رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

خبراء‭: ‬تصنيف‭ ‬واشنطن‭ ‬ل‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية‭ ‬شهادة‭ ‬دولية‭ ‬للدولة‭ ‬المصرية

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬تحذيرات‭ ‬‮«‬القاهرة‮»‬‭: ‬العالم‭ ‬يضيق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬الجماعة‭ ‬المحظورة
سيد‭ ‬الجابرى‭: ‬تجربة‭ ‬2011‭ ‬كشفت‭ ‬الوجه‭ ‬الحقيقى‭ ‬للجماعة‭ ‬وفشلها‭ ‬فى‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة
رأفت‭ ‬فودة‭: ‬تصنيف‭ ‬الإخوان‭ ‬اختبار‭ ‬الدبلوماسية‭  ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬مخاطبة‭ ‬العالم
سميرفرج‭: ‬التصنيف‭ ‬الأمريكى‭ ‬طلقة‭ ‬أولى‭ ‬لتفكيك‭ ‬التنظيم‭ ‬عالمياً‭.. ‬وتدخل‭ ‬إنجلترا«الضربة‭ ‬القاضية‮»‬

 

فى‭ ‬تطور‭ ‬مهم‭ ‬أصدرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قراراً‭ ‬بوصف‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭, ‬وبعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها—‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭- ‬الإسلامية‮»‬‭ (‬CAIR‭)‬–‭ ‬بالمنظمات‭ ‬الإرهابية‭, ‬وكانت‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬تكساس‭ ‬التى‭ ‬بادرت‭ ‬يوم‭ ‬18‭ ‬نوفمبر‭ ‬بإصدار‭ ‬القرار‭, ‬ثم‭ ‬أقرت‭ ‬الإدارة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬خطوات‭ ‬لتصنيف‭ ‬فروع‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬الجماعة‭ ‬فى‭ ‬24‭ ‬نوفمبر‭, ‬وبعدها‭ ‬أصدرت‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬أمراً‭ ‬تنفيذياً‭ ‬فى‭ ‬9‭ ‬ديسمبر‭.. ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬لها‭ ‬انعكاسات‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬مصر‭, ‬التى‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬صنفت‭ ‬الجماعة‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬إرهابية‮»‬‭ ‬وقامت‭ ‬بمواجهتها‭ ‬سياسياً‭ ‬وأمنياً‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬العقد‭ ‬الماضى‭, ‬وفى‭ ‬هذا‭ ‬التحقيق‭, ‬ترصد‭ ‬‮«‬الوفد‮»‬‭, ‬ماذا‭ ‬تعنى‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬قانونياً‭ ‬وسياسياً‭? ‬وكيف‭ ‬تؤيد‭ ‬موقف‭ ‬القاهرة‭ ‬التى‭ ‬خاضت‭ ‬حروباً‭ ‬وفصول‭ ‬قمع‭ ‬طويلة‭ ‬مع‭ ‬الإخوان‭ ‬وصنفتهم‭ ‬إرهابيين‭ ‬رسمياً‭ ‬منذ‭ ‬2013‭?‬

فى‭ ‬صباح‭ ‬18‭ ‬نوفمبر‭ ‬2025،‭ ‬فجرت‭ ‬حكومة‭ ‬ولاية‭ ‬تكساس‭ ‬المفاجأة‭ ‬بإعلانها‭ ‬تصنيف‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬ومجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإسلامية‭ (‬CAIR‭) ‬كـ«منظمات‭ ‬إرهابية‭ ‬أجنبية‮»‬‭ ‬و«كيانات‭ ‬إجرامية‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬فرض‭ ‬قيود‭ ‬قانونية‭ ‬صارمة‭ ‬تمنعهما‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬أو‭ ‬شراء‭ ‬أراضٍ‭ ‬داخل‭ ‬الولاية‭. ‬وجاء‭ ‬القرار‭ ‬مصحوباً‭ ‬بتصريحات‭ ‬حادة‭ ‬من‭ ‬الحاكم‭ ‬غريغ‭ ‬أبوت،‭ ‬اتهم‭ ‬فيها‭ ‬التنظيمين‭ ‬بدعم‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وتهديد‭ ‬النظام‭ ‬القانونى‭ ‬الأمريكى،‭ ‬فى‭ ‬خطوة‭ ‬عكست‭ ‬تحولاً‭ ‬أيديولوجياً‭ ‬داخل‭ ‬تيار‭ ‬جمهورى‭ ‬نافذ‭.‬
