تسلل
دخل صديقى متجهماً كئيباً عابساً، زاد عمره سنوات رغم أنه لم يمر سوى أسبوع على آخر لقاء بيننا.. سألته ماذا بك قال جئت من شقة سكنى «الإيجار» وودعتها، وعلى ما يبدو لن أعود لها ثانية!
ماذا حدث؟ قال: ذهبت لسداد الإيجار الشهرى بعد زيادته الأخيرة قبل 3 شهور 250 جنيه، وفوجئت بالمالك يطلب منى الإيجار الشهرى بعد الزيادة «1500» جنيه مع فوارق الشهور الثلاثة مع بدء الزيادة بمجموع(5.250).. وبعد أن كان يسدد للمالك شهريا 150 جنيهاً فقط، بات يسدد شهرياً 1500 «عشرة أضعاف» باعتبارها منطقة متوسطة، رغم أنها من منظور العامة والخاصة والأغنياء والفقراء أقل من المستوى الاقتصادى، فالمنطقة شعبية، وداخل حارة، وبعيدة عن الميادين والشوارع الرئيسية والمناطق الحيوية، وجاذبة للمخدرات منذ سنوات.
ولماذا لم تقدم تظلماً؟ قال: توجهت للمحافظة وقال المسئول « ما تتعبش نفسك» نحن جهة تنفيذية ولن نستطيع تغيير أى قيمة، الحل بإسكان المحافظة، وهناك المهندسة مشكورة قالت: اذهب للحى التابعة له الشقة، حيث إن لجنة فض المنازعات تناقش أى تظلمات بعد المراجعة والدراسة، ولن تسدد أى إيجار حتى يتم البت فى الشكوى.
وفى الحى قال المسئول: لا توجد تظلمات ياسيدى ولم يصلنا أى شىء! قلت له: هل ممكن أعرف شقتى تابعة لأى فئة.. وبدلاً من أن يفتح خريطة التقسيم المفترض تكون أمامه قال: مفيش حاجة معنا هتفيدك، إلّا إذا قمت بعمل «لوكيشن وإحداثيات» على «الموبايل» وترسلها لنا، فذهبت وعملت الإحداثيات بجانب تصوير الموقع كله بالكاميرا حتى يرى ما لا يراه من اللوكيشن! فكانت المفاجأة أن الشقة «متوسطة» وليست اقتصادية وبالتالى سعرها ليس 500 جنيه بل 10 أضعاف أى 1500 لأن عقد الإيجار 150 جنيهاً.. والشقة لو بيأجرها المالك إيجار جديد لن تصل لهذا المبلغ!!
استطرد صديقى قائلاً: وبعد هذا الماراثون بين شرق وغرب وشمال وجنوب المحافظة لم أصل لشىء.. تصرخ.. تصوت.. تضرب رأسك بالحيطة.. يا جماعة حد يجى معايا ويشوف الشقة.. لن يجيبك أحد؟!
سألت صديقى.. ما معايير وفوارق الشقة المتوسطة والاقتصادية قال: الاقتصادية حددتها لجان التقييم ويسدد فيها المستأجر 500 جنيه، معدومة المياه والصرف الصحى والمدارس والخدمات؟!
أجبته.. كيف أدفع خمسمائة جنيه فى وحدة سكنية ينقصها جانب خدمى واحد من ضروريات الحياة.. لا فرق بينها ومن يقيم وسط المقابر!
قال: عدت للمالك وسألته.. ممكن نقسط الإيجار فرد: لو اتأخرت يومين بس سأخرجك نهائياً من الشقة بحكم القانون.. فرفعت الرايا ووعدته بتقديمها هدية له لترتاح حكومتنا الموقرة..! وعليه العوض فى الخلو ومقدم ماحصل عليه وعاد بمنافع مالية كبيرة، بجانب الإيجار الشهرى.
ياصديقى المشكلة إنى على المعاش، ومعاشى 3300 أسدد نصف معاشى إيجار؟! والكهرباء متوسطها 500 جنيه فى الشتاء، وأنبوبة الغاز وصلت 300 جنيه بتكفى نصف شهر، والنت اللى كان 140 جنيه أصبح شهرياً 750 جنيهاً بسبب وجود أولاد.. كل ده ولسه الأكل والشرب والمدارس وخلافه؟!
نظر صديقى نظرة ألم وحيرة.. وقال ماذا أفعل.. قلت له: حسبنا الله ونعم الوكيل!