رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

خارج المقصورة

 

الهدوء والسلام والثقة من سمات التصالح مع النفس، والوصول إلى درجة الرضا عن الذات لا يمتلكها كثيرون.. محبة الآخرين لا تصدأ ويظل بريقها دائما فى النفوس، لأنها الراحة الكبرى، فى كلامه وتصرفاته مع الآخرين هو خادم لهم، كانت ملامحه تعكس رقيًّا داخليًا، وكأن الحياة اختارته ليكون طبيبًا للنفوس قبل أن يصبح رقيب.. أراد الطب، لكن الأقدار رسمت له دربًا آخر، ومع ذلك ظل يحمل قلب الطبيب أينما ذهب، فما أجمل أن تكون شخصًا كلما يذكرك الآخرون يبتسمون وللمحبة دائما أساس.. هكذا كان الدكتور سيد عبدالفضيل الذى ظل سنوات طويلة رئيسا للإدارة المركزية بالرقابة المالية، قبل أن يكون نائبا لرئيس قطاع الإشراف والرقابة على التمويل غير المصرفى.

عرفته منذ أكثر من اثنين وعشرين عامًا، مع عملى فى سوق المال، كان متفانيًا فى عمله، محبًا للنظام، حريصًا على تطوير منظومة الرقابة، مخلصًا فى كل تفصيل. كان مكتبه يعجّ بالوجوه الباحثة عن مشورته، كأنه منبر علم أو محراب إخلاص، ولا عجب أن أطلق عليه زملاؤه لقب «شيخ البلد»، فالجميع قصده كما يُقصد الحكماء فى الشدائد.

لم يكن طريقه مفروشًا بالورود. كان يحلم بدراسة الطب، وكاد أن يحقق حلمه، لكن والده والقدر اختارا له طريق التجارة. فاحتضن هذا المسار بكل شغف حتى نال درجة الدكتوراه. وعندما تخرّج فى كلية التجارة الخارجية بتفوق، تقدّم للعمل فى هيئة سوق المال مطلع التسعينيات، غير أن الأبواب أوصدت فى وجهه، بفعل الواسطة، رغم تفوقه وكفاءته. لكنه لم يستسلم. كتب تلغرافًا إلى رئيس سوق المال آنذاك، محمد فج النور، بكلمات لا تُنسى: «أنا الأحق».. وعلى استعداد لمناظرة أى من المتقدمين. كانت كلماته صادقة لدرجة جعلت الردّ يأتى سريعًا، فتصدر قائمة المقبولين.

بدأ رحلته فى عالم سوق المال الذى لطالما اعتبره بيته الأول، فكان الانطلاقة من شغفٍ حقيقى بالعمل، ترجمَهُ إلى مسيرة مهنية حافلة بالخبرات والإنجازات. ومع مرور السنوات، تراكم لديه خبرة واسعة أهلته لأن يتولى رئاسة الإدارة المركزية للتمويل، ليواصل من موقعه هذا مسيرة النجاح، ويقود مع زملائه رؤية استراتيجية متكاملة ارتكزت على التطوير والتحديث والابتكار، من بينها تطوير قاعدة بيانات متكاملة، وحفظ المعلومات إلكترونيًا لضمان أعلى درجات الكفاءة والشفافية، إلى جانب المساهمة فى صياغة تشريعات السندات المتنوعة، سواء المصنفة أو سندات الإيرادات وغيرها من الأدوات المالية الحديثة.

ولم يتوقف شغفه عند هذا الحد، إذ كان من أكثر الداعمين لفكرة إنشاء إدارة متخصصة بالصكوك، ذلك الملف الذى شكّل بالنسبة له قضية عمره ومجال إبداعه الحقيقى. وبفضل جهوده المتواصلة وإيمانه الراسخ بأهمية هذا القطاع، نجح فى أن يرى أحلامه تتحقق واقعًا، ليكون شاهدًا على إنجاز طالما حلم به وسعى لتحقيقه، جامعًا بين الرؤية والخبرة والإصرار على التطوير.

< ياسادة.. رحل الدكتور سيد عبدالفضيل كما عاش.. فى هدوءٍ وسلام. لم يُحدث ضجيجًا عند المغادرة، وكأنه يردد وصيته الأخيرة «عشت فى سلام.. وغادرت دون ضجيج».. لكن ما لم يعلمه، أن رحيله لم يكن صامتًا فى قلوب من أحبوه. ترك وراءه وجعًا نبيلًا، وذكرى لا تُمحى.. وابتسامة خالدة كلما ذُكر اسمه.