ولم‭ ‬تمر‭ ‬أيام‭ ‬حتى‭ ‬انتقل‭ ‬التصعيد‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬أعلى،‭ ‬إذ‭ ‬أصدر‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬فى‭ ‬24‭ ‬نوفمبر‭ ‬2025‭ ‬أمراً‭ ‬تنفيذياً‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬وزارتى‭ ‬الخارجية‭ ‬والخزانة‭ ‬دراسة‭ ‬تصنيف‭ ‬فروع‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬ولبنان‭ ‬والأردن،‭ ‬كمنظمات‭ ‬إرهابية‭ ‬أجنبية‭. ‬واستند‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬قوانين‭ ‬أمريكية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬قانون‭ ‬الهجرة‭ ‬والجنسية‭ ‬وقانون‭ ‬الطوارئ‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬تورط‭ ‬بعض‭ ‬فروع‭ ‬الجماعة‭ ‬فى‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬ودعم‭ ‬كيانات‭ ‬مصنفة‭ ‬إرهابية،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬هجوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬لم‭ ‬يشمل‭ ‬الجماعة‭ ‬الأم‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬فإنه‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬تحول‭ ‬قانونى‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفيدرالى‭.‬
وفى‭ ‬9‭ ‬ديسمبر‭ ‬2025،‭ ‬انضمت‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬إلى‭ ‬موجة‭ ‬التصعيد،‭ ‬بإصدار‭ ‬الحاكم‭ ‬رون‭ ‬ديسانتيس‭ ‬قراراً‭ ‬مماثلاً‭ ‬يمنع‭ ‬الإخوان‭ ‬وCAIR‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬تمويل‭ ‬أو‭ ‬عقود‭ ‬حكومية‭ ‬داخل‭ ‬الولاية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬غاضبة‭ ‬من‭ ‬CAIR‭ ‬التى‭ ‬أعلنت‭ ‬نيتها‭ ‬الطعن‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬قضائياً،‭ ‬بينما‭ ‬اعتبر‭ ‬سياسياً‭ ‬خطوة‭ ‬ذات‭ ‬وزن‭ ‬داخل‭ ‬ولاية‭ ‬انتخابية‭ ‬مؤثرة‭.‬
هذه‭ ‬التحركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تحمل‭ ‬دلالات‭ ‬مباشرة‭ ‬لمصر،‭ ‬التى‭ ‬صنفت‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬تنظيماً‭ ‬إرهابياً‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬إذ‭ ‬تمنح‭ ‬القاهرة‭ ‬دعماً‭ ‬سياسياً‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬لخطابها‭ ‬الأمنى،‭ ‬وتفتح‭ ‬آفاقاً‭ ‬أوسع‭ ‬للتعاون‭ ‬فى‭ ‬ملف‭ ‬مكافحة‭ ‬التطرف‭. ‬كما‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬نشاط‭ ‬الجماعة‭ ‬خارجياً،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬عبر‭ ‬تشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬وتقليص‭ ‬مصادر‭ ‬التمويل‭.‬
ورغم‭ ‬المكاسب‭ ‬السياسية‭ ‬المحتملة،‭ ‬تظل‭ ‬التحذيرات‭ ‬قائمة‭ ‬من‭ ‬اتساع‭ ‬نطاق‭ ‬التصنيفات‭ ‬بما‭ ‬قد‭ ‬يخلط‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬السياسى‭ ‬أو‭ ‬المدنى‭ ‬المشروع‭ ‬والنشاط‭ ‬الإرهابى،‭ ‬فى‭ ‬معادلة‭ ‬دقيقة‭ ‬بين‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومى‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬العام،‭ ‬وسط‭ ‬مؤشرات‭ ‬على‭ ‬تحول‭ ‬دولى‭ ‬أوسع‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الجماعات‭ ‬إثارة‭ ‬للجدل‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭ ‬عام‭ ‬1928‭.‬
الطلقة‭ ‬الأولى
وفى‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يرى‭ ‬اللواء‭ ‬سمير‭ ‬فرج،‭ ‬الخبير‭ ‬العسكرى‭ ‬والمفكر‭ ‬الاستراتيجى،‭ ‬أن‭ ‬قرارات‭ ‬ولايتى‭ ‬تكساس‭ ‬وفلوريدا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬توجه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬نحو‭ ‬تصنيف‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬كـ«منظمة‭ ‬إرهابية‮»‬،‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬الطلقة‭ ‬الأولى‮»‬‭ ‬فى‭ ‬معركة‭ ‬تفكيك‭ ‬الجماعة‭ ‬عالمياً،‭ ‬تمهيداً‭ ‬لإنهاء‭ ‬وجودها‭ ‬السياسى‭ ‬والتنظيمى،‭ ‬وردع‭ ‬قادتها،‭ ‬وشل‭ ‬أنشطتها‭ ‬فى‭ ‬العالم‭.‬
