوة المجتمع الدولى إلى التحرك الفورى لوقف نزيف الدم، وضمان إيصال المساعدات، وحماية حقوق المظلومين.
كما أكدت الندوة دعمَها الكامل لصمود أهل غزَّة على وجه الخصوص، والشعبِ الفلسطينيِّ بعامَّة، فى مواجهة ما يتعرَّضون له من عدوانٍ متواصل، وتشدد على حقِّهم المشروع، الذى تكفله القوانين والمواثيق الدوليَّة، فى الدفاع عن أرضهم ومقدَّساتهم، ورفض كلِّ محاولات التهجير أو طمس الهويَّة، كما تؤكِّد الندوة تمسُّكَ الشعب الفلسطينى بقضيته العادلة، بوصفها قضيَّةَ حقٍّ تاريخيٍّ وإنسانيٍّ لا يسقط بالتقادم، ودعوتها المجتمع الدولى إلى تحمُّل مسئوليَّاته الأخلاقيَّة والقانونيَّة تجاه وقف العدوان، وحماية المدنيِّين، ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.
وبين مفتى الجمهورية أن المؤسسة الدينية فى مصر، بأركانها الثلاثة: الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية، تؤكد دعم موقف الدولة المصرية الراسخ والثابت تجاه القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطينى الأصيل وغير القابل للتصرف فى إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على أراضيه المحتلة، وعاصمتها القدس الشريف، كما تشدد على أن هذا الموقف ينبع من ثوابت تاريخية ووطنية وأخلاقية، ويستند إلى مبادئ العدالة الدولية وقرارات الشرعية الدولية، بما يصون الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطينى، فهى ليست قضية العرب والمسلمين بل قضية كل صاحب قلب سليم وفطرة سوية.
وطالبت الندوة بتعزيز التعاون الدولى عبر تبادل الخبرات وإطلاق مبادرات مشتركة فى مجال الإفتاء الإنسانى، ومواجهة القضايا المشتركة كالفقر والأوبئة.
وشددت الندوة على التكامل المؤسسى للإفتاء بين دور وهيئات الإفتاء على المستوى العالمى عبر تبادل الخبرات وتوحيد آليات العمل، وتفعيل المبادرات الإفتائية الدولية كوثيقة التعاون والتكامل الإفتائى.
وطالب المفتى باستثمار التكنولوجيا لتوسيع نطاق خدمة الفتوى عالميًّا، وإطلاق تطبيقات ذكية ومنصات تفاعلية متعددة اللغات.
وثمنت الندوة دور «الدبلوماسية الدينية» فى دعم جهود السلام العالمى، وإعلاء قيم التعايش، وتعزيز الهوية الصحيحة.
كما طالبت بتعزيز التعاون بين وزارات التربية والتعليم والثقافة والإعلام وبين هيئات الإفتاء لإدراج مفاهيم التسامح والتعايش والأمن الفكرى فى المناهج الدراسية، وتطوير مبادرات إعلامية تخاطب فئات المجتمع -لا سيما الشباب-، لتحصين الأجيال الناشئة من آفات الجهل والتطرف.
بالإضافة إلى توثيق الصلة بين المؤسسات الإفتائية والهيئات الصحية لضمان صدور فتاوى طبية موحدة ورصينة، لا سيما فى أوقات الأوبئة والأزمات الصحية.
وشددت على مراعاة الأهداف التنموية فى العملية الإفتائية، وتوجيه الفتاوى لدعم مكافحة الفقر وتحسين جودة التعليم والصحة وحماية البيئة.
وأكدت الندوة مواصلة التصدى بحزم لظاهرة التطرف الفكرى والفتاوى الشاذة التى تزعزع استقرار المجتمعات، وزيادة التنسيق بين الهيئات الدينية والأمنية والتعليمية والإعلامية؛ لتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب.
وانتهت إلى المطالبة بضرورة الاشتباك الفاعل مع قضايا الواقع، وتجاوز حدود التنظير إلى تبنى إجراءات عملية وتنفيذية ملموسة، مع التأكيد أن يكون الخطاب الإفتائى واضحًا وحاسمًا، بما يقرر من دون مواربة أن الاعتداء على الآمنين جريمة جسيمة لا تسقط بالتقادم؛ صونًا لكرامة الإنسان وحفظًا لأمن المجتمعات.
وكان مركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا، قد نظم ورشة عمل مهمة بعنوان «الفتوى والقانون الدولى الإنسانى: حماية المدنيين بين المقاصد الشرعية والقواعد الدولية»؛ على هامش فعايات الندوة.
أدار الورشة الدكتور محمد البشارى، أمين عام المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة بالإمارات، وأمين سر الورشة حسن محمد، المدير التنفيذى لمركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا.
وحضر الورشة مجموعة من المسؤولين ورجال الدين والمُختصين وخبراء القانون الدولى وحقوق الإنسان، والأنبا إرميا، رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، وإسلام محمد، مدير برنامج دراسات التطرف والإرهاب ممثلًا عن المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط.
كما شاركت الدكتورة الشيماء الدمرداش، مدير مشروع إحياء التراث بمكتبة الإسكندرية،
وشارك بالحضور والمداخلات أيضًا الدكتور عبدالمنعم أحمد سلطان، أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة المنوفية، والدكتور رضا زايد، مدير إدارة البرمجيات بدار الإفتاء المصرية، وصابر رمضان، مدير تحرير جريدة الوفد وخالد المطعنى، الصحفى بجريدة الأهرام.
وركزت الورشة على تقديم إطار علمى وشرعى يعزز التكامل بين المقاصد الشرعية والقواعد الدولية لحماية الإنسان فى أوقات الحرب، وبيان التكليف الشرعى لمؤسسات الفتوى والدول والمجتمع الدولى تجاه المدنيين، وكذلك مناقشة سُبل التعاون بين دار الإفتاء المصرية والمجلس القومى لحقوق الإنسان لتعزيز ثقافة احترام القانون الدولى الإنسانى فى المجتمعات الإسلامية.
وكرم فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتى الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، فى ختام الندوة تسعَ شخصيات علمية من المفتين والعلماء ورجال الدين؛ لإسهاماتهم فى إثراء المجال الدينى والإفتائى، وهم سماحة الدكتور أحمد الحسنات، مفتى المملكة الأردنية الهاشمية، والشيخ نوريزباى حاج تاغانولى أوتبينوف، مفتى جمهورية كازاخستان، والدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطينى للشؤون الدينية قاضى قضاة فلسطين، والشيخ أيمن عبدالغنى، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، وتسلَّمها عنه الدكتور أحمد الشرقاوى، والأنبا إرميا الأسقف العام، رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى، والدكتور محمد البشارى، أمين عام المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة بالإمارات، والدكتورة عائشة المنَّاعى، مدير مركز محمد بن حمد آل ثانى لإسهامات المسلمين فى الحضارة بالدوحة، وسيمور نصيروف رئيس الجالية الأذربيجانية فى مصر، والشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الإرشاد الأُسرى وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية. كما وقع المفتى بروتوكول تعاون بين دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم ودار الإفتاء الأردنية.

