قطوف
أحلام
من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.

وفى يوم كبقية الأيام، استيقظت أحلام من سبات عميق على شعاع الشمس الذى اقتحم سكينتها عبر النافذة الزجاجية واستقر على وجنتيها. وما لبثت أن فتحت عينيها حتى أصابها الذعر، ازدادت حدقا عينيها اتساعا وظلتا تجوبان المكان.
وتساءلت أحلام:
ما هذا المكان؟ هذا ليس بيتى وليست تلك شرفتى، أين مكتبي وخزانة ملابسى؟
ما هذا الجلباب الذى أرتديه؟
من ألبسنى إياه؟
أين أنا؟ هل ما زلت نائمة ويراودنى حُلم لا يلبث أن ينتهى؟
شردت أحلام لدقائق لا تعلم مدتها حتى استفاقت على شاب وسيم يدفع باب الحجرة فى عجلة مخاطبا إياها: (ماما أنا نازل عايزة حاجة؟)
كادت أحلام أن يُغشي عليها ... ماما؟
أنا؟
كيف ينادينى بماما وأنا فى مثل عمره؟
حاولت النهوض وبالكاد استطاعت ساقاها أن تحملاها استرعى انتباهها ذلك البرواز المثبت على الجدار فى الجهة المقابلة للسرير، فهرولت إليه وتسمرت فى مكانها عندما وجدت نفسها فى الصورة ترتدى ثوب زفاف وبجوارها شخص لا تعرفه. تحشرجت الكلمات فى حلقها وهرعت تتجول فى ردهة طويلة كطول الجاثوم الذى أطبق عليها، آملة أن تجد لها مخرجا منه، وفجأة مرت بجوارها فتاة يافعة ارتطمت بكتف أحلام المذهولة من شدة اندفاعها، وخاطبتها قائلة:
(ماما أنا اتأخرت هرجع وآخدك للدكتور شكلك مش عاجبنى).
كادت أحلام أن تسقط أرضا لولا أنها ارتطمت بكرسي فهوت عليه تتساءل:
أين أنا؟ من هؤلاء؟
أين أبى وأمى؟ أين إخوتى ورفقتى؟
أين عمرى؟
ظلت تتساءل لدقائق مرت ثقيلة ولا مجيب
وتاهت فى نوبة سبات جديدة
هنالك سمعت صوتا خفيضا لا تعلم مصدره يناديها قائلا :
هيهات يا أحلام
فقد ضاع العمر وغدا أحلامًا.