ويؤكد‭ ‬اللواء‭ ‬فرج‭ ‬فى‭ ‬حديثه‭ ‬لـ«الوفد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬اتخذت‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬بوضوح‭ ‬وحسم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صنفت‭ ‬الجماعة‭ ‬تنظيماً‭ ‬إرهابياً‭ ‬وخاضت‭ ‬ضدها‭ ‬مواجهات‭ ‬مفتوحة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭.‬
وأضاف‭ ‬أن‭ ‬التحرك‭ ‬الأمريكى‭ ‬يعد‭ ‬شهادة‭ ‬دولية‭ ‬صريحة‭ ‬لموقف‭ ‬القاهرة،‭ ‬ويعزز‭ ‬سرديتها‭ ‬حول‭ ‬خطورة‭ ‬الجماعة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومى‭ ‬للدول،‭ ‬وعلى‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعى،‭ ‬باعتبارها‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الكيانات‭ ‬التى‭ ‬استخدمت‭ ‬الدين‭ ‬غطاءً‭ ‬للعمل‭ ‬السياسى‭ ‬والتنظيمى‭ ‬الموجه‭.‬
ويرى‭ ‬الخبير‭ ‬العسكرى،‭ ‬أن‭ ‬أهمية‭ ‬الخطوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬رمزيتها‭ ‬أو‭ ‬بعدها‭ ‬السياسى،‭ ‬بل‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬تأثيرها‭ ‬فى‭ ‬تضييق‭ ‬المنافذ‭ ‬التى‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬الجماعة،‭ ‬من‭ ‬تمويل‭ ‬ودعم‭ ‬سياسى‭ ‬وإعلامى،‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬مجرد‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نحو‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف،‭ ‬ولو‭ ‬عبر‭ ‬ولايات‭ ‬كبرى،‭ ‬فهذا‭ ‬يعنى‭ ‬بداية‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬عنوانها‭: ‬الملاحقة‭ ‬الدولية‮»‬‭.‬
وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القرارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقوض‭ ‬قدرة‭ ‬التنظيم‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬داخل‭ ‬الأراضى‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وعلى‭ ‬التحرك‭ ‬بحرية‭ ‬فى‭ ‬دوائر‭ ‬التمويل‭ ‬أو‭ ‬النشاط‭ ‬الحقوقى‭ ‬والإعلامى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬تلقائياً‭ ‬على‭ ‬شبكاته‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وأوروبا‭.‬
ويرى‭ ‬اللواء‭ ‬سمير‭ ‬فرج،‭ ‬أن‭ ‬المحطة‭ ‬الأخطر‭ ‬والأكثر‭ ‬حسماً‭ ‬ليست‭ ‬واشنطن‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬إنجلترا،‭ ‬بوصفها‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬داعمة‭ ‬للتنظيم‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬ويقول‭ ‬إن‭ ‬لندن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرد‭ ‬ملاذ‭ ‬آمن‭ ‬لقيادات‭ ‬الجماعة،‭ ‬بل‭ ‬لعبت‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬فى‭ ‬توفير‭ ‬مظلات‭ ‬قانونية‭ ‬وسياسية‭ ‬وإعلامية‭ ‬مكنت‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬نفوذها‭ ‬العالمى‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬سقوطها‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬عربية‭.‬
