رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

يا خبر

كنت قد كتبت قبل أسابيع أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إذا استشعر أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو سيكون حجر عثرة أمام أهدافه وخططه ومشاريعه فى المنطقة والعالم؛ لن يتردد فى التخلى عنه وإلقائه فى أقرب هامش سياسي، وهذا بالطبع ليس معناه أن ترامب سيتخلى عن إسرائيل، فالتزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل شيء أشبه بالدستور الأمريكى سواء كان الرئيس جمهوريا أو ديمقراطيا، ولكن الولايات المتحدة الآن يحكمها رئيس من طراز براجماتى خاص، يدير شؤون حكمه بالخطط والصفقات الواحدة تلو الأخرى ويطمح فى أن يملك العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.

فى الفترة الأخيرة وتحديدا بعد توقيع اتفاق غزة فى شرم الشيخ، بدأ ترامب نفسه يكشف حيل نتنياهو التى مارسها لعدم اتمام الخطة والانقلاب على الاتفاق بخروقات واضحة وفاضحة والتوغل فيما أسماه نتنياهو بالخط الأصفر ناهيك عن التوغل الإسرائيلى فى الأراضى السورية واللبنانية، المشهد برمته يقول أن نتنياهو يمارس «بلطجة سياسية» فى المنطقة وهذا يسبب حرجا شديدا للولايات المتحدة أمام العالم ويظهرها فى موقف المتفرج، بما يتعارض مع حديث ووعود وتعهدات ترامب، ومن ثم قرر الأخير أن يتخذ موقفا معلنا تجاه ممارسات نتنياهو الأخيرة.

فى محادثتهما الهاتفية الأخيرة قبل أيام ركز الرئيس ترامب بشكل كبير على غزة وسوريا، وبحسب موقع إكسيوس الأمريكى ضغط ترامب على نتنياهو لتغيير مساره فى غزة، قائلا له: «ينبغى أن تكون شريكًا أفضل» فى تنفيذ اتفاق السلام، وسأل ترامب نتنياهو: لماذا تقتلون عناصر حماس المحاصرين فى الأنفاق فى المناطق التى تسيطر عليها إسرائيل فى غزة بدلاً من السماح لهم بالاستسلام؟.. وكان رد نتنياهو على ذلك قائلا إن السبب هو «أنهم مسلحون وخطيرون»، كانت الولايات المتحدة قد توسطت فى اتفاق بين إسرائيل وحماس، يقضى بمنح عناصر حماس المحاصرين عفوًا حال استسلامهم، ورأت إدارة ترامب فى ذلك نموذجًا محتملًا لنزع سلاح حماس.

زاوية أخرى من الخلاف -الذى بات معلنا- بين ترامب ونتنياهو أنه بينما يواصل الرئيس الأمريكى تأكيد رغبته فى استقرار سوريا ونجاحها وسعيه لتوقيع اتفاق أمنى بينها وبين إسرائيل، تواصل الأخيرة توغلاتها العسكرية فى الأراضى السورية، وتجول نتنياهو بنفسه مع كبار مسئوليه فى الأراضى السورية كما لو أنها أرض مستباحة، فى ما يعكس شعور نتنياهو بالقوة وأن سوريا لا تمثل أى تهديد له، وأن الرئيس الأمريكى بحاجة إليه فى معركته الانتخابية ضد الديمقراطيين، ومن ثم لن تتخلى واشنطن عنه، لكن ما لم يحسبه نتنياهو أن ترامب شخص غير متوقع وقد يصعد ضد نتنياهو فى أى وقت، فترامب يريد مساعدة سوريا كجزء من تقوية تحالفه مع تركيا والمملكة العربية السعودية، لكنه فى الوقت نفسه يريد من نتنياهو أمورا أخرى تتعلق بقطاع غزة وبيع مقاتلات «إف-35» لكل من أنقرة والرياض، فضلا عن حاجته لدعم مؤيدى إسرائيل داخل الولايات المتحدة، وكلها أمور تدفعه فى البداية إلى تجريب محاولة الإقناع قبل الانتقال إلى الضغط، لكنه لن يتردد فى الضغط عندما يكون السبيل الوحيد لضبط المعادلة، لاسيما بعدما طالب نتنياهو بجعل المساحة بين دمشق وبداية المنطقة التى تسيطر عليها إسرائيل فى جنوبى سوريا منزوعة السلاح، مؤكدا أنه لن ينسحب مطلقا من الأراضى التى دخلها بعد سقوط بشار الأسد، وأن أى اتفاق مع السوريين «لن يدفع تل أبيب للتخلى عن مبادئها».

فى البداية أعتقد ترامب أن نتنياهو يريد إجبار السوريين على توقيع اتفاق أمنى بشروطه، لكنه فوجئ لاحقا أنه يريد فرض رؤيته على شكل سوريا الجديدة مع نزع سلاح المسافة بين دمشق والأراضى التى احتلها مجددا، فنتنياهو لا يريد اتفاقا فى سوريا ولا فى لبنان، وهو يحاول الآن افشال اتفاق غزة الذى ندم عليه لأسباب داخلية بحتة، فى حين يستعد ترامب للضغط على نتنياهو خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن لتوقيع اتفاق أمنى مع سوريا، وهو عازم على إلزامه به، كما سبق أن ألزمه باتفاق فى غزة، لكنه فى هذا الملف سيكون بحاجة لممارسة أضعاف الجهد الذى بذله من أجل اتفاق غزة، والبديل سيكون حرق ورقة نتنياهو وإلقائه فى أقرب هامش سياسى حتى لا تقوم له قائمة بعد، وهذا بالمناسبة بديل لم يعد مستبعدا.