رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

إدارة ترامب تتحرك لإلغاء سياسات المناخ

بوابة الوفد الإلكترونية

في خطوة تعكس التحول الجذري الذي تشهده الولايات المتحدة مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أعلنت وزارة النقل عن خطة جديدة تهدف إلى إلغاء جانب مهم من سياسات المناخ التي أقرّتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن. 

المقترح الجديد، الصادر عن الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة، يهدف إلى خفض معايير كفاءة استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات الخفيفة بدءًا من طرازات عام 2031، ليصل المتوسط إلى 34.5 ميل لكل جالون فقط، مقارنةً بالمعيار الحالي البالغ 50.4 ميل الذي تبنّته إدارة بايدن لدفع المستهلكين نحو السيارات الكهربائية.

هذا التغيير ليس مفاجئًا، إذ بدأ المسار فور تولّي ترامب منصبه. ففي اليوم التالي مباشرة لأداء وزير النقل شون دافي اليمين، أصدر أوامر بمراجعة شاملة لمعايير كفاءة استهلاك الوقود.

 ومنذ ذلك الحين، اتخذت الإدارة الجديدة خطوات متتالية لإعادة تشكيل السياسة البيئية، كان أبرزها إلغاء الإعفاء الضريبي لشراء السيارات الكهربائية خلال الصيف، وهي خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط البيئية والاقتصادية على حد سواء.

لكن المفارقة أن هذا التحول يأتي في وقت تتسابق فيه شركات صناعة السيارات حول العالم لتطوير سيارات كهربائية أكثر كفاءة وجاذبية. ففي أوروبا وآسيا، تطلق الشركات طرزًا جديدة بتقنيات متقدمة وحلول مبتكرة للقيادة الذكية. إلا أن العديد من هذه الطرز لن تصل إلى السوق الأمريكية بسبب الرسوم الجمركية وسياسات الإدارة الجديدة التي تحدّ من دخول السيارات الكهربائية الأجنبية.

وبحسب إعلان ترامب، فإن خفض معايير كفاءة الوقود سيؤدي إلى تقليل متوسط تكلفة السيارة الجديدة بما يقارب 1000 دولار، الأمر الذي تقول الإدارة إنه سيخفّف العبء على المستهلكين ويوفر نحو 109 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.

 إلا أن هذا الطرح يواجه انتقادات واسعة من خبراء المناخ والاقتصاد، الذين يرون أن الحسابات المالية المطروحة لا تأخذ في الاعتبار التكاليف المستقبلية الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود، خاصةً إذا نجحت وكالة حماية البيئة في إلغاء قرارها السابق الذي اعتبر أن تغيّر المناخ يسبب ضررًا مباشرًا للبشر.

ولا يقف الجدل عند حدود الأسعار، إذ يحذر علماء المناخ من أن تخفيض معايير الكفاءة سيؤدي إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، ما يعمّق أزمة الاحتباس الحراري ويمهد لمزيد من الكوارث الجوية. وتؤكد الدراسات أن الولايات المتحدة تواجه بالفعل ارتفاعًا في وتيرة الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات، وهي كوارث تكلّف الاقتصاد مليارات الدولارات سنويًا، فضلًا عن الخسائر البشرية التي تتزايد عامًا بعد عام.

ويبدو أن هذه المواجهة بين السياسات المناخية والاعتبارات الاقتصادية ستستمر في رسم الخطاب السياسي الأمريكي خلال السنوات المقبلة. فبينما ترى إدارة ترامب أن خفض معايير كفاءة الوقود قرار ضروري لدعم الصناعة المحلية وتخفيف الأعباء عن المستهلك، يصرّ الخبراء والبيئيون على أن تجاهل الآثار المناخية سيجعل تكلفة الأزمات الطبيعية أعلى بكثير من أي توفير قصير المدى في أسعار السيارات.

وفي ظل هذا السجال، تستمر الولايات المتحدة في الابتعاد عن المسار العالمي نحو التحول الأخضر، في الوقت الذي تتحرك فيه القوى الاقتصادية الكبرى لاعتماد مصادر طاقة نظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. وبينما يتوقع المراقبون أن تتسع الهوة بين السوق الأمريكية ونظيراتها الأوروبية والآسيوية في مجال السيارات الكهربائية، يبقى السؤال الأبرز: هل يمكن للاقتصاد الأمريكي تحمّل تبعات العودة إلى سياسات الوقود التقليدي في عالم يتجه بقوة نحو الطاقة النظيفة؟

المشهد لا يزال مفتوحًا على احتمالات عديدة، لكن المؤكد أن القرار الجديد سيشعل نقاشًا محتدمًا حول مستقبل صناعة السيارات، ودور الحكومة الفيدرالية في حماية المناخ، والحدود الفاصلة بين دعم الاقتصاد والحفاظ على كوكب قابل للعيش.