ويضيف‭ ‬‮«‬فرج‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الدور‭ ‬البريطانى‭ ‬الداعم‭ ‬للتنظيم‭ ‬شمل‭ ‬تمويلاً‭ ‬مادياً‭ ‬وفكرياً‭ ‬ومعنوياً،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تسهيلات‭ ‬فى‭ ‬الإقامة‭ ‬والتنقل‭ ‬والعمل‭ ‬المؤسسى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬منح‭ ‬الجماعة‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬وإدارة‭ ‬أنشطتها‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬خصوصاً‭ ‬فى‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬2011،‭ ‬حين‭ ‬شهدت‭ ‬مصر‭ ‬وما‭ ‬حولها‭ ‬حالة‭ ‬فوضى‭ ‬استغلتها‭ ‬الجماعة‭ ‬لإعادة‭ ‬تموضعها‭.‬
ويشدد‭ ‬الخبير‭ ‬الاستراتيجى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إقدام‭ ‬إنجلترا‭ ‬على‭ ‬تصنيف‭ ‬الجماعة‭ ‬كمنظمة‭ ‬إرهابية‭ ‬سيمثل‭ ‬“الضربة‭ ‬القاضية”،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬يعنى‭ ‬وقف‭ ‬التمويل‭ ‬وقطع‭ ‬شبكات‭ ‬الدعم‭ ‬التى‭ ‬اعتمدت‭ ‬عليها‭ ‬لمدة‭ ‬طويلة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤدى‭ ‬إلى‭ ‬شلل‭ ‬كامل‭ ‬فى‭ ‬النشاط‭ ‬السياسى‭ ‬والتنظيمى‭ ‬للجماعة،‭ ‬وتجفيف‭ ‬مصادر‭ ‬قوتها،‭ ‬ومنعها‭ ‬من‭ ‬بث‭ ‬خطابها‭ ‬الذى‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬قائم‭ ‬على‭ ‬التطرف‭ ‬والكراهية‭ ‬وتقويض‭ ‬استقرار‭ ‬المجتمعات‮»‬‭.‬
وفى‭ ‬ختام‭ ‬حديثه،‭ ‬أكد‭ ‬اللواء‭ ‬سمير‭ ‬فرج،‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يتجه‭ ‬نحو‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬جماعات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسى،‭ ‬وأن‭ ‬القرارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬بداية‭ ‬موجة‭ ‬أوسع‭ ‬قد‭ ‬تشمل‭ ‬دولاً‭ ‬أخرى،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬بريطانيا‭. ‬ويرى‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬ستكون‭ ‬المستفيد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التحول،‭ ‬لأنها‭ ‬دفعت‭ ‬الثمن‭ ‬الأكبر‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬التنظيم،‭ ‬وتحاول‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬إقناع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولى‭ ‬بخطورة‭ ‬ترك‭ ‬الجماعة‭ ‬تتحرك‭ ‬بغطاء‭ ‬قانونى‭ ‬وسياسى‭ ‬فى‭ ‬العواصم‭ ‬الغربية‭.‬
الدور‭ ‬البريطانى
وبين‭ ‬تزايد‭ ‬التشدد‭ ‬الأمريكى‭ ‬واحتمالات‭ ‬التحول‭ ‬البريطانى،‭ ‬يبقى‭ ‬المشهد‭ ‬مفتوحاً‭ ‬على‭ ‬تغيرات‭ ‬قد‭ ‬تعيد‭ ‬رسم‭ ‬خريطة‭ ‬حضور‭ ‬الجماعة‭ ‬عالمياً،‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الانتشار‭ ‬والتأثير‭ ‬فى‭ ‬مناطق‭ ‬متعددة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬والغرب‭.‬
وفى‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يقدم‭ ‬اللواء‭ ‬سيد‭ ‬الجابرى‭ ‬رؤية‭ ‬تحليلية‭ ‬ممتدة‭ ‬حول‭ ‬جذور‭ ‬الجماعة‭ ‬وطبيعة‭ ‬تطورها،‭ ‬وما‭ ‬يعتبره‭ ‬‮«‬الدور‭ ‬البريطانى‮»‬‭ ‬فى‭ ‬تشكيلها،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تقييمه‭ ‬للخطوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬الجماعة‭. ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬منذ‭ ‬نشأتها‭ ‬كانت‭ ‬كياناً‭ ‬غير‭ ‬قانونى،‭ ‬لم‭ ‬يخضع‭ ‬لشرعية‭ ‬التسجيل‭ ‬أو‭ ‬التنظيم‭ ‬الرسمى،‭ ‬وكان‭ ‬نشاطها‭ ‬الأول‭ ‬دعوياً،‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬الأخلاق‭ ‬والفضيلة‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الطابع‭ ‬لم‭ ‬يستمر‭ ‬طويلاً،‭ ‬إذ‭ ‬شهدت‭ ‬الجماعة‭ ‬‮«‬تحويراً‮»‬‭ ‬ممنهجاً‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى،‭ ‬لعبت‭ ‬فيه‭ ‬إنجلترا‭ ‬دور‭ ‬“العقل‭ ‬المدبر”‭ ‬خلال‭ ‬الحقبة‭ ‬الملكية،‭ ‬بهدف‭ ‬خلق‭ ‬انقسام‭ ‬عمودى‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والجماعة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فى‭ ‬سياق‭ ‬صراع‭ ‬النفوذ‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الاحتلال‭ ‬البريطانى‭. ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬بريطانيا‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬كيان‭ ‬سياسى‭- ‬دينى‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامه‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالحها‭ ‬وإضعاف‭ ‬الروابط‭ ‬الوطنية‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭.‬
وأضاف‭ ‬الجابرى‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬شخصيات‭ ‬بارزة‭ ‬داخل‭ ‬الجماعة،‭ ‬مثل‭ ‬عصام‭ ‬العريان،‭ ‬كانت‭ ‬عاملاً‭ ‬رئيسياً‭ ‬فى‭ ‬نقل‭ ‬الإخوان‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬للفضيلة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬سياسية‭ ‬منظمة،‭ ‬حاولت‭ ‬استغلال‭ ‬الخطاب‭ ‬الدينى‭ ‬والتأثير‭ ‬الوعظى‭ ‬لكسب‭ ‬قاعدة‭ ‬شعبية‭ ‬واسعة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭ ‬لم‭ ‬يتقبل‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬بسهولة،‭ ‬إذ‭ ‬بقيت‭ ‬قطاعات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬ترى‭ ‬الجماعة‭ ‬كياناً‭ ‬وعظياً‭ ‬وليس‭ ‬تنظيماً‭ ‬يملك‭ ‬رؤية‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬الدولة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يقر‭ ‬الجابرى‭ ‬بأن‭ ‬الجماعة‭ ‬استطاعت‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬وفى‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التى‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬البلاد،‭ ‬أن‭ ‬توظف‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬العقائدى‭ ‬للدخول‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬المشهد‭ ‬السياسى‭.‬
وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجماعة‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مفاصل‭ ‬الحكم‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬إذ‭ ‬حصدت‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬60‭% ‬من‭ ‬مقاعد‭ ‬مجلسى‭ ‬الشعب‭ ‬والشورى،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬الرئاسة‭. ‬لكنه‭ ‬يعيد‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الصعود‭ ‬السريع‭ ‬لم‭ ‬يدم‭ ‬طويلاً،‭ ‬بعدما‭ ‬اكتشف‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭ ‬تورط‭ ‬الجماعة‭ ‬فى‭ ‬‮«‬ممارسات‭ ‬متطرفة‮»‬،‭ ‬وخلطاً‭ ‬بين‭ ‬المصالح‭ ‬الشخصية‭ ‬والتنظيمية،‭ ‬وظهور‭ ‬حالات‭ ‬من‭ ‬المحاباة‭ ‬والمحسوبية‭ ‬داخل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬لافتاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬شعارات‭ ‬الجماعة‭ ‬وأدائها‭ ‬الفعلى‭ ‬اتسعت،‭ ‬وظهر‭ ‬عجزها‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬شئون‭ ‬الدولة،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬شعبيتها‭ ‬وانهيار‭ ‬حضورها‭ ‬السياسى‭.‬
