رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

وسط توترات جيوسياسية عالمية

«بوتني» و«مودى» يتفقان على ربط روسيا والهند بالواليات املتحدة والصني

بوابة الوفد الإلكترونية

يجرى بوتين زيارة محورية إلى دلهى فى لحظة شديدة الاضطراب تمر بها روسيا والهند معا. فالعالم الذى استقبلهما خلال لقائهما الأخير قبل أربع سنوات كان مختلفًا تمامًا. فى زيارة بوتين القصيرة عام 2021 التى فرضت قيود الجائحة اختصارا لساعاتها القليلة، ناقش الزعيمان التعاون الاقتصادى والعسكرى وأكدا متانة العلاقة بين البلدين. لكن بعد ثلاثة أشهر فقط انقلب المشهد العالمى مع الغزو الروسى الشامل لأوكرانيا، الذى جعل بوتين منبوذا دوليا وقيد بشدة تحركاته الخارجية.

كانت تلك الزيارة أيضا سابقة على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهى عودة قلبت علاقات واشنطن مع دلهى رأسا على عقب بفعل خطاب عدائى ورسوم جمركية قاسية أغرقت الهند فى ارتباك سياسى واقتصادي. وفى ظل هذا المشهد المشحون، بدت زيارة بوتين الحالية للهند حدثا جيوسياسيا يتجاوز طابعها البروتوكولي. إذ يرى محللون أنها تحمل رسالة واضحة بأن موسكو ونيودلهى لن تخضعا لضغط واشنطن، وأن التحالف بينهما ما زال قائمًا رغم كل التوترات الدولية.

تصل القمة فى لحظة مفصلية للطرفين. بوتين يصل إلى الهند بعدما رفض أحدث المقترحات الأمريكية للسلام فى أوكرانيا، مشتدا بما تعتبره موسكو تقدما ملموسا على الجبهة. ويقول بيتر توبيتشكانوف من معهد ستوكهولم لأبحاث السلام إن مجرد حدوث الزيارة يشكل مؤشرا على محاولة روسيا استعادة مظهر العلاقات الطبيعية مع العالم، مؤكدا أن موسكو لم تعد ترى العزلة السياسية تهديدا يستدعى الحذر. بحسب الجارديان البريطانية 

أما الهند فتجد نفسها فى وضع أشد حساسية. حيث تواجه، كما وصفت أبارنا باندى من معهد هدسون، أسوأ بيئة جيوسياسية منذ سنوات وسط واشنطن شبه المنعزلة، وموسكو الأضعف، وبكين الصاعدة بقوة متزايدة. وعلى هذا المسرح الحرج نشرت ثلاثة وفود أوروبية كبرى مقالا مشتركا فى صحيفة تايمز أوف إنديا عشية وصول بوتين بعنوان روسيا لا تبدو جادة بشأن السلام، ما دفع وزارة الخارجية الهندية إلى رد صارم اعتبرت فيه النص تجاوزا للأعراف الدبلوماسية.

وتعود العلاقة الهندية الروسية إلى زمن الحرب الباردة، ولا تزال موسكو أكبر مورد سلاح لنيودلهي. ورغم أن الغرب تغاضى طويلا عن هذا التحالف حتى بعد حرب أوكرانيا، فإن ترامب تعامل معه بمنطق مختلف تماما. فقد اتهم الهند علنا بتمويل الحرب الروسية بسبب شرائها الضخم للنفط الروسى بأسعار مخفضة، وفرض رسوما جمركية إضافية بنسبة 25% على الواردات الهندية، ما أدى إلى أسوأ تراجع فى العلاقات بين البلدين منذ سنوات. هذه الضغوط دفعت الهند إلى تعزيز استراتيجيتها التقليدية القائمة على توزيع رهاناتها على أكثر من محور، واستخدام علاقاتها مع القوى المختلفة كأدوات توازن.

وقد ظهر ذلك بوضوح فى القمة التى جمعت مودى وبوتن وشى جين بينغ قبل أشهر، حين ظهر القادة الثلاثة متشابكى الأيدي، ما أثار استياء البيت الأبيض. ومع ذلك، تشير باندى إلى أن البعد الأهم بالنسبة للهند هو الصين التى تراها نيودلهى التهديد الأكبر لأمنها القومي. ولذلك ظلت روسيا منذ الحقبة السوفيتية عنصر توازن أساسى فى مواجهة بكين. لكن التقارب الروسى الصينى المتزايد يثير قلق الهند، التى تحاول من خلال الحفاظ على علاقة متماسكة مع موسكو منع انزلاق روسيا بالكامل نحو الصين، وضمان دورها كوسيط ضغط على بكين عند الحاجة.

وفى الوقت نفسه تعمل الهند على تقليص اعتمادها العسكرى على روسيا. فبعدما كانت مشتريات السلاح الروسى تمثل 70% من واردات الدفاع الهندية، انخفضت هذه النسبة إلى أقل من 40% خلال أربع سنوات. ومع ذلك يبقى ملف التسليح فى صلب المباحثات، خصوصا أنظمة الدفاع الجوى S-400 وطائرات سوخوى Su-57، إذ تسعى نيودلهى إلى تحقيق توازن دقيق يضمن استمرار التحالف دون الوقوع فى تبعية يمكن أن تنقلب عليها فى حال خضوع موسكو لضغط صيني.