وتوقف‭ ‬اللواء‭ ‬سيد‭ ‬الجابرى‭ ‬أمام‭ ‬لحظة‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالجماعة،‭ ‬واصفاً‭ ‬إياها‭ ‬بأنها‭ ‬بداية‭ ‬لانكشاف‭ ‬التنظيم،‭ ‬وتحول‭ ‬المواجهة‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬سياسية‭ ‬إلى‭ ‬أمنية‭ ‬وعسكرية،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬تصاعد‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬والشغب‭ ‬خلال‭ ‬التظاهرات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬دفع‭ ‬الدولة‭ ‬لاحقاً‭ ‬إلى‭ ‬تصنيف‭ ‬الجماعة‭ ‬كمنظمة‭ ‬إرهابية،‭ ‬وهو‭ ‬تصنيف‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سياسياً‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬استند‭ ‬إلى‭ ‬وقائع‭ ‬وأحداث‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬
وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬يرى‭ ‬الجابرى‭ ‬أن‭ ‬تصنيف‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬كمنظمة‭ ‬إرهابية‭ ‬يمثل‭ ‬اعترافاً‭ ‬دولياً‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تحذر‭ ‬منه‭ ‬مصر‭ ‬لسنوات‭ ‬هو‭ ‬حقيقة‭ ‬ثابتة،‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬مصر‭ ‬يصدقه‭ ‬العالم،‭ ‬لأنها‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬ثقل‭ ‬حضارى‭ ‬وسياسى‮»‬،‭ ‬لكنه‭ ‬يضيف‭ ‬أن‭ ‬المشهد‭ ‬الدولى‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً،‭ ‬إذ‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬إنجلترا‭ ‬هى‭ ‬العقل‭ ‬المفكر‭ ‬للجماعة،‭ ‬بينما‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬هى‭ ‬من‭ ‬ساعدتها‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬وقدمت‭ ‬لها‭ ‬السلاح‭ ‬والدعم‮»‬،‭ ‬ويعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يعكس‭ ‬تناقضات‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التى‭ ‬‮«‬تعمل‭ ‬لصالح‭ ‬الأنظمة‭ ‬وضدها‭ ‬فى‭ ‬آن‭ ‬واحد‮»‬‭.‬
ويشرح‭ ‬الجابرى‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكى‭ ‬تجاه‭ ‬الجماعة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فصله‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬واشنطن‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬ملفات‭ ‬الخليج‭ ‬أو‭ ‬غزة،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المجمع‭ ‬الصناعى‭ ‬العسكرى‭ ‬العالمى‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬الأزمات‭ ‬كى‭ ‬تبقى‭ ‬مصالحه‭ ‬قائمة،‭ ‬وأن‭ ‬دعم‭ ‬الميليشيات‭ ‬بالسلاح‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬المعقدة‭. ‬لكنه‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬تصنيف‭ ‬واشنطن‭ ‬للجماعة‭ ‬يمثل‭ ‬نقطة‭ ‬تحول،‭ ‬لأنه‭ ‬يخرجها‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬السياسى‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ويضعها‭ ‬فى‭ ‬‮«‬القائمة‭ ‬السوداء‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬أوسع‭ ‬ضدها‭.‬
ويضيف‭ ‬الجابرى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬هو‭ ‬‮«‬البداية‭ ‬الحقيقية‭ ‬لعزل‭ ‬المتطرفين‮»‬‭ ‬لمدة‭ ‬قد‭ ‬تمتد‭ ‬بين‭ ‬30‭ ‬و40‭ ‬عاماً‭ ‬—‭ ‬وهى‭ ‬دورة‭ ‬أجيال‭ ‬كاملة‭ ‬—‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬فى‭ ‬محو‭ ‬أثر‭ ‬الجماعة‭ ‬الفكرى‭ ‬والتنظيمى‭. ‬ويختم‭ ‬بتأكيد‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬الدولة‭ ‬إجراءات‭ ‬إضافية،‭ ‬أبرزها‭ ‬منع‭ ‬تأسيس‭ ‬أى‭ ‬أحزاب‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬دينى،‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬عودة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬إلى‭ ‬المشهد‭ ‬السياسى‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬
مسألة‭ ‬سياسية
أكد‭ ‬الدكتور‭ ‬رأفت‭ ‬فودة،‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬بكلية‭ ‬الحقوق‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة،‭ ‬أن‭ ‬أى‭ ‬تصنيف‭ ‬لجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬كـ«منظمة‭ ‬إرهابية‮»‬‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬تتمتع‭ ‬بسيادة‭ ‬قانونية‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬تتعلق‭ ‬بتصنيف‭ ‬الجماعات‭ ‬وفق‭ ‬مصالحها‭ ‬الوطنية‭ ‬والقانونية‭.‬
وأوضح‭ ‬فودة،‭ ‬فى‭ ‬حديثه‭ ‬لـ«الوفد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬تصنيف‭ ‬الجماعة‭ ‬إرهابياً‭ ‬تظل‭ ‬فى‭ ‬جوهرها‭ ‬مسألة‭ ‬سياسية،‭ ‬وليست‭ ‬قاعدة‭ ‬قانونية‭ ‬ثابتة‭ ‬يمكن‭ ‬تعميمها،‭ ‬لكنها‭ ‬تحمل‭ ‬أبعاداً‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مهمة،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬حال‭ ‬توجه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نحو‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفيدرالى‭. ‬وفى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬يمكن‭ ‬لحلفاء‭ ‬إقليميين‭ ‬ذوى‭ ‬نفوذ‭ ‬دبلوماسى‭ ‬أن‭ ‬يسهموا‭ ‬فى‭ ‬تعميم‭ ‬التصنيف‭ ‬دولياً،‭ ‬واتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬ملموسة‭ ‬ضد‭ ‬الجماعة‭.‬
وأشار‭ ‬الخبير‭ ‬القانونى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الجماعات‭ ‬الوطنية‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬قانونها‭ ‬الداخلى‭ ‬أحياناً‭ ‬متعارضاً‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬تصنيفها‭ ‬كمنظمة‭ ‬إرهابية‭. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬رأت‭ ‬واشنطن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬يصب‭ ‬فى‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬تتجاوز‭ ‬أى‭ ‬عقبات‭ ‬قانونية‭ ‬أو‭ ‬تنظيمية‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭.‬
وحول‭ ‬الدوافع‭ ‬الإقليمية،‭ ‬رأى‭ ‬فودة‭ ‬أن‭ ‬خطوة‭ ‬التصنيف‭ ‬قد‭ ‬تأتى‭ ‬فى‭ ‬سياق‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس،‭ ‬أو‭ ‬نتيجة‭ ‬لضغوط‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مصرية‭ ‬تستهدف‭ ‬محو‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬الإقليمى،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين–‭ ‬المصرى‭ ‬والإسرائيلى–‭ ‬لهما‭ ‬مصالح‭ ‬استراتيجية‭ ‬فى‭ ‬تصنيف‭ ‬الجماعة‭ ‬إرهابياً‭.‬
ولفت‭ ‬فودة‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬المحتمل‭ ‬لبعض‭ ‬الولايات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مثل‭ ‬تكساس‭ ‬وفلوريدا،‭ ‬فى‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الولايات‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬المؤثرة‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وتتمتع‭ ‬بعلاقات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬الجاليات‭ ‬اليهودية،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يسهم‭ ‬فى‭ ‬الضغط‭ ‬السياسى‭ ‬والدبلوماسى‭ ‬لإقرار‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفيدرالى‭.‬